تعاني اضطرابا في تحديد المسار الأفضل

أوروبا تضع يدا على مقبض "الإغلاق الثاني" احتماءً من هجمات "كوفيد 19"

ترجمة - رنا عبدالحكيم

نشرت شبكة "سي.إن.إن" الإخبارية، تقريرًا مطولًا حول ماهية المسار الأفضل لانتعاشة اقتصادية تنهض بعالم كورونا من بين أنقاض الركود، متسائلة عمَّا إذا كان ذلك معلقا بيد الإغلاق أم القيود؟ موضحة أنَّ الحكومات في جميع أنحاء أوروبا تختار بين إستراتيجيتين مُختلفتين إلى حدٍّ كبير، مع وصول الموجة الثانية من "كوفيد 19" حيز التأثير شديد السلبية.

وعادت الأزمة التي ضربت أوروبا لأول مرة في أوائل الربيع ولكن هذه المرة، يشعر الكثير من الأشخاص بأنَّ الإغلاق هو ثمن باهظ للغاية. ومع ذلك، اتفق معظم الخبراء الطبيين والاقتصاديين -الذين تحدثت إليهم شبكة "سي.إن.إن" على أنه على المدى الطويل، فإن الإغلاق القصير أفضل من المعركة المستمرة لاحتواء الوباء.

ونصح كبار الخبراء العلميين رئيس وزراء المملكة المتحدة بفرض إغلاق وطني فوري لمدة أسبوعين للحد من انتشار "كوفيد 19" في سبتمبر. وبدلاً من ذلك، كشف جونسون الأسبوع الماضي عن نظام محدود من القيود المفروضة على فيروس كورونا محليًّا، إذا لزم الأمر، وشجع مرة أخرى أولئك الذين يمكنهم العمل من المنزل على القيام بذلك.

وقال روبرت جينريك وزير الإسكان البريطاني، لـ"بي.بي.سي"، الأسبوع الماضي: إن حكومة جونسون يجب أن "توازن بين حماية حياة الأشخاص" مع إبقاء الناس في التعليم والتوظيف.

وكان نتيجة الإغلاق الربيعي، انكماش الاقتصاد البريطاني بنسبة 20% في الربع الثاني، مما دفعها للركود الأعمق في أي اقتصاد متقدم رئيسي. ويتعرض جونسون الآن لضغوط من بعض أعضاء حكومته للإبقاء على الاقتصاد مفتوحًا، حتى مع اقتراب فصل الشتاء وارتفاع حالات الإصابة بفيروس كورونا.. ولكن يعتقد بعض الخبراء أن القيود المحدودة ليس لها تأثير يذكر على الفيروس وتضر بالاقتصاد بمرور الوقت.

وقال آندرو جودوين كبير الاقتصاديين في المملكة المتحدة في شركة أكسفورد إيكونوميكس الاستشارية لشبكة "سي.إن.إن": "الأولوية هي السيطرة على الفيروس". وأضاف: "والطريقة الأسرع والأكثر عدوانية للقيام بذلك هي أفضل شيء للاقتصاد". موضحًا أنَّ "أسوأ شيء هو استمرار هذه الفقاعات لفترة طويلة، وهذا أخطر شيء. وفي نهاية المطاف، كلما طال هذا الأمر، كان الأمر أسوأ بالنسبة للاقتصاد والمالية العامة."

وأوضح جودوين أن إغلاق "قاطع الدائرة" قصير، على النحو الذي أوصى به العلماء الذين ينصحون حكومة المملكة المتحدة، قد يتسبب في انكماش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 2.5% في الربع الأخير من عام 2020.

وتُظهر الصين ما هو ممكن عندما يتم الجمع بين عمليات الإغلاق وسياسات تتبع السكان التي تهدف لاحتواء الفيروس. فقد أغلق ثاني أكبر اقتصاد في العالم بشدة في وقت سابق من هذا العام، وأنفقت الحكومة مئات المليارات من الدولارات على جهود التحفيز. وكانت القوة العالمية الرئيسية الوحيدة التي تجنبت الركود هذا العام.

ولكن ثبت صعوبة تكرار هذا النجاح على الدول الأخرى، خاصة في الأماكن التي لا يمارس فيها القادة نفس مستوى السيطرة على سكانهم مثل بكين. ونهج جونسون في إنجلترا ليس فريدًا بأي حال من الأحوال. فقد رفضت الحكومة الأيرلندية الأسبوع الماضي دعوة من رؤساء الصحة لإعادة فرض إغلاق على مستوى البلاد، على الرغم من الارتفاع الحاد في عدد الحالات. وبدلاً من ذلك، شدد رئيس وزراء البلاد ميشيل مارتن، قيود فيروس كورونا في جميع أنحاء البلاد لمدة ثلاثة أسابيع، مشيرًا إلى الحاجة لحماية الشركات من المزيد من الضرر.

ولكن وعبر الحدود، اتَّخذ المسؤولون التنفيذيون في أيرلندا الشمالية إستراتيجية أكثر جرأة؛ حيث أعلنت الوزيرة الأولى أرلين فوستر أنَّ المدارس والحانات والمطاعم ستغلق لمدة أربعة أسابيع، في محاولة لمعالجة حالات ارتفاع الأسعار، فيما أعلن وزير ويلز الأول مارك دراكفورد لشبكة "سكاي نيوز" البريطانية أن البلاد تدرس أيضًا إغلاقًا وطنيًا قصيرًا.

وقالت كاثرين هيل عالمة الأوبئة الفرنسية البارزة، لشبكة "سي.إن.إن": نحتاج إلى التوقف عن التفكير في وجود تعارض بين الاقتصاد والصحة العامة. وأضافت: "إذا حللنا أزمة الفيروس التاجي، فإننا نحل الأزمة الاقتصادية. في الصين، سيطروا على الوباء وعاد الاقتصاد. الهدف بسيط: التخلص من الفيروس، حتى تعود الحياة إلى مسارها الصحيح."

وقال جوناثان بورتس أستاذ الاقتصاد في كينجز كوليدج لندن، إن "الإستراتيجية الناجحة لقمع الفيروس هي أفضل شيء للاقتصاد"، حتى لو كان ذلك يعني أن الحكومة بحاجة لاقتراض المزيد لتمويل دعم الشركات والأسر. وقال روبرت ويست أستاذ علم النفس الصحي في جامعة كوليدج لندن: إنَّ الإغلاق الوطني المستقبلي في المملكة المتحدة مرجح بغض النظر عن المخاوف المستمرة بشأن الصدمة التي سيحدثها للاقتصاد؛ لأن الحالات ترتفع بسرعة كبيرة.

لكنه يقول إنَّ المفتاح هو أن تستغل الحكومة الوقت الذي تقضيه في الإغلاق لتحسين الأنظمة التي يمكن أن تساعد في السيطرة على الفيروس بمجرد رفع القيود. وقال لشبكة "سي إن إن": "ستكون مضيعة للوقت إذا أغلقنا أبوابنا دون تطوير نظام اختبار وتتبع".

تعليق عبر الفيس بوك