الاقتراب من استنساخ "سيناريو 2000" لتسوية النتيجة

مخاوف "عدم القبول بالهزيمة" تنذر بانهيار قيم الديمقراطية الأمريكية

ترجمة-رنا عبدالحكيم

قال الصحفي البريطاني جديون راشمان، كبير معلقي الشؤون الخارجية بجريدة "فاينانشال تايمز"، إنَّ أمريكا التي لطالما ابتهجت بلقب "زعيم العالم الحر" تواجه اليوم أزمة حقيقية على وقع الانتخابات الرئاسية الحالية، إذ إنه وفي حال لم يُسلِّم الرئيس دونالد ترامب بالنتيجة حال هزيمته، فإنه سيضع قيم الولايات المتحدة على المحك، معتبراً أنَّ الانتخابات الحالية هي المثال النهائي للديمقراطية في العمل.

راشمان -الذي فاز في العام 2016 بجائزة أورويل للصحافة السياسية- فنَّد أكذوبة الاعتقاد لدى الأمريكيين بأن فشل الديمقراطية حدث فقط في أراض أجنبية، مؤكدًا أنَّ الديمقراطيات يمكن أن تفشل في أي مكان، وأن الدروس المؤلمة المستفادة من الجهود المتعثرة للأمة في "تعزيز الديمقراطية" في الخارج يمكن أن تنطبق أيضًا في الولايات المتحدة.. لافتًا إلى أنَّ إحدى الأفكار الشائعة هي أن الديمقراطية تدور حول أكثر من مجرد التصويت؛ "فإذا لم يتم تقويض نتائج الانتخابات أو قلبها، فإن الديمقراطية تتطلب أيضًا إعلامًا حرًّا، وخدمة مدنية قوية، ومحاكم مستقلة، وإطارًا دستوريًّا آمنًا، وربما الأهم من ذلك كله ثقافة ديمقراطية يقبل فيها الخاسرون في الانتخابات بالهزيمة".

ومن الواضح أن استعداد دونالد ترامب لقبول الهزيمة موضع تساؤل، خصوصا وأنَّ الرئيس أشار مرارًا وتكرارًا إلى أنه لن يعترف بالنتيجة التي يعتبرها "مزورة"، فيما يعتقد العديد من الديمقراطيين أن شكاوى ترامب هي مجرد واجهة لخططه لسرقة الانتخابات؛ معتبرين أنَّ الحديث عن انتخابات مزورة أو مسروقة أمر خطير؛ إذ يُمكن أن يقود إلى شلل الاجتماعي أو عنف سياسي.

فالغضب من الانتخابات المسروقة هو أحد أسباب انهيار الديمقراطيات، إلا أنه إذا بدت تكاليف الخسارة باهظة للغاية، فإن الرغبة في قبول الهزيمة -حتى لو كان التصويت نزيهاً- يمكن أن تختفي أيضًا.

ولا يُخفي بعض الدبلوماسيين الأمريكيين خشيتهم من ظهور أمراض سياسية اعتقدوا ذات مرة أنها تقتصر على الديمقراطيات الفاشلة في الخارج.. ويتذكر فيليب جوردون أحد كبار المسؤولين في إدارة باراك أوباما، محاولة إقناع الجنرالات المصريين والمسؤولين في جماعة الإخوان المسلمين بالتعايش داخل نفس النظام السياسي أنه تم رفضه، ورأى كلا الجانبين في مصر بعضهما البعض على أنه تهديد وجودي، يجب هزيمته بأي ثمن وبأي وسيلة ضرورية. والآن يخشى جوردون من أن نفس منطق "الفائز يأخذ كل شيء" يقوض الديمقراطية الأمريكية.

ومما يُثير القلق أنه حتى أبسط خطوة في العملية -التصويت نفسه- تبدو معيبة ومتداعية. أُجبر الناس في جميع أنحاء الولايات المتحدة على الوقوف في طوابير لساعات للتصويت مبكرًا. وفي العديد من الولايات، جعل الحزب الجمهوري التصويت أكثر صعوبة، خاصة بالنسبة للأقليات العرقية.

وأكَّد راشمان في مقاله بصحيفة "فايننشل تايمز" على أنَّ هناك ترقيعًا غير متسق لقواعد الدولة حول كيفية تصويت الناس، وكيف يتم احتساب هذه الأصوات، معتبرًا إياه وصفة ارتباك، لا سيما مع ادعاءات ترامب المتكررة بأن بطاقات الاقتراع عبر البريد مفتوحة للاحتيال، والتي بلا شك تمهد الطريق أمامه للاعتراض على النتائج.

لذا؛ فمن الممكن تمامًا، كما حدث في العام 2000، أن تنتهي نتيجة الانتخابات إلى تسوية من قبل المحكمة العليا. ويؤكد هذا الاحتمال الأهمية الحاسمة لاستقلال القضاء في نظام ديمقراطي. وألمح ترامب بشدة إلى أنه يأمل في أن ترفض آمي كوني باريت التي تم تعيينها حديثا، أي حكم بشأن الانتخابات في اتجاهه.

مختتما بأنه "عندما تفشل جهود الترويج للديمقراطية في بعض البلاد تكون مأساة للبلد المعني، وإذا فشلت الديمقراطية في الولايات المتحدة، فستكون مأساة عالمية".

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة