إشكالية المالك والوكيل

ناجي بن جمعة بن سالم البلوشي

يطلق علماء الاقتصاد أو الاقتصاديون على الإشكالية بين المالك الذي استأجر وكيلاً والوكيل الذي لديه دافع لعمل الكثير من الأشياء التي ليست بالضرورة تحقق مصلحة لصاحب العمل إشكالية المالك والوكيلPrincipal-agent problem .

هذا لأنَّ المصلحة انتقلت من مصلحة العمل إلى مصلحة الفرد الشخصية، كما تستخدم لمنع هذه الإشكالية العديد من الطرق والوسائل التي بدورها تنهي هذه الإشكالية إلى الأبد، وهي مختلفة باختلاف الإشكالية ذاتها إن كانت إدارية أو مالية، فعندما ترى في أحد بنوك السلطنة لوحات إلكترونية على جانب كل موظفي البنك بها علامات رضا العملاء بين اللون الأخضر والأصفر والأحمر، فإنَّ هذه اللوحات أو المستويات التي بها لا تعني أن البنك اعتنى بالعميل أكثر من اعتنائه بأمواله واسمه وسمعته التي بين يدي تصرف ذلك الموظف الممثل له فعند سخط ذلك العميل أمام باقي العملاء أو خارج مبنى البنك بين مسامع الناس يعني أن شيئاً ما حدث أو سيحدث وقد يكون سبباً لخسارة البنك مالياً بسبب خسارته لكثيرٍ من العملاء مستقبلاً. وقد وضع ذلك النظام أصلا لمراقبة وتمكن البنك من معرفة موظفيهم كيف يتعاملون مع العملاء وكيف يؤدون واجباتهم التي دفعوا عليها مبالغ مالية محسوبة بالوقت، بالمقابل بديهياً فإنَّ الموظف سيعتني بذلك العميل اعتناء مثالياً رغبة منه في حصوله على الإشارة الخضراء التي سينال بها شيئاً مجزياً من المكآفات والعلاوت والتحفيز، ومخافة منه على حصوله للون الأحمر الذي مصيره لديه معلوم.

العميل بدوره سيكون مطمئنًا ومرتاحًا نفسياً لاختصار مسافة ووقت الشكوى، إن كانت لديه شكوى أصلا، فهو بأي حال من الأحوال يمكنه تقديم شكواه إلى إدارة البنك دون أي عناء وكلفة فلا يحتاج الأمر إلى رسائل تقدم في البريد المسجل لدائرة خدمات المراجعين أو في وسائل التواصل أو في مقابلة المدير والتنفيذي أو أي مسؤول كبير المستوى لتقديم شكواه على تصرف ذلك الموظف وسيختصر الأمر بوضع العلامة الحمراء في لوحة ذلك الموظف الإلكترونية وذاك اللون كفيل بوضع الموظف محل المراقبة والتأهيل أو المحاسبة إن تطلب الأمر ذلك.

وضع المفكرون مثل هذه الحلول التي تساعد البنك أو أي جهة عمل على مراقبة الموظفين بوسيلة رضا العملاء وقد وضعوها للكل أو بالأحرى لمن يبحث عن الحفاظ على أمواله واسمه وسمعته من خلال تجويد الخدمات للعملاء، وبالشراكة مع العملاء أنفسهم على وضع حدود لأولئك الموظفين دون بذل الكثير من الأموال والجهد وزيادة موظفي المُراقبة. لذا فهي أفكار مجدية وفعَّالة في البنوك وتخفف على العملاء السخط والغضب النفسي، كما أنَّها بلا شك مجدية في مراقبة الحكومة لموظفيها عن طريق نفس الوسيلة وبمثل تلك التقنية والمنتج لكن هذا لا نجده متواجدًا في أي من دوائرها ووحداتها، ليس لسبب آخر سوى أن من فيها ليست لديهم الرغبة في ذلك ولا زالوا تحت وطأة الماضي والقديم حتى الجهاز المكلف بمراقبتهم لا يضع لأمر الجودة شيئاً من الاهتمام.

فتجويد الخدمة عند كثير من الموظفين يعني نهاية مقابلة المدير والمدير العام ومن في حكمهم والذين تعودا على سمع اسم ذلك الموظف المعقد للأمور لمصلحته الخاصة وهذا لا يبدو لهم مجديًا فهناك موظفين لازالوا يعتقدون أن على كل مراجع مقابلتهم وقد أشرت إلى ذلك في مقال "بين مكتب المدير وطاولة الموظف"، كما أن الاستياء والغضب من بعض الممارسات في الهيئات الحكومية، لا يعنيهم ولا يظنون به شيئا سوى نفحات معتادة في أروقة الوحدات الحكومية فهم لا يفكرون كيف تؤثر مثل تلك النزعات الإنسانية على عدم الرضا المجتمعي تجاه مؤسسة ما أو هيئة أو وحدة إدارية مما يتسبب في هدم ما بنيناه جميعاً.

حفظ الله عُمان وأبناءها في ظل القيادة الحكيمة لمولانا جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله-.