مستقبل التعليم وفق "عمان 2040"

 

 

سليمان الجابري **

** مدير مدرسة الإمام جابر بن زيد الثانوية للبنين

 

إنَّ المُتمعن في منتدى عُمان للتعليم المدمج والذي عقد في كلية الخليج من قبل مستشرفي المستقبل في جريدة الرؤية والمحاور التي تضمنها، ليستشف منها جودة استشراف المستقبل وفق رؤية عُمان ٢٠٤٠

وأهمية الوعي المجتمعي والمؤسسي بالعمل الجماعي بدون استثناء لتحقيق متطلبات المرحلة الحالية وكذلك اللاحقة بإذن الله.

وقد أولت جميع أوراق العمل ومحاور المنتدى بدون استثناء أهمية التعليم للإنسان بشكل عام وللطلبة بشكل خاص وتزامن مراحله في التنوع التعليمي بين التعلم عن بعد وآليات تكوينه وبرامجه وتقنياته المختلفة وأيضاً التعلم المدمج وكيفية الخوض في انسيابية تفاصيله وأهميتها في الدمج بين التعليم التقليدي بشكل استشرافي وبين التعلم التقني في بحر الشبكة العنكبوتية عبر مجموعة البرامج التي أوصت بها وزارة التربية والتعليم لضمان وصول المعرفة للطالب في مختلف الأماكن وأينما وجد عبر مختلف الأماكن في عُماننا الحبيبة، ومما يلفت النظر إليه بجدية واسعة الخبرات التربوية التي جمعت عصارة أفكارها في تسيير العملية التعليمية والتعليم بأنواعه وأشكاله المختلفة من الناحية الإيجابية والطموح الذي يستلهم المستمع إليه من خلال أوراق العمل التي تناغمت في أبجدياتها في طرح التحديات وإيجاد الحلول الممكنة التي تتخلل تلك التحديات ولضمان تحقيق الهدف الأسمى وهو التعاون المشترك الأساسي في بلورة نجاح التعليم من خلال إشراك الأسرة في العملية التعليمية والذي تتمحور حوله أبجديات التعلم واستيعاب الفهم العام والحديث بأن التعلم لا يقتصر على وجود المدرسة فحسب بل على الطالب أن يبحث عن المعرفة وتحصيلها في أي مكان وجد سواء في المدرسة أو البيت أو أي مكان تواجد فيه وأن التعليم لا يتحدد بوجود المعلم والطالب وجهاً لوجه في مكان محاط بأسوار وسبورة تقليدية أو تكنولوجية ومقاعد وطاولات خشبية متطورة، بل أصبح العلم في متناول الجميع الصغير قبل الكبير في محيط بلا أسوار تحدده وإنما من خلال الإبحار في عالمه المُتجدد يوماً بعد يوم وأن يستعد بأن يرفع أشرعة سواعده وأن ينظر إلى أبعد مدى بإمكانه النظر فيه وفكره الذي لا يحدده خيال محدد ويستوجب عليه أن يجدد الفكر الذي يستلهمه من المعرفة بقواعد راسخة وثابتة من عراقة المجتمع الذي يعيشه بعاداته وتقاليدة الراسخة في الدين الإسلامي وتعاليمه في الأخذ بالمعرفة الواسعة التي تلبي فكره وتبني وطنه ومجتمعه وأسرته.

إن المستلهم لأهمية التعليم في ظل وجود جائحة كوفيد ١٩ ليعلم يقيناً أن على الإنسان أن يسعى وأن لا يقف مكتوف الأيدي في انتظار النتائج والحلول بل عليه أن يتخذ من عزائمه وتجدد أفكاره سبيلا وطريقا ليعبر هذه الجائحة بالأخذ بفوائدها وإيجابياتها التي كنَّا نفتقدها ولربما جعلتنا نبحث عن مكنونات المعرفة الخفية في بحور العلم والذي يتجاوز كل لحظة أفكارنا التقليدية وينتج من الذرة الصغيرة كيانا هائلا من الأساليب والطرق العلمية الحديثة لتلبية وإشباع رغبة الطالب وولي الأمر والأسرة والمجتمع ككل بكل أطيافه.

إنَّ الشراكة المجتمعية تثبت واقعها وأهميتها في ظل هذه الجائحة والتلاحم الذي يستشرف آفاق التعلم والتعليم بصفة خاصة وضمان استفادة الإنسان من المعرفة بشكل عام ليضمن الفهم الواسع لمعنى المعرفة، إن النظر إلى ما دعتنا إليه كل الكتب السماوية وبصفة خاصة القرآن الكريم إلى أهمية البحث عن المعرفة والتي تقود إلى نجاح الإنسان بتعاونه مع أخيه الإنسان لاجتماعهما في السعي الحثيث للبحث عن ما يسعد الإنسان ويحرر قيودك في التعلم، فيأمرنا أن نوحد الجهود في الحفاظ على هذه الحياة والتي عمادها الإنسان وفقراتها التعليم وأن الجميع سواسية في البحث عن المعرفة وعلى الأفراد والمؤسسات المجتمعية التعاون من أجل إيجاد الطفل والطالب والفرد المتعلم القادر على إدارة شؤون حياته ومجتمعة ودينه.

يتضح للقارئ والباحث في (منتدى عُمان للتعليم المدمج) أنه بين مكنون الأفكار والأساليب والطرق التي وضحت بشكل رائع بين حواراته إلى أهمية التمكين والتفويض في بعض الصلاحيات والتي تستوجب وجود الصف الثاني من القادة وخصوصاً في المؤسسات التعليمية وكذلك إلى الإيمان الراسخ بالمعرفة المتولدة لدى الشخص القيادي في ميدان العمل التربوي والعمل على الرقي به ليكون العمود الأساسي في مصاف التنوع وتوليد الأفكار التعليمية مع التنسيق في إعطاء الصلاحيات والتي يكون بها قدر واسع لمعنى أن يستوجب الفهم الشامل بمختلف حثيثياته من مختلف المسؤولين بأن الميدان التربوي يختلف كثيرًا عن التنظير الكتابي الذي يقبع بين الأدراج ولا يبارح مكانه وأن المعلم هو الركيزة الأساسية في النهوض بالتعليم.

وأن علينا أن نتدارك العزلة التي تفرضها التطبيقات لإدارة التعلم الإلكتروني من خلال تحويل التعليم التقليدي السابق إلى تعلم إلكتروني فقط عبر بث المادة بشكل متزامن أو غير متزامن وتسجيل الفيديوهات أو المقاطع التي تفرض الواقع وهو أننا مازلنا نحاكي التعليم السابق في نقل المعرفة من المعلم إلى ذلك المتعلم القابع في مكانه سواء في بيته أو أي مكان يتواجد فيه بحيث يقوم بنقل المعارف والمهارات التي اكتسبها في الحصة إلى الورق.

لذا من الضروري أن نتيقن أنه إذا أردنا بشكل حقيقي أن نحدث الفرق في التعليم ونتغلب على التحديات الحقيقية الكاملة في العملية التعليمية والمؤثرات التي تؤثر فيها بشكل أساسي، أن نجعل عناصرها واقعية وقابلة للقياس والتقويم.

* كالبيئة التعليمية الإلكترونية المرنة والمفتوحة لكل من المعلم والمتعلم بحيث لا يمكن تقييدها بنظام تقني معين أو فصل دراسي وعلينا ألا ندع نفس البرامج التقنية تتحكم في تعليم كل المواد الدراسية فكل مادة لها خصوصياتها في التعليم بحيث لا تلتزم أو تتقيد ببرنامج واحد معين فقط.

* كذلك علينا أن نتأكد بأن المعرفة متجددة وسريعة ولا تعتمد على منهاج تقليدي معين لذا علينا أن نجعل المعرفة في مناهج مرنة متجددة وتتمتع بالحرية في اتباع المسار التعليمي المناسب لها.

* كما علينا أن نرسخ في نفوس الطلاب والأبناء بشكل عام أن ما يتعلمه يستوجب ممارسته بشكل واقعي حقيقي فعليه أن يبحث عن المعرفة وتحصيلها لكي يعمل بها وليس فقط لكي ينال الشهادة عليها فقط، لأن عليه أن يمارس كل عمليات التعلم الحقيقية من مهارات التخطيط والتفكير وإدارة المعرفة وتحليلها ونمذجتها والتفاوض من خلال الإيمان الحقيقي الكامل بالعمل الجماعي وأهميته في تحقيق ما يرمي إليه من نجاحات في استيعاب المعرفة ولأنه عندما يجد نفسه في الواقع الحقيقي سيجد كل ذلك ليساعده على النجاح بطريقة صحيحة وفعلية.

* أن نؤمن بشكل إيجابي بأن المعرفة ليست مقتصرة على تلقيها من مصدر واحد وهو المعلم فقط بل على المتعلم أن يبحث عن المعرفة في أي مكان وجدت وأن اكتساب المعرفة الحقيقية يكمن في عدم الانتظار لما يملى عليه وأن يصبح اعتماده على المعلم في تلقيها، لأن استمرارية التعلم تستوجب جهوداً ذاتية من المتعلم ليحدد مصادره التي سيعتمد عليها في تلقي المعرفة، وأن يستخدم الخبرات التي اكتسبها والمهارات الكامنة لديه في التواصل مع الآخرين في بيئة تعليمية مفتوحة ومرنة بوجود نوع من المعلمين الميسرين للتعلم يساعدون في البحث عن المعرفة وليس تلقين المعرفة المحصورة في كتاب أو مكان أو زمان معين لأننا ندرك يقيناً أن سوق العمل القادم في المستقبل لايستقطب مهناً بطرق تقليدية عادية بل بطرق عصرية صالحة لإيجاد أفراد قادرين على العمل بها ومستبصرين بتجدد المعرفة والبحث عنها.

تعليق عبر الفيس بوك