"17 نوفمبر" أكثر من كونه مناسبة احتفائية بالمنجزات

مسيرة دعم وتمكين المرأة العُمانية

 

تاريخ مُرصع بالرعاية السامية.. وضَّاء بإسهامات نسوية محفورة بماء الذهب

مسقط - الرؤية

تُسطِّر صَفَحات التاريخ العُماني، القديم منه والحديث، للمرأة العُمانية مُشاركتها المتميزة في بناء ونماء هذا الوطن، ودورها المحوري الرائد إلى جوار شريكها الرجل.. دورٌ كما يستحقُّ الإشادة والثناء، يستحق كذلك الدراسة والاحتذاء؛ حيث كانت المرأة العُمانية ولا تزال نموذجًا راقيًا في قصص بناء المنجز النهضوي الوطني المُبارك على امتداد التاريخ.. أسماء لنساء عُمان مارسن أدوارهن كاملة في خدمة الوطن، أسماءٌ محفورة بماء الذهب لبنات عُمان ممن برعن في مجالات شتى، بفضل الرعاية والاهتمام الساميين من لدن القيادة السياسية السامية في البلاد، سواءً في عهد السلطان المؤسس المغقور له بإذن الله تعالى السلطان قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه- واليوم في العهد الزاهر الميمون لمولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -أبقاه الله- نحو نهضة متجددة، يتشارك فيها الجميع حلمًا وهدفًا وطنيا واحدًا "نحو عُمان في مصاف الدول المتقدمة".

وفي هذا السياق، تُضيء "الرؤية" أنوارَ الاحتفاء على رأس محطَّاتٍ لا تُنسى في مسيرة دعم وتمكين المرأة العُمانية، طوال يوبيل ذهبي لنهضة عُمان الظافرة.

 

التشريعات الوطنية الداعمة

وإلى جانب ذلك، أسهمت التشريعات العُمانية ذات الصبغة الاجتماعية المتعلقة بالمرأة والمستمدة من أحكام الشريعة السمحة، في إعطاء المرأة العُمانية كامل حقوقها؛ مما ساعدها في لعب دور مهم في التنمية، وعزز دورها الوطني في مختلف ميادين العمل.

ويعدُّ النظام الأساسي للدولة -الصادر بالمرسوم السلطاني 101/96، والمعدل بموجب أحكام المرسوم السلطاني 99/2011- التشريع الأسمى في السلطنة، والذي يتعين على كافة القوانين والأنظمة أن تصدر بالاتساق مع أحكامه، حيث أفردت أحكامه قدراً كبيراً من العناية؛ ومنها المادة 12 التي تشير إلى أن "العدل والمساواة وتكافؤ الفرص بين العمانيين دعامات للمجتمع تكـفلها الدولة، وأن التعاضد والتراحم صلة وثقى بين المواطنين. كما أكدت هذه المادة أنَّ الأسرة أساس المجتمع، وينظم القانون وسائل حمايتها، والحفاظ على كيانها الشرعي، وتقوية أواصرها وقيمها".

إضافة للمادة 17 من ذات النظام، والتي أكدت على مبدأ المساواة أمام القانون وفي الحقوق والواجبات العامة، وعدم التمييز بينهم في ذلك بسب الجنس أو الأصل أو اللون أو اللغة أو الدين أو المذهب أو الموطن أو المركز الاجتماعي، كما نظم قانون الخدمة المدنية الصادر بالمرسوم السلطاني 120/2004 معايير العمل لتنسجم مع المستويات العالمية؛ من خلال تكافؤ الفرص والعدالة، وتتمتع المرأة بنفس فرص التوظيف التي يتمتع بها الرجل، فضلا عن المساواة في الأجور وجميع المزايا الوظيفية وأيام الإجازات، ويشمل هذا الوضع جميع الوظائف بما فيها الوظائف العليا، ويكفل قانون العمل الصادر بالمرسوم السلطاني 113/2011 حقوق المرأة العاملة في القطاع الخاص، وخصَّص بابا كاملا لحقوق المرأة العاملة، وكذلك نظم قانون الأحوال الشخصية العلاقات الأسرية، وحدد سن الزواج بحيث تكمل أهلية الزواج بالعقل وإتمام الثامنة عشر من العمر، وحفظ حقوق المرأة في النفقة والحضانة، وعدم التعرض لأموالها الخاصة وضمن لها حق التصرف فيها بكل حرية.

 

المواثيق والمعاهدات الدولية

إلى ذلك، والتزاما بالمواثيق والمعاهدات الدولية، انضمت السلطنة لعدد من الاتفاقيات الدولية التي تُعنى بحقوق الإنسان؛ ومنها: اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة "سيداو" بموجب المرسوم السلطاني رقم 42/2005. وفي إطار متابعة تنفيذ هذه الاتفاقية، ناقشت السلطنة تقريرها الوطني الأول في الرابع من أكتوبر 2011، وتقريرها الدوري الجامع للتقريرين الثاني والثالث في 3 نوفمبر 2017، ولقيت هذه التقارير إشادة بما تحقق للمرأة العمانية من إنجازات.

كما وقعت وزارة التنمية الاجتماعية برنامجَ تعاون مع المعهد العالي للقضاء لتدريب القضاة وأعضاء الادعاء العام والمختصين القانونيين على اتفاقيات حقوق الإنسان التي تشرف الوزارة على متابعة تنفيذها في مجال حقوق المرأة، والطفل، والأشخاص ذوي الإعاقة، كما يُعتبر إعلان ومنهاج عمل بيجين من الالتزامات الدولية التي تحرص السلطنة على متابعة التقدم المحرز في مجالاته الـ12 المتعلقة بالمرأة، وتقدم السلطنة تقريرا وطنيا كل خمس سنوات، وقُدم آخر تقرير بيجين + 25 في العام 2019.

 

التمكين السياسي

قانون انتخابات أعضاء مجلس الشورى، والصادر بالمرسوم السلطاني 58/2013، لم يميّز بين الذكر والأنثى في الحق للترشح لعضوية المجلس؛ حيث أوضحت المادة 34 أنَّ شروط العضوية تتلخص في بلوغ سن 30 عاماً، والتمتع بسمعة حسنة ومكانة اجتماعية وخبرة عملية مناسبة، كما ساوى القانون في المادة 46 بين المواطنين ذكورا وإناثاً في الإدلاء بأصواتهم واختيار أعضاء المجلس، وشهدت الفترة التاسعة للمجلس ارتفاعا في عدد المترشحات مقارنة بالفترة الماضية؛ حيث بلغ عددهن 40 مترشحة من بين 717 مترشحا وبلغت نسبة الناخبات 3ر47% من اجمالي عدد الناخبين.

كما صدر قانون المجالس البلدية بالمرسوم السلطاني 116/2011، وأتاح هذا القانون للمرأة العمانية التي لا يقل عمرها عن الـ30 سنة الترشح والانتخاب لعضوية المجالس البلدية؛ مما فتح الباب أمام المرأة العمانية لممارسة حقها على قدم المساواة مع الرجل، وشهد تمثيل المرأة في المجال الدبلوماسي تطوراً ملحوظاً خلال السنوات الأخيرة، وقد احتلت المرأة العمانية مناصب رئيسية في العمل الدبلوماسي كسفيرة ومندوبة للسلطنة لدى وكالات الأمم المتحدة... وغيرها من المناصب الدبلوماسية.

وتبيِّن الإحصاءات أن نسبة الإناث في مجلس الوزراء بلغت 15% بنهاية عام 2019، و17% في مجلس الدولة، و2.4 % في مجلس الشورى، و4% في المجالس البلدية، وبلغت نسبة الناخبات بالمجالس البلدية 46%.

 

التمكين الاقتصادي

وتعدُّ مشاركة المرأة العُمانية في المجالات الاقتصادية من الأمور المهمة وذات مساهمة فاعلة في المجتمع؛ فهي تقوم بدور مهم في تنمية كافة قطاعات العمل وتمكنت من إثبات قدرتها وكفاءتها وإبراز إمكانياتها في تأسيس العديد من المشاريع الاقتصادية الحيوية بفضل ما تيسر لها من عون واهتمام وتوفير شتى أنواع التعليم والتأهيل والتدريب المناسب، وقد أنشئت الهيئة العامة لتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بالمرسوم السلطاني 36/2013 لتعزيز دور المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ذات القدرة على توفير فرص العمل المتعددة والمتجددة للشباب العماني من الجنسين ومساعدتهم، كما تأسس المركز الوطني للأعمال في العام 2012 ليكون منصة رائدة لدعم رواد الأعمال العمانيين من الجنسين في تطوير مشاريع تجارية ناجحة، ويعد المركز جزءاً من إستراتيجية حكومية كبيرة تقوم بدعم واحتضان المؤسسات العمانية الصغيرة والمتوسطة، لتُسهم في دفع عجلة الاقتصاد العماني للأمام، وخلق فرص عمل جديدة في السوق العماني، وتعمل لجان صاحبات الأعمال بغرفة تجارة وصناعة عمان على دعم ومساندة رائدات الاعمال، وتترأس هذه اللجان نساء منهن 3 عضوات في مجالس إدارات الغرفة، وبلغ عدد هذه اللجان 8 لجان متوزعة على مستوى محافظات السلطنة، وتضم اللجان في عضويتها 98 صاحبة عمل.

إلى جانب ذلك، أطلقت وزارة التنمية الاجتماعية في العام 2016 برنامج "تمكين"، والذي يهدف لاستثمار طاقة الفرد والأسرة بهدف المشاركة في التنمية، وتحويل الأسر المستفيدة من مظلة الضمان الاجتماعي إلى أسر منتجة ومساهمة في تنمية الاقتصاد الوطني.

 

التمكين الاجتماعي والتطوع

هذا، وتعتبر إستراتيجية العمل الاجتماعي لوزارة التنمية الاجتماعية 2016-2025 إطاراً عامًّا ومرجعيًّا، استوعبت في محاورها الستة المرأة والأسرة، وشكلت مؤشرات النوع الاجتماعي أساساً للخطط التنفيذية لها، وتتضمَّن الإستراتيجية خططا وبرامج هادفة لتوفير حياة كريمة للمرأة والأسرة، ودعم مشاركتها في العملية التنموية المستدامة. وتعتبر زيادة مشاركة المرأة في العمل التطوعي مؤشراً مهما لوضع المرأة ومكانتها في المجتمع.

كما أنَّ إشهار جمعيات المرأة العمانية يعد أحد مقومات العمل التطوعي، حيث بلغ عدد هذه الجمعيات بنهاية العام 2019 حوالي 65 جمعية وفرعا، وجائزة السلطان قابوس للعمل التطوعي تمثل كذلك منهاجا وفكرا يحتذى به في مسيرة البناء والتنمية، ومن أهم أهداف هذه الجائزة ترسيخ ونشر ثقافة العمل التطوعي وإبراز دور الأفراد والجمعيات والمؤسسات الأهلية باعتبارها شريكا أساسيا في التنمية الاجتماعية، وبرز من خلال هذه الجائزة نساء رائدات في مجال العمل الاجتماعي التطوعي.

ولتمكين المرأة من المشاركة الفاعلة في مجتمع عُمان الرقمي واستخدام التكنولوجيا، فقد تم إنشاء 9 مراكز مجتمع معرفية تستهدف المرأة في مختلف محافظات السلطنة يتم من خلالها تدريب النساء في مجال تقنية المعلومات، وتعد هذه المراكز أحد أهم المحاور التي ارتكز عليها برنامج تدريب المجتمع في مجال تقنية المعلومات.

 

المرأة والصحة

وكما تضمَّن النظام الصحي في السلطنة حتى العام 2040 العديد من البرامج والمشروعات الموجهة لصحة الإنسان العماني والمقميمين، فقد تضمن كذلك ثلاثة أهداف موجهة للمرأة على مدى دورة حياتها؛ وهي: القضاء على وفيات الأمهات وحديثي الولادة التي يمكن تفاديها، وتحسين جودة الخدمات الصحية، وإيجاد بيئة معززة لصحة النساء والأطفال. وأيضا تنفيذ البرنامج الوطني لتقديم الخدمات الصحية للمرأة في مرحلة ما بعد سن الإنجاب. إلى جانب تقديم الوزارة خدمات في مجال الكشف المبكر عن سرطان الثدي للنساء فوق سن الأربعين وحتى النساء تحت سن الأربعين ممن يحملن أحد عوامل خطر الإصابة بهذا النوع من السرطانات.

 

 

ندوة المرأة العُمانية 2009

شكلت ندوة المرأة العمانية، التي عُقِدت في العام 2009، منهاج عمل لمسيرة المرأة العمانية خلال الأعوام التي تلتها، واعتُبر تخصيص يومٍ للمرأة العمانية منجزُا واعدًا من بين منجزات عديدة حظيت بها المرأة في عُمان.

وتثري هذه الندوة -التي كانت تنظمها سنويا ولا تزال وزارة التنمية الاجتماعية- العديد من النقاشات والملتقيات العلمية المهمة، إضافة لتدشين دراسات ذات صلة بالمرأة، وتكريم لنساء عُمان الرائدات في مختلف المجالات: العلمية، والاجتماعية، والاقتصادية، والثقافية.

تعليق عبر الفيس بوك