سؤال في غير محله

 

بدرية بنت حمد بن سعيد السيابية

كثيرة هي التساؤلات، يتقنها بعض الأشخاص ولديهم ميول وإدمان على كثرة الأسئلة ومعرفة كل شيء من أكبرها إلى أصغرها ونسمي هذه الفئة في حياتنا التي نعيشها مع أفراد مختلفين وكيفية النظر لموضوع ما نسميهم "فضوليين" يحبون الإكثار من الأسئلة والتركيز والتدقيق بكل التفاصيل سواء ذلك يعني له أو لا.

حتى وأنت في مقر عملك وبين زملائك تجد من يُجَّهز لك كومة من الأسئلة وكأنك مُلزم بالإجابة عن كل سؤال يسأل لك، فتتصرف وتختصر له الجواب حتى يسكت، والبعض يفضل الصمت ليُرسل إشارة تلقائية محتواها "لست ملزماً بأن أتكلم وأجيب عن أسئلتك"، والبعض تكفي نظرة عينه الحادة ليفهم الطرف الآخر ويتراجع عن فضوله المستمر ويصمت ويذهب لشخص آخر يفضفض له عن فضوله وطرح أسئلته غير المحببة.

يقال "الباب اللي يجيك منه ريح سده واستريح" فتجد هناك أشخاصاً يطرقون بابك بوقت غير مناسب ويدخلون لحياتك الخاصة دون إنذار مسبق وكأنه له الحق في التدخل في شؤونك الخاصة كمثال: يتفحص أثاث بيتك أو مكتبك ويعطيك بعض التعليمات من حيث المكان أو اللون، أو حجم الأثاث وأنت واقف مبهوراً أمامه"علماً بأنك مقتنع بكل ما قمت وباختيارك" وهو يتحدث بكل أريحية وأنت مستمع إليه وتكون في موقف لا تحسد عليه لماذا كل هذا؟ هل أنت مجبر على الإنصات لهؤلاء؟ فمن هم حتى يتدخلون في حياتك ويبعثرون فكرك وتصبح في دائرة مغلقة لا تستطيع الخروج منها.

كذلك عندما يطرح لك سؤالاً محرجاً يحيط بك الاستغراب والتردد في الإجابة _في يوم ما كنت في إحدى الدوائر الحكومية في البلد وكنت انتظر دوري للدخول، فدخلت امرأة وسلمت علينا، فجلست على كرسي بعد صعودها على الدرج والوصول لوجهتها بعد تعب - ودار حديث بسيط بيننا فقالت: هذه المرة الثالثة أراجع هذا المكان وطلبي أن يتم مساعدة أمي في توفير "حفاظ للكبار" أكرمكم الله ولكن كان سؤال الموظف المسؤول يسبب لي إحراجاً فأحسست من خلال سؤاله أنَّه لا يصدقني؟! أو لربما له نظرة ثانية بحكم ضوابط وقوانين عمله، لذلك يجب علينا أن نخفف مثل هذه التساؤلات المحرجة فنحن لا نعلم وضع الآخرين أو ظروفهم.

والآن السؤال الذي يطرح نفسه هل نتجاهل هؤلاء الأشخاص المزعجين؟! أم نصدهم بقوة؟! فهنا يعتمد عليك إما بصدهم أو استقبال أسئلتهم الكثيرة والمزعجة - ولا يجب إعطائهم مجالاً والتعمق في خصوصيات حياتك المهنية أو الخاصة وحاول أن تجد أسلوباً مميزاً للتعامل مع الأشخاص الفضوليين وكبح فضولهم، أو على الأقل الحفاظ على خصوصيتنا في وجه فضولهم المستمر!.

"ما أَوْلَعُ النّاس بالنّاس، يشتَغلُ أحدُهُم بشُؤونِ أخِيه، وفي أيسَرِ شأنِهِ ما يُلْهِيه"... أحمد شوقي

تعليق عبر الفيس بوك