مناقشات المنتدى العماني للشراكة والمسؤولية الاجتماعية تؤكد ضرورة تبني الشركات لإستراتيجة للاستثمار المجتمعي

◄ البلوشي: أهمية تبني "الشراكة المجتمعية" باعتبارها واجبا وطنيا ومسؤولية تشاركية

◄ الكيومية: "أوكيو" تعتمد على 3 ركائز في مشاريع المسؤولية الاجتماعية

الرؤية - مريم البادية

قدَّم الدكتور حامد بن عبدالله البلوشي المستشار والباحث في مجال المسؤولية المجتمعية، ورقة عمل ضمن أعمال المنتدى العماني للشراكة والمسؤولية الاجتماعية، بعنوان "الشراكة المجتمعية وفق رؤية عُمان 2040"؛ حيث سلط الضوء على الأولويات الوطنية للرؤية وارتباطها بأهداف التنمية المستدامة 2030، والاستثمار الاجتماعي.

وقال البلوشي: إنَّ "عمان 2040" قامت على الشراكة بين جميع القطاعات، وأن جلالته -حفظه الله- أكد على ذلك بإعادة تشكيل العلاقة والأدوار بين القطاعين لحكومي والخاص ومؤسسات المجتمع المدني؛ للوصول إلى الرفاه المجتمعي، ثم عدَّد الأولويات الوطنية لهذه الرؤية، وبيان الشراكة وتكامل الأدوار بينها. وأضاف أنَّ ارتباط رؤية عُمان 2040 مع أهداف التنمية المستدامة 2030، لأنَّ السلطنة هي جزء من هذا الاتفاق العالمي، الذي تمَّ التوافق عليه بين أكثر من 150 من قادة العالم في سبتمبر 2015، وبدأ التنفيذ في 2016، حيث إن هناك اتساقا وترابطا بين هذه الأهداف؛ حيث لا تخلو أولوية من أولويات الرؤية بارتباط مباشر أو غير مباشر بأهداف التنمية المستدامة.

واختتم ورقته بمحور الاستثمار الاجتماعي مُعرِّفا إياه بأنه حالة وسط  بين العمل الخيري والاستثمار التجاري المعروف، ويمثل عوائد اقتصادية واجتماعية وبيئية، ويرتكز على 4 مبادى الاستثمار، وهي أن تكون أخلاقية وهادفة ومسؤولة ومحترمة. ولقد وضعت رؤية السلطنة 2040 أسسَ وبذورَ الشراكة المجتمعية من خلال دعوة شركات القطاع الخاص للاستثمار في المجتمع؛ باعتباره واجبا وطنيا ومسؤولية مشتركة.

وخلال أعمال المنتدى، قدَّمت منال بنت سعيد الكيومية رئيسة فريق الاستثمار الاجتماعي بشركة "أوكيو"، عرضا مرئيا عن تجربة الشركة في الاستثمار الاجتماعي، مشيرة إلى أنَّ الشركة عالمية تدير عملياتها في 12 دولة حول العالم، وتركز على 3 ركائز؛ هي: الازدهار الاقتصادي والبيئة والصحة والتعليم.

وقالت الكيومية إنَّ هذه المرتكزات تتوافق مع رؤية ومرتكزات الاستدامة بالشركة، كما أنَّها تتناسب مع الأولويات الوطنية للرؤية 2040 من خلال الصحة والاقتصاد والتنمية والتعليم والبحث العلمي والبيئة والموارد الطبيعية. واستطاعت الشركة حتى الآن إنجاز 33% من المشاريع المحلية منها حديقة الدقم، ومشروع الغاز البترولي المسال، ومركز لوى للعلوم والابتكار، وتخطط لإنشاء مشاريع الحدائق المستدامة، وتعمل على عدد من المشاريع؛ مثل: المركز الثقافي بولاية ضلكوت، كما أنَّ لديها مشاريع عالمية للاستثمار الاجتماعي.

إلى ذلك، عقدتْ جلسة نقاشية بعنوان "نحو قيمة تنموية مضافة لبرامج مسؤولية الشركات"، بمشاركة كلٍّ من الدكتور حامد بن عبدالله البلوشي الخبير العماني في مجال المسؤولية المجتمعية، وعبدالكريم بن سرور الجابري رئيس فريق إشراقة بشركة "كيمجي رامداس"، وعمر بن محمد العبري رئيس فريق إستراتيجية الاستثمار الاجتماعي بشركة "أوكيو"، والدكتور محمد رضا اللواتي الخبير في الاقتصاد الزراعي، فيما أدار الجلسة المهندس محمد الغريبي.

واستهلَّ الدكتور محمد رضا اللواتي الجلسة بتعريف القيمة التنموية المضافة، قائلا: "هي أن يكون الربح موازيا لخدمة اجتماعية تقدم للمجتمع كواجب أخلاقي، تراعى فيه الطبقة العاملة في مجال التجارة مع الطبقة التجارية، لذا يصبح واجبا وطنيا وليس عملا خيريا تطوعيا؛ وذلك وفقا لتعريف البنك الدولي". مضيفا أنَّ في هذه المرحلة يجب التركيز على التمويل؛ بحيث تكون المسؤولية الاجتماعية للشركات جزءا من الخطة الخمسية، بمعنى أن يكون جزءًا من ربح الشركات مخصصا للتنمية وليس لعمل خيري. وأضاف اللواتي أنه خلال عمله في هذا المجال لما يقارب 22 عاما استطاع أن يترجم هذه المعونة إلى عمل ممنهج في مجال التعليم للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، واستثمار ما يقارب 15 مليون ريال عماني في هذا القطاع، منها 6 ملايين ريال ذهبت للاستثمار في منشآت ومراكز للتدريب وغيرها؛ لذا فهو عمل منظم أصبح جزءا أساسيا في مكونات ما يجب تنفيذه في الخطط الخمسية، مؤكدا أهمية تحويل الدائرة الخاصة بجمع التبرعات في وزارة التنمية إلى صندوق لمشاريع المسؤولية المجتمعية، مشيرًا إلى الحاجة الملحة لصندوق يديره القطاع الخاص لتمويل المشاريع بالمشاركة من الحكومة.

من جهته، تحدث عبدالكريم الجابري عن برنامج إشراقة والقيمة التنموية فيه، وقال: إنَّ هذا البرنامج انطلق في 2016 من قبل شركة "كيمجي رامداس" كمؤسسة خيرية، ويعتمد على 4 ركائز أساسية؛ هي: التعليم والصحة والتدريب والرفاهة المجتمعية، ففي مجال التدريب لدينا معهد "كيميجي للتدريب" للتأهيل بالتعاون مع عدد من المؤسسات منها جامعة السلطان قابوس، وشركة أوبال، وهناك أيضا أكاديمية إشراقة لريادة الأعمال، وفي جانب التعليم ركزنا على الولايات غير الموجودة في مناطق الامتياز؛ منها: ولاية سمائل بمحافظة الداخلية؛ حيث وضعت موازنة خاصة لذلك، وقمنا بتطبيق مشاريع استدامة كتوفير شاشات تعليمية وكاميرات مراقبة، كما تقدم خدمات أخرى لعدد من الجمعيات منها جمعية النور للمكفوفين والسرطان وغيرها.

وقال عمر العبري: إن توجه "أوكيو" في هذا الجانب، يتمثل في تحقيق الرفاهية الاقتصادية والاستدامة الصحية والبيئية إلى جانب تعزيز التعليم والابتكار؛ حيث بني ذلك من خلال رؤية "عمان 2040"، وكذلك أهداف التنمية المستدامة "للأمم المتحدة 2030"، وكذلك الأهداف الإستراتيجية للشركة، فجميع الشركات التسع لديها خطة للتبرع سنويا من مخصصاتها المالية للاستثمار الاجتماعي بنسبة 20% لوزارة الطاقة والمعادن، كما أنَّ هناك لجنة للاستثمار الاجتماعي يُشرف عليها وكيل الوزارة بنفسه، كما لدينا خطط خلال العام المقبل والعمل مع عدد من المؤسسات المحيطة، والشركة لم تُنهِ كل أعمالها المقررة وذلك بسبب حداثة إنشائها.

وتحدَّث الدكتور حامد البلوشي عن واقع المسؤولية الاجتماعية في السلطنة، وما تقوم به المؤسسات والشركات، واصفا إياها بأنها جهود مبعثرة، قائلا إنَّه لا تعريف موحدا لمفهوم المسؤولية المجتمعية، كما أن هذه المسؤولية ملقاة على عاتق شركات محدودة على أصابع اليد، وشركات أخرى غائبة عن المشهد، فلا توجد ميزانيات مخصصة للمسؤولية المجتمعية. وأشار البلوشي إلى غياب إستراتيجية واضحة في موازنات والشركات للمسؤولية المجتمعية، مضيفا أنه إذا استمرت الحال على هذا الواقع فلا يعتقد أن الشركات ستكون قادرة على مواكبة وتحقيق أهداف "رؤية عمان 2040". ودعا البلوشي إلى تحليل وتشخيص واقع المسؤولية المجتمعية في السلطنة، ثم الانطلاق لوضع إستراتيجية موحدة لهذه الشركات، مشددا على أهمية عقد مقارنات معيارية لبعض التجارب الدولية التي سبقتنا في هذا المجال، ومن ثم تحديد الفجوات ومعرفة الفرص والتحديات ووضع الحلول لها.

تعليق عبر الفيس بوك