حالة من الحزن غير العابر تؤثر على ممارسة الحياة الطبيعية

متخصصون: الاكتئاب مرض يحتاج للتدخل الإرشادي والدوائي.. والعلاج بالفن من الوسائل المثلى

◄ الاكتئاب يتسبب في تغير بيوكيميائي في دماغ المصاب

◄ من لديهم تاريخ عائلي للاكتئاب أكثر عرضة للإصابة به

 

الرؤية- مريم البادية

 

‏ناقش برنامج "استوديو الرؤية" موضوع "مخاطر الاكتئاب وفوائد الطمأنينة"؛ حيث استضاف الدكتورة آمال بنت عبدالله أمبوسعيدي استشارية الطب النفسي تخصص اضطرابات المزاج والقلق، إلى جانب الدكتورة مها بنت عبدالمجيد العانية مديرة الإرشاد الطلابي في جامعة السُّلطان قابوس.

وتطرقت الحلقة إلى مفهوم الاكتئاب والمراحل التي يمكن أن يصاب بها الشخص المكتئب، فضلاً عن تسليط الضوء على كيفية التعامل مع المكتئب وآليات مساعدته للخروج من هذه الحالة. واستعرضت الحلقة مع الخبيرتين وسائل تحقيق الإنسان للطمأنينة، وما العوامل والظروف التي تساعد كل فرد على التحلي بروح الطمأنينة ومشاعر الاستقرار والهدوء. وبحثت الحلقة الظروف المجتمعية أو الصحية أو النفسية أو الاقتصادية أو غيرها من الظروف التي يُمكن أن تتسبب في إصابة أي فرد بالاكتئاب، فضلاً عن الإجابة عن أسئلة مهمة واستفسارات محورية حول الاكتئاب وتأثيراته الضارة على النفس والمجتمع.

وقالت الدكتورة آمال أمبوسعيدية إن اضطراب الاكتئاب واحد من الاضطرابات الشائعة الموجودة حول العالم، وهو اضطراب نفسي قد يصيب أي أحد في أي مكان، مشيرة إلى أن الاكتئاب حالة من الحزن غير العابر، يشعر فيها المريض بعدم القدرة على الاستمتاع بالأشياء التي كان يُمارسها بشكل اعتيادي، كما أنه يؤثر على قدرة وفاعلية الإنسان على ممارسة حياته بشكل طبيعي، وهو أحد الأسباب التي تؤدي إلى الإعاقة حول العالم. وأضافت أمبوسعيدية أن من لديهم تاريخ عائلي مع الاكتئاب هم أكثر عرضة للإصابة به، وتجارب الحياة والضغوطات النفسية التي نمر بها من أبرز الأسباب التي تؤدي إلى الإصابة بالاكتئاب، لذا فعندما تظهر أعراضه لدى الفرد، يحدث تغير بيوكيميائي في دماغ المصاب، مؤكدة أنَّ تركيبة دماغ المكتئب تختلف عن الإنسان العادي.

ولفتت أمبوسعيدية إلى أنَّه في السابق كانت هناك زيادة في حالات الاكتئاب بين سن 20 و30 عامًا، لكن مؤخرًا لاحظ المختصون زيادة في مراحل عمرية أقل مثل المراهقين والأطفال، وعزت ذلك إلى المتغيرات الاجتماعية التي طرأت على المجتمعات حول العالم.

وأوضحت أنَّ الخطوة الأولى لعلاج أي اضطراب هي التشخيص السليم، فهناك حالات الحزن الطبيعي، لكن ظهور بعض المؤشرات مثل تغيرات في النوم، وفقدان الشهية، وانخفاض الوزن، وتغير في التركيز، وحالة من الإعياء والتعب ونقص في الطاقة، فضلاً عن الإحساس بعدم القيمة وانعدام الأمل، كلها مؤشرات على إصابة الفرد بالاكتئاب. وتابعت أنه في كثير من الأحيان نفضل العلاج غير الدوائي للمريض وخاصة للحالات البسيطة والمتوسطة؛ حيث أثبتت الدراسات أن فاعلية التدخلات غير الدوائية تشابه تمامًا فعالية الوصفات الدوائية، لذلك لا يتم إجبار المريض على تناول الدواء.

‏ومن جهتها، قالت الدكتورة مها العانية إنَّ الاكتئاب مرض نفسي، لكن تختلف درجاته من شخص لآخر والتشخيص السليم يحتاج لفترة زمنية حتى يتضح تماماً، فقد يكون حالة مزاجية مؤقتة لفترة زمنية ثم تزول، ولكن هذا الاضطراب يبقى مع الفرد ويُؤثر على حياته في أداء نشاطاته. وأضافت أن من يعاني من هذا الاضطراب أشبه بمن يرتدي نظارة سوداء ثابتة يرى فيها السواد فقط، لذا يجب أن يكون هناك سرعة في تشخيص المصاب حتى يستطيع تفادي مخاطر المرض.

وقالت العانية إن كل المراحل العمرية معرضة لمرض الاكتئاب، مسلطة الضوء على بعض الدراسات التي تقول إنه كلما دخل الإنسان مرحلة عمرية جديدة قد يكون معرضًا بشكل أكبر لهذا المرض، مشيرة إلى أنه عند تشخيص أحد الطلبة في الجامعة بهذا المرض نحاول إقناعه باللجوء إلى الطب السلوكي باعتبار هذه الحالة تحتاج إلى التدخل الدوائي، بينما الحالات التي لا تستدعي فنعالج الأمر بالجلسات الإرشادية.

وأوضحت أن بعض الشخصيات الكتومة التي لا تبوح بما يدور في خلدها، يتم معالجتهم عبر اللجوء إلى الفن من خلال الرسم والتلوين لمساعدتهم على إخراج الطاقة السلبية من خلال التعبير عنها بالكتابة أو ممارسة إحدى الهوايات الفنية. واختتمت بالإشارة إلى أبرز مؤشرات الاكتئاب التي تلاحظ على الطلبة وهي عدم الثقة بالنفس، لذا يتم العمل على محور تدعيم الذات، من خلال التركيز على الجوانب الإيجابية ومن ثم التأثير على سلوك المصاب، لافتة إلى أن أكثر الحالات نجاحاً هي التي تعمل على تلقي العلاج الدوائي والنفسي من خلال الجلسات الإرشادية.

تعليق عبر الفيس بوك