السياحة الاستشفائية

د. خالد بن عبدالوهاب البلوشي *

في إحدى السنوات، وأثناء حضوري أحد المعارض العالمية المعنية بالسفر والسياحة، توقفت أمام جناح إحدى الدول، وشدَّ انتباهي المواقع التي يتمُّ ترويجها، والتي كانت عبارة عن خدمات سياحية استشفائية ومصحات ومنتجعات طبية.

ودار بيني وبين المشرف على الجناح حديثٌ حول الدور الاقتصادى لهذا النوع من الخدمات السياحية؛ حيث أكد لي أن الإقبال على هذا النوع من السياحة يتركَّز على استخدام ينابيع وعيون المياه الساخنة العادية أو الساخنة الكبريتية... وغيرها من الينابيع الأخرى؛ حيث قاموا بإعداد مراكز طبية ومصحات ومنتجعات محيطة بتلك العيون والينابيع، مع توفير تجهيزات طبية وكوادر لديها الكفاءة والخبرة، وأكد لي أنهم وبكل ثقة تفوقوا على العديد من الدول في هذا القطاع.

ثمَّ أردف قائلا أنت من سلطنة عُمان ولديكم كنوز طبيعية سهلة المنال، وهي عيون الماء والينابيع المتنوعة، بل تزيد في عددها وجودتها عما لدينا.

فأبديتُ اندهاشي لمحدثي إذ كيف يعلم بهذه العيون والينابيع؛ فعلق قائلا: نحن كمتخصصين نتابع باستمرارية هذه المواقع الموزعة حول العالم، ليس تخوفا من المنافسين الحاليين والمتوقعين، بل لضمان تربعنا على هذا النوع من السياحة.

تركته وأكملت جولتي، وأنا أطرح على نفسي العديد من الأسئلة: ما الذي يمنعنا من استغلال مئات العيون والينابيع الغنية بالمعادن والتي تتفوق على العديد من مثيلاتها في المنطقة بل والعالم؟

تعدُّ هذه المشاريع من المشاريع الاقتصادية السياحية ذات المردود المادي والاجتماعي العالي؛ لما تُتيحه من فرص عمل وتنمية مجتمعية لمحيط تلك العيون، إلا أنَّ بعض هذه العيون التي تمَّ حرمانها وتعطيل ترويجها بسبب العديد من المعوقات خاصة من بعض قاطني محيط تلك العيون والمشرفين عليها، وتغلب المصلحة الفردية على المصلحة العامة.

أعتقد أنَّ الوقت قد حان لعمل إحصاء رسمي جغرافي وجيوفيزيائي وهيدرولوجي لكل عين على حدة، وتتبُّع مسارات تلك العيون والينابيع؛ فلكل عين وينبوع خصائص جيوكيميائية يجب معرفتها وسبرها. ويُمكن أن تطرح هذه الفرص الموجودة بعد أن تنتهي الدراسات للاستثمار؛ سواء محليًّا أو دوليًّا، أو من خلال جناح السلطنة بإكسبو دبي في أكتوبر 2021.

ونأمل أن تتولَّى المفوضية العامة لجناح السلطنة التنسيق مع جهات الاختصاص -سواء كانت وزارة التراث والسياحة أو هيئة البيئة أو وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه- والنظر في هذا الأمر كفرص استثمارية يطلع عليها زوار الجناح.

نحن في مرحلة تحتم علينا استغلال أي فرص ذات عائد اقتصادي سهلة المنال، ومشاريع السياحة الاستشفائية والمصحات والمنتجعات إحدى هذه الفرص الجاهزة لدعم قطاع السياحة بالسلطنة.

* خبير الإعلام السياحي