رغم التطور الهائل في مناحي الحياة.. الإنسانية أمام فرصة "نادرة" لتغيير المسار

"كوفيد-19" يختبر قوة الصمود البشري أمام "هجمات اللا كائنات"

ترجمة - الرؤية

تحت عنوان "الوباء يُظهر ضعف البشرية"، نشرت صحيفة "ذي إيكونوميست" البريطانية تقريراً، أبرزت فيه أنَّ جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19) دقت ناقوس الخطر للبشرية؛ فقد ذكَّرت كل إنسان بأنه ورغم التقدم التكنولوجي الذي أحرزته الحضارة الإنسانية، إلا أنَّ الجنس البشري لا يزال عرضة للكوارث التي تهز العالم.

وعلقت الصحيفة على رأي الكثيرين بأنَّ العام 2020 هو وقت غير مسبوق، بأنَّ الحقيقة عكس ذلك تمامًا؛ فلطالما تعرض البشر للأوبئة المدمرة؛ حيث قتل الموت الأسود بين عامي 1346 و1346 حوالي عُشر سكان العالم، بما في ذلك حوالي ثلث سكان أوروبا، معتبرة أنْ يكون إدخال الأمراض الأوروبية إلى الأمريكتين قد قتل ما يصل إلى 90% من الأشخاص الذين يعيشون هناك، وأنه ومنذ مائة عام فقط، قتلت الإنفلونزا عام 1918 (أول جائحة عالمية حقيقية) حوالي واحد من كل 30 شخصًا في جميع أنحاء العالم.. وأعقب تقرير الصحيفة بأنه: "ما كان يُمكن أن يكون غير مسبوق حقًا هو لو أن ضعفنا قد انتهى، وهذه الكارثة هي ببساطة جزء من اتجاه طويل الأمد".

ومع تطور الأسلحة النووية في القرن العشرين، وصلت القوة البشرية المتصاعدة أخيرًا إلى النقطة التي يمكن فيها إحداث كوارث على أوسع نطاق ممكن، ومثل جميع الأنواع كانت البشرية دائمًا عرضة لخلفية صغيرة من مخاطر الانقراض الطبيعي، ولكن هذه المخاطر قد طغت عليها الآن مخاطر أخرى، فسرعان ما انضم الخطر الوجودي للحرب النووية إلى خطر تغيُّر المناخ الشديد، ومن المتوقع أن يجلب هذا القرن مخاطر أكبر من التكنولوجيا الحيوية المتقدمة والذكاء الاصطناعي.. وتساءلت "ذي إيكونوميست": هل سنستيقظ على هذه المخاطر في الوقت المناسب، ونتخذ الخطوات اللازمة للسيطرة عليها، أم سنستمر في التركيز على أشياء أخرى حتى تلحق بنا المخاطر؟".

وعلى ما يبدو أنَّ أحد أكبر التحديات في إدارة المخاطر الوجودية – بحسب "ذي إيكونوميست"- هو أنه يتعين على البشر البقاء على قيد الحياة في المستقبل بالكامل دون الوقوع ضحية لهذا المستقبل، وقالت إذا حدثت كارثة وجودية، فسيكون الوقت قد فات لتعلم أي دروس. وبالتالي، يتعين استخلاص كل درس ممكن من التحذيرات التي نتلقاها: الأخطاء الوشيكة، مثل أزمة الصواريخ الكوبية عام 1962، والكوارث الشديدة، ولكن يُمكن النجاة منها، مثل أوبئة 1346 و1918 و2020.

واختتم تقرير الصحيفة البريطانية بالتأكيد على أن البشر يجب عليهم أن يتعلموا دروسًا من كوفيد 19، لتحسين دفاعاتهم ضد الأوبئة المماثلة؛ وأنَّ العام 2021 سيكون أفضل فرصة للقيام بذلك، عندما تتعافى الإنسانية بما يكفي لتكون قادرة على رفع أعينها إلى المستقبل، غير أنَّها أكدت أن تعلم الدروس الضيقة فقط والتي قد تساعد في منع إعادة تشغيل عام 2020، بالتأكيد سينعكس على الفشل في معالجة التهديد متزايد الأهمية المتمثل في الأوبئة المهندسة، أو مجموعة المخاطر الوجودية الأخرى التي يواجهها البشر.

إنها فرصة نادرة لتغيير المسار؛ لأنه لن يمر وقت طويل قبل أن تبدأ الأجسام المضادة المجتمعية لهذا الوباء الذي يحدث مرة كل قرن في التلاشي، ومن ثمَّ يجب أن نحقق أقصى استفادة منه، بحسب "ذي إيكونوميست".

تعليق عبر الفيس بوك