أكد أنَّ استجابة الحكومة لأسئلة الأعضاء تعزز مسيرة العمل التنموي

رئيس "تشريعية الشورى" لـ"الرؤية": تجاوب الوزراء مع الأدوات الرقابية للمجلس "ضعيف"

◄ النظام الأساسي للدولة يتيح أداتين رقابيتين.. و6 أخريات متضمنة في "لائحة المجلس"

◄ ينبغي على الوزير الحضور إلى الجلسة العامة للرد على الأسئلة البرلمانية.. لكن هذا لا يحدث

◄ أعضاء المجلس يسعون للقيام بدورهم في مراقبة الأداء الحكومي

◄ نأمل أن يرى "مشروع قانون مجلس عُمان" النور لتنظيم العلاقة بين المجلس والحكومة

◄ الفساد مِعول هدم للدول والشعوب.. ومكافحته مسؤولية الجميع

◄ يجب إلزام جميع المسؤولين الحكوميين بتقديم "إقرار الذمة المالية"

◄ الأيام المقبلة "حُبلى" بمشاريع قوانين لتحديث منظومة التشريعات والقوانين

◄ "الجلسة السرية" تتماشى مع النظام الأساسي للدولة

◄ عدم الاعتماد النهائي لأرقام الميزانية السبب الرئيس وراء عقد "الجلسة السرية"

 

شدَّد سعادة الدكتور مُحمَّد بن إبراهيم الزدجالي رئيس اللجنة التشريعية والقانونية بمجلس الشورى، على أهميَّة تفعيل مبدأ المحاسبة والمساءلة القانونية في كافة القطاعات والمؤسسات؛ لتحقيق مبدأ النزاهة والشفافية؛ ترجمةً لما ورد في الخطاب السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- عندما أكد أنَّ "العمل مستمر في مراجعة الجوانب التشريعية والرقابية، وتطوير أدوات المساءلة والمحاسبة؛ لتكون ركيزة أساسية من ركائز عُمان المستقبل، مُؤكدين على أهميتها الحاسمة في صون حقوق الوطن والمواطنين، ودورها في ترسيخ العدالة والنزاهة، وستحْظى هذه المنظومةُ برعايتنا الخاصة بإذن الله تعالى".

وأعرب سعادته -في حوار خاص مع "الرؤية"- عن أمله في مزيد من تفعيل أدوات المحاسبة والمساءلة خلال المرحلة المقبلة؛ استلهاما من التوجهات السامية لحضرة صاحب الجلالة السلطان المعظم -حفظه الله ورعاه- في هذا الجانب. وحث على ضرورة تكاتف جهود الرقابة والمساءلة وعدم "تشتتها"، مضيفا أنَّ الأدوات الرقابية للمجلس كافية، لكنها تحتاج إلى تفعيل واستجابة أكبر من أعضاء الحكومة، وفق إطار تشريعي مُنظِّم لها؛ من خلال قانون نافذ وملزم لجميع الأطراف، وليس استنادا إلى اللائحة الداخلية للمجلس.

الرؤية - مريم البادية

تصوير/ راشد الكندي

الزدجالي مع محررة الرؤية.JPG
 

وقال سعادته إنَّ مبدأ المساءلة والمحاسبة يأتي في إطار محور الحوكمة والبناء المؤسسي ضمن الرؤية المستقبلية "عُمان 2040"؛ حيث تعد إحدى أبرز الركائز الأساسية التي تقوم عليها هذه الرؤية. وأضاف الزدجالي أنَّه من خلال هذا المنطلق فإنَّ مجلس الشورى يحظى بصلاحيات رقابية تُجيز له مراقبة الأداء الحكومي، موضحا أنها 8 أدوات تشمل: البيان العاجل؛ حيث يتقدَّم به أحد الأعضاء ويلقيه في إحدى الجلسات العامة للمجلس، ويكون موجَّها للحكومة ويستهدف مصلحة عامة، وأيضا أداة طلب الإحاطة؛ حيث يحق لكل عضو أن يطلب من الحكومة إحاطته علما بأمر له أهمية عاجلة يدخل في اختصاص الجهة التي وجه إليها، وكذلك أداة إبداء رغبة؛ حيث يحقُّ لكل عضو أن يطلب موافقة المجلس في إبداء رغبة للحكومة في تطوير الخدمات وتعزيز التنمية. وتابع الزدجالي مُفصِّلا الأدوات الرقابية، وقال: إنَّ من بين الأدوات أيضا أداة السؤال البرلماني؛ حيث يحق للعضو توجيه سؤال لأحد الوزراء أو من في حكمهم، ويقصد به أن يستفهم العضو من الوزير عن واقعة وصلت له، أو يستفهم عن نية لدى الحكومة عن أمر من الأمور، وكذلك أداة طلب المناقشة؛ حيث يتقدم 5 أعضاء من المجلس بطلب مناقشة حول موضوع معين يدخل في اختصاص الجهة الموجه إليها. وأوضح أنَّ من بين الأدوات أداة "البيان الوزاري"، وهي أنْ يأتي الوزير ويقدم بيانه الوزاري ثم تتمُّ مناقشته من قبل الأعضاء، وعادة ما تكون مناقشته في جلسة تستمر يومين. ولفت إلى نوع آخر من الأدوات الرقابية، وهي لجنة تقصي حقائق، وتنشأ هذه اللجنة من خلال طلب موقع من 10 أعضاء، بهدف إجراء تقصٍّ حول واقعة معينة، في حين أن الأداة الرقابية الثامنة تتمثل في الاستجواب؛ ويقصد بها أنه في حالة مخالفة أحد الوزراء للخدمات يحق لـ15 عضوا أن يتقدموا بطلب استجواب للوزير.

تجاوب ضعيف

غَيْر أنَّ الزدجالي أوضح أنَّ هذه الأدوات لا تجد التجاوب من الحكومة، لافتا إلى أن 6 من هذه الأدوات وردت في اللائحة الداخلية للمجلس، وصدرت من خلال قرار رئاسة المجلس رقم 1/2012، بينما أداتان وردتا في النظام الأساسي للدولة. ولا يتفق سعادته مع الطريقة التي تسير عليها أداة السؤال البرلماني؛ حيث يقول إنه لا ينبغي الاكتفاء بأن يرد الوزير كتابيًا على أسئلة العضو؛ بل يجب أن يحضر بنفسه إلى المجلس في جلسة عامة للاجابة عن الاسئلة المطروحة، وذلك لضمان تحقيق مصداقية وشفافية أكبر.

وأشار سعادة الدكتور محمد بن إبراهيم الزدجالي إلى أداة طلب المناقشة، وهي عبارة عن تبادل الرأي مع الوزير أو من في حكمه، ويقدمه 5 أعضاء؛ حيث يتم توجيه الأسئلة للمسؤول حتى يعلن رئيس المجلس عن شمولية الموضوع والاكتفاء بهذا القدر من الأسئلة، موضحا أنَّ الدورة التاسعة من عمل المجلس شهدت توجيه عدة طلبات للمناقشة، لكن لم يتلقَّ المجلس أي تجاوب من المسؤولين. وأضاف الزدجالي أنه تقدم باستجوابين خلال الفترتين الثامنة والتاسعة، لكن لم يتلقَّ المجلس أيضا أي رد عليهما.

وأكَّد سعادة الدكتور رئيس اللجنة التشريعية والقانونية بمجلس الشورى أنَّ هذه الأدوات تكفل للمجلس القيام بدوره المنشود في مراقبة الأداء الحكومي؛ حيث إن الأدوات منصوص عليها قانونيا ودستوريا، لكن التجاوب من قبل أعضاء الحكومة "ضعيف".

وقال سعادته إنه قبل تعديل النظام الأساسي للدولة بالمرسوم السلطاني رقم 99/2011، والذي منح مجلس الشورى صلاحيات تشريعية وأخرى رقابية، كانت هناك لائحة صادرة بقانون وكانت ملزمة، بينما اللائحة الحالية الداخلية للمجلس، والتي صدرتْ بقرار من رئيس المجلس غير ملزمة. وكشف الزدجالي عن اقتراح بمشروع "قانون مجلس عمان" قُدم من مجلس الدولة خلال الفترة الثامنة لمجلس الشورى، مشيرا إلى أنه في حالة صدور هذا القانون، فسيُغني عن اللائحتين المعمول بهما حاليا في كل من مجلسي الشورى والدولة؛ حيث إن هذا القانون المقترح يتضمن تفصيلا لآلية عمل المجلسين ولآلية التعاطي مع الحكومة.

مكافحة الفساد

وتحدَّث سعادته عن الفساد، وعرَّفه بأنه إخراج الشيء عن حالة محمودة لغرض غير صحيح، ويكون الغرض منه الترُّبح سواء من خلال الكسب أو تحقيق هيبة أو مكانة اجتماعية، أو منفعة من خلال مخالفة القانون أو التشريعات، مؤكدا أنَّ هذا السلوك غير قانوني وغير مشروع. وقال إنَّ الفساد بأنواعه المختلفة ليس سوى "معول هدم" يضر بالبناء التنموي لأي بلد، لافتا إلى أنَّ الأجهزة الرقابية والمحاسبية في الدولة تواصل عملها لكنها مُتشعِّبة؛ فهناك الأجهزة الأمنية التي لها دور كبير في متابعة الفساد والتجاوزات، مثل شرطة عمان السلطانية ممثلة في الإدارة العامة للتحريات والتحقيقات الجنائية، وإدارة مكافحة الجرائم الاقتصادية، وكذلك المركز الوطني للمعلومات المالية الذي أنشئ بموجب قانون مكافحة غسيل الأموال، إلى جانب الادعاء العام وما يقوم به من إجراءات قانونية صارمة، وأيضا جهاز الرقابة الإدارية والمالية للدولة.

وأضافَ الزدجالي أنَّ قانون الجزاء العماني يتضمن عددًا من النصوص لمكافحة الاختلاس والإضرار بالمال العام، مشيرا إلى أنَّ السلطنة تزخر بالعديد من الأجهزة المعنية بمكافحة الفساد، لكنه يرى ضرورة تقنين المهام والمسؤوليات، وتوحيد جهود مكافحة الفساد في جهة واحدة تملك الصلاحيات القوية، علاوة على دعمها ومساندتها من قبل المؤسسات والأجهزة السابق ذكرها. ولفت الزدجالي إلى دور جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة، وقال إن الجهاز لا يتخذ إجراءات مباشرة ضد من يكتشف أنه خالف إداريا القوانين، ويكون اتخاذ الإجراء من قبل رئيس الوحدة الحكومية، على عكس المخالفات المالية التي يحولها الجهاز مباشرة إلى الادعاء العام.

وتطرَّق الزدجالي إلى قانون حماية المال العام وتجنب تضارب المصالح المُكلف بتطبيقه جهاز الرقابة المالية والادارية للدولة، مشيرا إلى أن المسؤول الحكومي يعرف بأنه كل شخص يشغل منصبا حكوميا، سواء كان هذا المنصب بصفة دائمة أو مؤقتة في إحدى وحدات الجهاز الإداري للدولة؛ سواء كان بمقابل أو دون مقابل، كذلك أعضاء مجلس عمان يعتبرون مسؤولين حكوميين، وأيضا ممثلو الحكومة في الشركات، وكذلك العاملون في الشركات المملوكة للحكومة بالكامل، أو التي تُسهم فيها الحكومة بنسبة تزيد على 40%، وجميعهم مسؤولون عن حماية المال العام.

إقرار الذمة المالية

وذكَر أنَّ المادة 12 من قانون حماية المال العام تنصُّ على أن يلتزم المسؤول الحكومي بتقديم إقرار بذمته المالية إلى جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة، وفقا لنموذج يعده الجهاز، ويتضمن بيانات للأموال المنقولة أو العقارية المملوكة للمسؤول الحكومي أو لأزواجه أو أولاده القصر، ومصدر هذه الملكية من أين أتت، وذلك بناء على طلب رئيس جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة متى استدعت الضرورة ذلك، وتكون هذه الإقرارات سرية، ولا يجوز الاطلاع عليها. غير أنَّ الزدجالي يوضح أن إقرار الذمة المالية غير مُلزم للجميع، ويرى ضرورة تعديل القانون لكي يكون هذا الإقرار ملزما لجميع المسؤولين الحكوميين، ولا يجب أن يتوقف هذا الإقرار فقط بناء على طلب رئيس الجهاز؛ لتفادي وقوع تجاوزات وتضخم للمخصصات المالية.

وبيَّن رئيس اللجنة التشريعية والقانونية بمجلس الشورى أنَّ جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة يتبع جلالة السلطان، ويرفع تقريره السنوي إلى المقام السامي، ويرسل نسخة منه إلى مجلس الشورى، ويقوم المجلس بتشكيل لجنة لدراسة التقرير واستنباط بعض الأدوات البرلمانية من خلاله. لكن -والحديث للزدجالي- في الواقع الأدوات البرلمانية التي يتمُّ استخراجها من التقرير، وإرسالها إلى الدوائر المعنية، يكون الجهاز قد أنجز دوره، ومن ثم لا دورَ للمجلس في هذه الحالة؛ لأن التقرير عندما يصل للمجلس يتضمن ما اتخذه الجهاز من إجراءات.

مشاريع قوانين مستقبلية

وحَوْل مشاريع اللجنة التشريعية والقانونية بمجلس الشورى، أوضَح الزدجالي أنَّه ومنذ بدء دور الانعقاد الحالي في نوفمبر الماضي وحتى الآن، لم يُحَل أي مشروع قانون سواء كان قانونا جديدا أو تعديلات إلى مجلس الشورى، لكنَّ الأيام المقبلة حُبلى بهذه المشاريع في إطار انطلاق رؤية "عُمان 2040"، وتحديث التشريعات والقوانين.

وردًّا على تساؤلات المجتمع حول الجلسة السرية التي عُقِدت مع معالي وزير المالية حول الميزانية العامة للدولة؛ أوضح سعادته أنَّه وحسب النظام الأساسي للدولة فإنَّه يحق للحكومة طلب سرية أو علنية الجلسة، والرد يكُون من خلال أعضاء مجلس الشورى. وأضاف أنَّ اللائحة الداخلية للمجلس تحدِّد 3 جهات يحقُّ لها طلب عقد الجلسة سريًّا. وأضاف أنَّ الأرقام النهائية للميزانية لم تكن معتمدة في صورتها النهائية،ولذلك لم يكن من المناسب إطلاع الرأي العام على تفاصيلها لعدم اكتمالها. وبيَّن أن مجلس الشورى تقدم بتوصيات على هذه الميزانية إلى مجلس الوزراء، على الرغم من أنَّ هذه التوصيات قد لا يؤخذ بها مع تبرير ذلك لمجلس الشورى. وأضاف الزدجالي أنه في حال عقد الجلسة علنية، فمن المحتمل أن يتحفظ الوزير على الحديث عن كثير من الأمور، مشيرا في الوقت نفسه إلى أنَّ الحكومة غير ملزمة بإرسال الوزير إلى المجلس؛ فالنظام الأساسي للدولة نصَّ على إرسال خطط الموازنة والخطط الخمسية إلى مجلس عُمان، لكنه لم ينص على أن يقوم بذلك الوزير.

تعليق عبر الفيس بوك