... وأتى ديسمبر!

 

آلاء بنت سالم الغزالية

 

ديسمبر هذا العام قد وصل، معلناً أنَّ العام سيبدأ بحزم أمتعته للرحيل، غالباً ما تمتزج المشاعر في شهر ديسمبر بين النهايات والبدايات. فهو الشهر الذي نودع به عاماً مضى ونستقبل في نهايته عاما جديدا، لاشك أنَّ هذا العام ليس كغيره من الأعوام، فهو عام احتوى الكثير من التفاصيل المختلفة والتاريخ سيروي عن هذا العام الكثير.

الكتابة في الصفحة الأخيرة من دفتر العام تكون مربكة، لأنها الصفحة التي تحتوي على جرد أمنياتنا فبعضها ربما يكون قد تحقق خلال العام وآخر ربما نتنازلنا عنه بمحض إرادتنا والبعض ربما نرحله إلى قائمة العام الجديد.

بالعودة إلى التفاصيل الاستثنائية لهذا العام، ربما تكون النظرة السطحية لعام 2020 مؤلمة؛ كونها سنة احتوت أحداثاً محزنة واشتملت على الكثير من الصعوبات النوعية، إلا أنَّ التمعن في جوهرها يحكي لنا الكثير من المميزات أيضًا، مميزات لم تكن لتكون لولا تلك الصعاب، ما حدث خلال العام جعلنا نعيش فترات نتساوى فيها جمعياً في الظروف، فترات رغم صعوبتها جعلتنا نقترب من أنفسنا أكثر ونقترب من أسرنا أكثر، فترات أدخلت إلينا بعضاً من السكون الذي كنَّا بحاجة إليه لنكتشف ذواتنا أكثر، في تلك الفترات تخلصنا من الكثير من الأمور الشكلية والثانوية واقتربنا أكثر إلى كل ما هو ضروري وأساسي.

وأعدنا ترتيب قائمة أولوياتنا من جديد. في هذا العام اكتشفنا الكثير من النفوس النقية، رأينا كوكبة من الأطباء تفانوا في العطاء وواصلوا الليل بالنهار، رأينا ممرضين عرضوا أنفسهم للخطر في سبيل إنقاذ حياة آخرين، رأينا وحدات أمن وشرطة تعمل لساعات مُتواصلة دون كلل أو ملل، رأينا موظفين في مختلف القطاعات والشركات رغم الصعوبات واصلوا إتقان عملهم، رأينا مسؤولين برعوا في أداء مهامهم، واكتشفنا الكثير الكثير من المخلصين الذين ربما لم نكن لنرى روعتهم لولا تلك الظروف.

 

إن المتأمل للتاريخ يجد أنَّ ما مررنا به هذا العام من وباء ومحن وصعوبات قد مرَّت به الأمم من قبلنا وما هذه التقلبات إلا سنن كونية لحكم خفية يعلمها سبحانه وتعالى، وإنه مما بلغت صعوبة ما نمر به فهو حتماً سيزول وستأتي أعوام مليئة بالصحة والرخاء (ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَٰلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُون).

تعليق عبر الفيس بوك