من الضيف.. السلاحف أم الإنسان؟!

إسماعيل بن شهاب البلوشي

 

من الصعب أن يتم الجزم بمن هو ضيف على الآخر في رأس الحد هل هو الإنسان أم السلاحف ولكن في نظرة عامة فإنَّ أغلب الاعتقاد أنَّ السلاحف من اختار ذلك المكان قبل الإنسان نظراً إلى الظروف والمناخ الذي يناسبها وإلا كان يمكن أن تراها في أي مكان من العالم وحتى عندما راقت تلك السواحل للإنسان القديم فقد شاركها السكنى كضيف خفيف؛ حيث إنَّ مقتنياته لم تكن كثيرة، ولم يكن يملك الكهرباء ولا السيارات ولا حتى ذلك الأسلوب غير المناسب من الزائرين والسائحين من خارج المنطقة انطلاقاً من حب الإطلاع كما هو اليوم وإذا كنَّا كبشر نمتلك من القوة والأسلوب كي نفرض الرأي الذي يناسبنا فمن الصعب بل المستحيل أن تبدي السلاحف وجهة نظرها أو أن تشتكينا إلى أي جهة غير أننا كبشر يجب أن يكون لدينا من اللياقة الفكرية الكافية كي نشتكي منِّا كبشر بالنيابة عنها وإذا كان الأمر كذلك فإني ومن خلال مقالي المتواضع هذا أبعث رسالةٍ عنها لكم للتكرم بالنظر إليها بما يناسب.

أولاً لو أنَّ هذا الموقع في مكانٍ آخر، فهل سيتم التعامل معه بنفس الأسلوب والإجابة هي لا؛ لأني شخصياً عشت تجربة يوماً عندما كنت في دولةٍ ما تأخرت عن الموعد لساعة كاملة لأنَّ فريقاً كبيراً من الشرطة كان يحمي مرور خمس أوزّات كانت تنتقل من مكان إلى آخر خوفاً من إزعاج المارّة لها والسلاحف نعمة من نعم الله علينا وإضافة هامة إلى ما يملك الوطن من خزائن وخيرات وفيرة من فضل الله سبحانه وتعالى .

أعلم أنَّ هناك محمية وطنية تقوم بواجب مقدر ومشكور في المنطقة وأن حكومتنا الرشيدة أعطت من الأهمية والخصوصية ما يستحق ولكني أتحدث عن المنطقة خارج المحمية التي تكثرُ فيها السلاحف وبمساحات كبيرة وبها من مخابئ وضع البيض ما يدعونا للوقوف واتخاذ القرار الذي يناسب هذا النوع من مخلوقات الله وأن على من يريد أن يطّلع على ملخص ما أقول فليذهب إلى هناك بروح التمعن والتفكير وليس كزائر وحسب، حيث إنَّ الشاطئ ليس به من التنظيم الكامل بكل ما تحمل الكلمة من معنى، فهنالك الكثير من الجلسات والتجمعات والتحركات غير المنظمة تعم المكان، والكثير من الناس يجلسون فوق البيض بل فوق السلاحف الصغيرة وهناك حركة للسيارات بأنوارها دون أي تنظيم وإن خوفي من وجودها بقرب الساحل يحمل معاني وأسباب يجب علينا التأكد أنها صديقة للسلاحف، الأمر الأكبر أن السلاحف الصغيرة وعندما تخرج من الأرض والذي يفترض بسجيتها الطبيعية وفطرتها أن تتجه إلى البحر مستعينة بضوئه الذي يرسل إشعاعاً خافتاً من خلال تلاطم الأمواج وهذا يمكن مشاهدته واضحاً خاصةً في أيام معينة من الشهر غير أنها فعلياً تتجه نحو الضوء الصادر من بيوت القرية أو إنارة الطرق التي لم يحسب لطبيعة السلاحف والمنطقة الخصوصية المناسبة لإنقاذ عشرات الآلاف من السلاحف التي تتجه إلى تلك الأضواء بدلاً عن اتجاهها إلى البحر في تلك المنطقة وفي تساؤلٍ حول مصير السلاحف الصغيرة فإنَّ الإجابة هي الحضور في الصباح الباكر لترى كم العدد الذي يموت في الطرق وقريبًا من المنازل، أما عن حركة السيارات والمشي على الساحل فإنَّ علينا التأكد من براءتها وإنني اليوم أضع بعض المقترحات للمختصين وذلك..

إن التخطيط المستقبلي للبناء يجب أن يكون بعيداً أكثر مما هو عليه اليوم وكذلك عمل سور إسمنتي يعزل الشاطئ عن التجمع السكني الحالي بالقدر الذي يحجب الضوء لترى السلاحف الصغيرة الوميض من البحر كما خلقه الله لها وليس الأضواء المؤذية لها والتي هي من صنع البشر وكذلك تخفيض الساتر الترابي من قمته بين الرابية والبحر. ومن ثم تحديد وتقييد الحركة حول الساحل الذي تستخدمه السلاحف والعودة إلى مسؤولية المنطقة بنظرة أبعد مما هو عليه الآن من خلال سيطرة مركزية أكبر من مسؤولي المحمية الحالية لكي تفرض سيطرتها وتنظيمها ووضع القوانين للمنطقة بأسرها وليس فقط داخل أسوار المحمية والتي أرى من وجهة نظري أن المنطقة أكبر بكثير جداً من تلك المنطقة التي حُددت كمحمية وبذلك تكون نظرتنا أكبر وأشمل وأن نجعل من تلك المنطقة واجهة عالمية، كما تستحق تلك المخلوقات وكما يستحقُ اسم عمان كما عهده البشر ومخلوقات الله الأخرى دوماً وفي كل ميدان.