"كورونا" والمؤسسات الصغيرة

علي بن بدر البوسعيدي

لا شك أن أزمة فيروس كورونا أثرت على كل مناحي الحياة، لكن المُؤكد لدي أن التأثير الأكبر كان- بكل أسف- من نصيب رواد ورائدات الأعمال الشباب أصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، فهؤلاء لم يكن لديهم أي علم مسبق بأن هذه الأزمة سيطول أمدها، بل إنهم كانوا يمنون النفس يوماً تلو الآخر بأن الله سيرفع عنهم هذه الغمة في أقرب وقت، لكن الأقدار لم تشأ ذلك.

الحقيقة أن هذه المؤسسات تكبدت خسائر لا حصر لها بسبب عمليات الإغلاق التي صاحبت بداية تفشي الوباء، ورغم أن هذا الإجراء كان لازما وأساسيا حتى لا تتفاقم الأوضاع كما تفاقمت في بلدان أخرى تجاهلت مسألة الإغلاق، إلا أن التأثير السلبي الشديد على هذه المؤسسات كان غير مسبوق. فالكثير من رواد ورائدات الأعمال لم يكونوا ممن يملكون الأموال الطائلة أو الاستثمارات الكبيرة، بل إنهم اقترضوا واستدانوا من بنوك ومؤسسات تمويل وبعضهم اقترض من عائلته أو أصدقائه، لكي يؤسس مشروعه الخاص به، وتحمل الكثير من المُعاناة، وجاءت أزمة كورونا فعصفت بهم وبأسرهم، فمنهم الآن من يواجه خطر السجن بسبب تأخر سداد القروض، ومنهم من لا يستطيع تدبير نفقات بيته ولا أسرته، بسبب عدم وجود دخل، فضلاً عن أن المواطنين العاملين معهم في هذه المؤسسات والمشاريع تعرضوا للتسريح نتيجة انهيار النشاط، ولذلك الأزمة مركبة وعنيفة للغاية.

لا ننكر جهود البنك المركزي العماني وغيره من المؤسسات التي أعلنت عن تقديم تسهيلات لهؤلاء الشباب، لكن للأسف الشديد هذه التحركات لم تكن كافية، إذ لا يزال البعض يواجه كما ذكرت السجن فضلاً عن العوز والفقر وقلة الحيلة، رغم الالتزامات الحياتية المفروضة عليه، فماذا هم فاعلون؟!

أذكر مثالاً بالصعوبات التي تواجه هذه المؤسسات، مثلاً دور الحضانة في مُختلف ولايات السلطنة، لا تعمل إلى الآن، رغم أن أصحابها لا يملكون سوى هذا المشروع بعدما أنفقوا الآلاف من الريالات لاستئجار مكان وشراء معدات ومستلزمات وتجهيزات. أيضًا أصحاب الأنشطة التي لا تزال مغلقة، يعانون الأمرين نتيجة عدم قدرتهم على العمل. فمن لهم؟!

إننا على يقين بأنَّ الحكومة الرشيدة ستعمل بإذن الله تعالى على تقديم التسهيلات، لكن على البنوك أيضاً أن ترحم الناس، وألا تجرهم إلى المحاكم، وتهددهم بالسجن، فالجميع يعلم أن هذا المقترض لا يتعمد مطلقاً التخلف عن السداد، بل إنه يريد الانتهاء من القرض، لكن من أين له ذلك؟ وقد ضاقت به الأرض بما رحبت، وضاقت به نفسه، ولم يعد لهم من ملجأ سوى الله.