واشنطن- رويترز
لا تزال انتخابات الرئاسة الأمريكية عصية على الحسم؛ حيث لن تتضح النتيجة في عدد قليل من الولايات إلا بعد ساعات أو أيام، رغم إعلان الرئيس دونالد ترامب فوزه دون أن يقدم أي سند وحديثه عن اتهامات لا أساس لها بالتزوير.
ولا تزال هناك مسارات أمام ترامب وخصمه الديمقراطي جو بايدن للفوز بالعدد اللازم من أصوات المجمع الانتخابي لدخول البيت الأبيض، وهو 270 صوتا، حيث تواصل الولايات فرز الأصوات البريدية التي ارتفع عددها في ضوء جائحة فيروس كورونا. وتوقعت استطلاعات الرأي لأشهر تقدما لبايدن لكنها أشارت أيضا لسباق متقارب في ولايات حاسمة ولم يسفر التصويت عن الحكم الذي كان يأمله الديمقراطيون ضد ترامب.
وبعد وقت قصير من قول بايدن (77 عاما) إنه واثق من تحقيق الفوز في المنافسة بمجرد الانتهاء من فرز الأصوات، ظهر ترامب (74 عاما) في البيت الأبيض ليعلن النصر. وأغلقت مراكز الاقتراع أبوابها مساء الثلاثاء لكن ولايات كثيرة تحتاج عادة لأيام حتى تنتهي من فرز بطاقات الاقتراع. وأدلى الكثيرون بأصواتهم عن طريق البريد بسبب الخوف من جائحة كورونا وهو ما يرجح أن إحصاء وفرز الأصوات سيستغرق وقتا أطول من المعتاد.
والنتائج في ولايات "الجدار الأزرق" الثلاث، وهي ميشيجان وويسكونسن وبنسلفانيا، لا تزال عصية على الحسم. وكانت هذه الولايات قد أوصلت ترامب إلى البيت الأبيض على نحو غير متوقع عام 2016. وبايدن متفوق بفارق طفيف في ولاية نيفادا التي قال مسؤولوها إنهم سيستأنفون فرز الأصوات يوم الخميس.
ولم تُحسم النتيجة أيضا في ولايتين جنوبيتين، هما جورجيا ونورث كارولاينا، ويتقدم ترامب في كليهما. وفوز بايدن في أي منهما سيحد كثيرا من فرص ترامب في الفوز. وإذا فاز بايدن في ولاية أريزونا، وهو ما توقعته قناة فوكس نيوز ووكالة أسوشيتد برس، فإن ذلك سيجعل أمامه سبلا عديدة لدخول البيت الأبيض.
وإذا صوتت نيفادا لصالحه، فيمكنه الفوز بالرئاسة إذا انتصر في ولايتي ويسكونسن وميشيجان اللتين يتقدم فيهما بفارق طفيف اليوم الأربعاء، وذلك حتى إذا خسر ولاية بنسلفانيا.
والطريق الأكثر ترجيحا بالنسبة لترامب يمر من بنسلفانيا، فإذا فاز بالولاية يمكنه ضمان فترة رئاسية أخرى إذا احتفظ أيضا بالولايات الجنوبية وفاز بواحدة على الأقل من ولايات الغرب الأوسط.
وقال مسؤولون في ولايتي ميشيجان وجورجيا اليوم الأربعاء إنهم يتوقعون إتمام إحصاء الأصوات فيهما بنهاية اليوم.
ويترقب زعماء العالم نتيجة انتخابات حاسمة في الولايات المتحدة وتجنب أغلبهم التعليق على فوز أحد المرشحين في ظل الغموض القائم.
وقال مركز إديسون للأبحاث إن بايدن يتفوق على ترامب في أصوات المجمع الانتخابي حيث حصل المرشح الديمقراطي على 224 صوتا مقابل 213 صوتا للرئيس.
وتبددت آمال بايدن في الحصول على فوز حاسم مبكر منذ مساء أمس الثلاثاء عندما حقق ترامب الفوز في ولايات فلوريدا وأوهايو وتكساس الحاسمة. لكن بايدن الذي شغل من قبل منصب نائب الرئيس عبر عن ثقته في أنه في طريقه للوصول إلى البيت الأبيض عبر الفوز في ثلاث ولايات رئيسية تعرف باسم ولايات حزام الصدأ.
وقال بايدن في مسقط رأسه بولاية ديلاوير، رافعا صوته وسط ضجيج أنصاره الذين راحوا يطلقون أبواق سياراتهم تأييدا له، "يحدونا شعور طيب حيال وضعنا". وأضاف "نعتقد أننا على طريق الفوز في هذه الانتخابات".
كان ترامب قد أشار خلال الأيام الأخيرة للحملة الانتخابية إلى أنه سيعلن الفوز إذا كان متقدما في ليلة الانتخابات وسيسعى لوقف فرز الأصوات الإضافية.
وقالت جين أومالي ديلون مديرة حملة بايدن الانتخابية في بيان "تصريحات الرئيس الليلة عن محاولة وقف فرز الأصوات التي تم الإدلاء بها بطريقة سليمة كانت مشينة وخاطئة ولم يسبق لها مثيل".
كان ترامب (74 عاما) قد كتب على تويتر قبل ظهوره في البيت الأبيض "نتقدم بفارق كبير لكنهم يحاولون سرقة الانتخابات. لن ندعهم يفعلون ذلك أبدا. لا يمكن الإدلاء بأصوات بعد إغلاق مراكز الاقتراع!"، وهي تغريدة سارعت شركة تويتر بوضع تحذير من أنها قد تكون مضللة.
وكتب بايدن على تويتر ردا على ترامب "ليس من حقي ولا من حق دونالد ترامب إعلان الفائز في هذه الانتخابات. إنه حق الناخبين".
ولم يتضح ماذا كان يعني ترامب عندما قال إنه سيطلب من المحكمة العليا وقف "التصويت". ولا تنظر المحكمة العليا في الطعون المباشرة لكنها تبت في قضايا رفعت إليها من محاكم أدنى درجة.
لكن خبراء قانونيين قالوا إن نتيجة الانتخابات قد تتعطل بسبب طعون في كل ولاية على حدة بشأن عدد من القضايا بما يشمل إمكانية إحصاء الولايات للأصوات التي تصل متأخرة عبر البريد وأرسلت في يوم الانتخاب ذاته.
وحتى قبل يوم التصويت أمس، شهدت الحملات الانتخابية عددا قياسيا من الدعاوى القضائية في عشرات الولايات إذ أجبرت جائحة كورونا مسؤولي الانتخابات على الاستعداد لاقتراع لم يسبق له مثيل. وحشدت الحملتان فرقا من المحامين استعدادا لأي نزاع.
وسمحت المحكمة العليا من قبل لولاية بنسلفانيا بالمضي قدما في إحصاء أصوات جرى إرسالها عبر البريد في الثالث من نوفمبر تشرين الثاني ولم تصل إلا بعد يوم الانتخاب بثلاثة أيام لكن عددا من القضاة المحافظين ألمحوا إلى استعدادهم لإعادة النظر في الأمر. ويعتزم مسؤولون في الولاية فصل تلك الأصوات جانبا كإجراء احترازي.
وقبل الانتخابات، قال ترامب إنه يريد من مجلس الشيوخ التصديق على مرشحته لعضوية قضاة المحكمة العليا آيمي كوني باريت لتكون بينهم حال نظر المحكمة في نزاع انتخابي. وانتقد ديمقراطيون الرئيس إذ بدا أنه يلمح إلى أنه يتوقع من باريت إصدار حكم لصالحه.
وقال ترامب مرارا، دون تقديم أي سند أو دليل، إن التصويت عبر البريد على نطاق واسع سيؤدي لتزوير على الرغم من أن خبراء الانتخابات الأمريكية يقولون إن مثل هذا التزوير أمر نادر الحدوث.
وفي بنسلفانيا، قال حاكم الولاية الديمقراطي توم وولف إن لدى ولايته أكثر من مليون صوت عبر البريد لم تُفرز بعد، ووصف تصريحات ترامب بأنها هجوم له دوافع حزبية.
وقال مركز إديسون للأبحاث إن أكثر من 2.4 مليون ناخب أدلوا بأصواتهم مبكرا في تلك الولاية 1.6 مليون منهم من الديمقراطيين المسجلين ونحو 555 ألفا من الجمهوريين.
وستحدد الانتخابات أيضا الحزب الذي سيهيمن على الكونجرس الأمريكي لعامين مقبلين وبدا أن مساعي الحزب الديمقراطي للفوز بالنسبة الأكبر في مجلس الشيوخ لم تثمر.
وجاء أداء ترامب القوي في فلوريدا، التي يجب أن يفوز بها إذا كان سيعاد انتخابه، مدفوعا بتحسن نسب التأييد له بين ذوي الأصول اللاتينية.
وشكا نشطاء ديمقراطيون من أصل لاتيني منذ أشهر من أن بايدن يتجاهل شريحتهم من الناخبين ويصب تركيزا ضخما على الناخبين السود في مدن كبرى بالغرب الأوسط. وأظهرت استطلاعات رأي في ولايات رئيسية تراجع شعبية بايدن بين ذوي الأصول اللاتينية في الأسابيع السابقة ليوم الانتخاب.
ويسعى ترامب للفوز بولاية أخرى بعد أربع سنوات اتسمت بالفوضى وكان من أبرز معالمها أزمة فيروس كورونا واقتصاد تضرر بشدة من إجراءات العزل التي طبقت لمواجهة الجائحة وأيضا محاولة درامية لمساءلته وتحقيقات في تدخل روسي في الانتخابات وتوتر عرقي وسياسات مثيرة للجدل تتعلق بالهجرة.
أما بايدن فيتطلع للفوز بالرئاسة في ثالث مساعيه لتولي المنصب بعد حياة سياسية طويلة استمرت 50 عاما وشملت توليه منصب نائب الرئيس لثماني سنوات في عهد الرئيس باراك أوباما.