ترجمة - رنا عبدالحكيم
قُبيل انطلاق يوم الاقتراع في الانتخابات الأمريكية المقرَّرة يوم الثلاثاء، شنَّ الكاتبُ الصحفيُّ الأمريكي توماس فريدمان هجومًا لاذعا على الرئيس دونالد ترامب الذي يسعى لولاية ثانية عن الحزب الجمهوري في مواجهة منافسة الديمقراطي جو بايدن.
وكتبَ فريدمان في مقاله المنشور بصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية: "لم يعد هناك مفر لأمريكا من يوم الثلاثاء موعد التصويت الرسمي في الانتخابات، وهذا سيحدد استقرار وجودة مؤسساتنا الحاكمة، وتحالفاتنا، وكيف نتعامل مع بعضنا البعض، والتزامنا الأساسي بالمبادئ العلمية والحد الأدنى من الكياسة التي نتوقعها من قادتنا.. فمستقبل الدولة بأكملها تتحكم فيه ورقة اقتراع".
وقال فريدمان: "النبأ السار هو أننا نجونا من أربع سنوات من الرئاسة التعسفية لدونالد ترامب مع بقاء معظم قيمنا الأساسية كما هي، ومن المؤكد أن الضرر كان عميقاً، لكنني سأجادل، بأن سرطان ترامب لم ينتشر بعد في العظام والغدد الليمفاوية لأمتنا، وما زلنا قادرين على صد هذا الضرر". لكن النبأ السيئ -بحسب فريدمان- هو أنه "إذا كان علينا أن نتحمل أربع سنوات أخرى من دونالد ترامب، وهو غير مقيد بالحاجة إلى إعادة انتخابه، فلن تكون بلادنا هي أمريكا التي نشأنا معها، والتي أتينا ووجدنا قيمها وأعرافها ومؤسساتها". وتابع: سيكون لدينا أربع سنوات أخرى من رئيس لا يخجل، مدعوم بحزب لا يملك أسسا متنية، وتدعمه شبكة تليفزيونية عديمة النزاهة، ومن المحتمل أن يصيب السرطان عظام كل مؤسسة جعلت أمريكا تسود العالم في يوم من الأيام".
وتساءل فريدمان: من سنكون إذا فاز ترامب؟ وقال: "إذا أعدنا انتخابه، ونحن نعلم كم هو كاذب وفاسد ومدمر للمعايير، فإن العالم لن يتعامل مع السنوات الأربع الماضية على أنها انحراف. سيعاملنا على أنه من المؤكد أننا قد تغيرنا.. ولن ينظر العالم إلى أمريكا بشكل مختلف فحسب، بل سينظر إلى الأمريكيين نظرة مغايرة. ولسبب وجيه. وأوضح أن إعادة انتخاب ترامب تعني أن عددًا كبيرًا من الأمريكيين لا يعتزون بالمعايير التي تعطي دستورنا معنى، ولا يقدرون الحاجة إلى خدمة مدنية مستقلة ومحترفة، ولا يحترمون العلماء، ولا يتوقون للمواطنة، ولا يهتم أحد منهم إذا قال الرئيس 20000 كذبة، وباختصار نحن لا نهتم بما جعل أمريكا بالفعل عظيمة ومختلفة عن أي قوة عظمى أخرى في التاريخ.
وقال إنه إذا حدث ذلك، فإن ما خسرته أمريكا خلال السنوات الأربع الماضية ستصير خسارة دائمة، وسنشعر بتأثيرات ذلك في جميع أنحاء العالم.
ويرى فريدمان أنه "إذا أصبحت أمريكا مظلمة، وتلقت معاملة ساخرة في جميع علاقاتها الخارجية خاصة من روسيا والصين، وإذا توقف الأجانب عن الاعتقاد بوجود مكان ما فوق قوس قزح؛ حيث لا تزال الحقيقة مقدسة في التقارير الإخبارية، وحيث تكون العدالة هي القاعدة في معظم المحاكم، فإن العالم بأسره سيصبح أكثر قتامة. وأولئك الذين يتطلعون إلينا لاستلهام الأفكار، فلن يكون لديهم نقطة مرجعية محترمة على نطاق واسع ينتقدون حكوماتهم على أساسها.
وذكر الكاتب في مقاله أنه سأل نادر موسوي زاده المسؤول الكبير السابق في الأمم المتحدة والذي يدير الآن شركة "ماكرو أدفيزور بارتنرز الاستشارية" ومقرها لندن، عما يعتقد أنه على المحك في هذه الانتخابات، وكان رده: "على الرغم من جميع أنواع الإخفاقات والعيوب، كانت أمريكا دولة تريد مستقبلًا أفضل، ليس فقط لنفسها ولكن لشعوب أخرى."
ويؤكد فريدمان أن أمريكا تصرفت -بالطبع- في بعض الأحيان بطرق قاسية ومتهورة وضارة تجاه الدول والشعوب الأخرى، منها ما حدث في فيتنام، وكذلك ما حدث من انقلابات مناهضة للديمقراطية في إيران وتشيلي، وأيضا سجن أبو غريب في العراق، كما كان حرمان الأطفال من آبائهم على حدودنا الجنوبية معاملة أمريكية قاسية تجاه الدول والشعوب الأخرى.
لكنه يزعم أن هذه الحوادث "تظل استثناءات، وليس أسلوب عملنا، وهذا هو بالضبط سبب غضب الناس في جميع أنحاء العالم، ناهيك عن الأمريكيين، في حين أن العالم بأسره يتجاهل انتهاكات روسيا أو الصين".
ويختتم فريدمان مقاله اللاذع بالقول: "4 سنوات أخرى من عهد ترامب في أمريكا، ستؤدي إلى خيبة أمل كبيرة وإلى تحطيم مكانتنا وتأثيرنا، وعندما يتم استقبالنا في جميع أنحاء العالم باعتبارنا روسا أو صينيين، سندرك جيدا حقيقة ما فقدناه بلا رجعة".