النفط يتلقى "ضربات موجعة" مع زيادة الإنتاج.. واجتماع "عاصف" في ديسمبر

ترجمة - رنا عبدالحكيم

أكَّد تقريرٌ لوكالة بلومبرج الإخبارية أن ثمة عاملين تسبَّبا في الضغط على أسعار النفط وإحباط محاولات منظمة البلدان المصدر للنفط "أوبك" لدعم الأسعار، مشيرا إلى أن العامل الأول يتمثل في تفشي فيروس كورونا؛ مما قلص مستويات التعافي التي نتجت عن نمو الطلب على الخام في أعقاب اتفاق خفض الإنتاج، في حين أن العامل الثاني تمثل في نمو المعروض من الخام وضعف شديد في الطلب رغم تراجع الأسعار.

وقال التقرير إنَّه كان من المفترض أن يمثل الوقت الحالي موعدا لاستقرار أوضاع سوق النفط، كما كان من المفترض أن يؤدي تعافي الطلب على النفط بعد الموجة الأولى من الوباء، إلى جانب الركود الشديد في الإنتاج الأمريكي، إلى ترك العالم في حاجة إلى المزيد من النفط الخام من أعضائه، لكن الأمر لا يبدو هكذا.

وبالعودة إلى يونيو، توقعت "أوبك" أن ينمو الطلب على النفط الخام من أعضائها بأكثر من مليون برميل يوميًا مقارنة بتوقعات ديسمبر، قبل ظهور "كوفيد 19". وبحلول أكتوبر، خفضت المنظمة هذا التقدير بواقع 3.75 مليون برميل يوميًّا، أو ما يعادل ما يضخه ثاني أكبر عضو في المجموعة، العراق. وأدى فشل العالم في التعامل بشكل فعال مع الوباء إلى قيام دول في جميع أنحاء أوروبا -من المملكة المتحدة وفرنسا إلى اليونان- بفرض قيود جديدة على سكانها، بما في ذلك تدابير مثل إغلاق الحانات والمطاعم والمتاجر غير الضرورية والحد من السفر. وثمة مخاوف أيضًا من أن حالات الإصابة بالفيروس يمكن أن ترتفع مرة أخرى في الولايات المتحدة بعد موجة من التجمعات الانتخابية والاحتجاجات التي أعقبت عملية الاقتراع، مما تسبب في مزيد من أوامر البقاء في المنزل وتقليص الطلب على النفط.

كما دخلت إنجلترا في إغلاق لمدة 4 أسابيع، على الرغم من أن القيود ليست شديدة مثل تلك التي تم فرضها في مارس؛ حيث لا تزال المدارس وبعض الأنشطة التجارية تعمل، لكن حركة المرور في شوارع المدينة انخفضت بحدة. ومن غير المرجح أن ينخفض ​​إلى المدى الذي حدث فيه خلال الإغلاق الأول؛ حيث يتجنب الراغبون في السفر استخدام وسائل النقل العام بينما يفضلون السيارات الخاصة، لكن الانخفاض سيظل له تأثير ملموس على استهلاك النفط.

ومن المرجح أن يساعد الطقس الشتوي في دعم الطلب على الوقود، لكن القليل من ذلك سيكون في شكل نفط؛ إذ لا يتم استخدام الوقود السائل على نطاق واسع للتدفئة في المملكة المتحدة. لكن في ألمانيا -حيث فرضت الحكومة إغلاقًا جزئيًا، كما إن استخدام الوقود أكثر شيوعًا- لجأ المستهلكون إلى تخزينه قبل الشتاء، علاوة على حرصهم على ملء الخزانات قبل بدء سريان ضريبة الكربون التي ستدخل حيز التنفيذ في يناير المقبل.

وحتى في آسيا؛ حيث يعود النشاط الاقتصادي والطلب على النفط بسرعة أكبر إلى مستويات ما قبل الوباء، ما زال المنتجون ينتظرون حصد الفوائد الكاملة. وخفضت اليابان، ثالث أكبر مستهلك للنفط في آسيا بعد الصين والهند، واردات النفط الخام بأكثر من الثلث منذ بداية عام 2019. وتراجعت الواردات من أكبر 5 دول مصدرة للخام في الخليج العربي إلى النصف تقريبًا. ومن المرجح أن تظل واردات اليابان من النفط بطيئة بالقرب من المستويات الحالية حتى نهاية 2020، لأن المصافي اضطرت إلى استيراد كميات النفط الخام المتعاقد عليها على الرغم من انخفاض الطلب على الوقود. وتسبب ذلك في تراكم المخزونات التي سيستغرق سحبها وقتًا.

وفي الولايات المتحدة، من المتوقع أن يرتفع الإنتاج على المدى القصير مع زيادة معدلات حفر الآبار وتراجع هبوب الأعاصير. وأدت سلسلة من العواصف وسوء الطقس في خليج المكسيك إلى خفض الإنتاج بأكثر من 500 ألف برميل يوميًا في المتوسط ​​منذ 22 أغسطس.

وفضلا عما سبق، فإن ليبيا العضو في منظمة أوبك -والمعفاة من قيود الإنتاج المفروض على بقية المنتجين- تستعيد الإنتاج بعد فتح موانئ التصدير التي تعطلت بسبب الحرب الأهلية في أغلب فترات 2020. وتخطط ليبيا لتصدير أكثر من 800 ألف برميل يوميًا من الخام هذا الشهر، وهو ما يعادل حوالي ثمانية أضعاف ما تم شحنه في أغسطس.

وقالت "بلومبرج" إنه يتعين على تحالف "أوبك بلس"، الذي يضم أعضاء أوبك الثلاثة عشر و9 حلفاء خارجيين، أن يفكر في الخطوة التالية؛ إذ ترتكز الخطة الحالية على تخفيف تخفيضات الإنتاج بحلول الأول من يناير 2021، من خلال إضافة 1.9 مليون برميل يوميًا إلى السوق. لكن من الواضح بشكل متزايد أن هذا الأمر لن يتحقق دون دفع أسعار النفط للانخفاض، ومن المرجح اجتماع عاصف للتحالف في ديسمبر المقبل.

تعليق عبر الفيس بوك