ذكاء الأعمال وتحسين الأداء

رائد بن حمد الكيومي

نعلمُ جميعًا أنَّنا نعيش في عصر المتغيرات السريعة، والتحديات الكبيرة، والمهام المتعددة؛ سواءً على مستوى الفرد أو المؤسسة؛ الأمر الذي يتطلَّب منا كأفراد العمل على زيادة المعرفة والبحث المستمر عن الأساليب الحديثة التي تُساعدنا في تحسين الأداء ورفع مستوى الكفاءة لدينا. أما عند الحديث عن تحسين الأداء على المستوى المؤسسي، فالأمر بكل تأكيد يختلف ويحتاج خططًا وإستراتيجيات متجددة تعمل على توظيف واستغلال الموارد والإمكانيات المتاحة لدى المؤسسة بالطرق التي تضمن ديمومتها؛ لا سيما عندما يرتبط الأمر بمؤسسة أو جهة كُلفت بعدد لا حصر له من المسؤوليات والمهام الجسام؛ المتمثلة في: التنفيذ والمتابعة والتحسين المستمر؛ حيث تُصبح هذه المهام والمسؤوليات أكثر أهمية، وربما أكثر تعقيداً عندما ترتبط بخدمة معظم فئات المجتمع؛ سواءً بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.

كما أنَّ قياس نجاح المؤسسة مُرتبط ارتباطا وثيقا بمدى رضا المجتمع الذي يتعامل أو يستفيد من الخدمات التي تقدمها، ولأننا نُدرك أنَّ مهمة التنفيذ ليست بالمهمة السهلة، إلا أنَّ تحديد الألويات واّليات المتابعة والاستمرارية، ومراقبة الأداء، هي عناصر التحدي الأساسية التي يستوجب التعامل معها بكل حرفية؛ وذلك كما أشرنا في البداية قد يُعزى إلى كَثْرة المهام والأعمال المطلوب تنفيذها من المؤسسة خلال فترة معينة، ومُتابعتها بشكل مستمر في وقت قد يُؤدي التأخُّر في التنفيذ إلى تأثر موارد المؤسسة ومستوى أداء خدماتها. ومن هنا، يأتي دور التقييم المستمر ومراقبة الأداء الذي يُبين حجم ومدى فاعلية الأعمال المنفذة من حيث الجودة والنتائج المرجوة.

ولتحقيق ذلك، هناك الكثير من المؤسسات عملتْ على الاستفادة من التقنيات الحديثة في متابعة الأعمال والمشاريع التي تنفذها، ولدينا في السلطنة الكثير من الأمثلة على هذه المؤسسات؛ سواءً في القطاع الحكومي أو الخاص، ومهما كان مستوى الاستفادة من هذه التقنيات، والتي بكل تأكيد قد تتفاوت من مؤسسة إلى أخرى، وذلك حتما يعتمد على الكثير من العوامل؛ أهمها: العنصر البشري المؤهل والقادر على التعامل والاستفادة من التقنيات الحديثة، على سبيل المثال: الأدوات التقنية المستخدمة في مجال ذكاء الأعمال والمعلومات، والتي بلا شك لو وظِّفت بالشكل الصحيح ستُسهم في تحسين وتطوير ورفع مستوى جودة الخدمات المقدمة.

ومن خلال الاطلاع على مهام إحدى المؤسسات الخدمية، وهي وزارة القوى العاملة سابقا (وزارة العمل حاليا)؛ حيث إنها وعلى الرغم من التحديات والانتقادات في الأمور المتعلقة بالعمل والمتمثلة في التوظيف، وحقوق العاملين والمسرحين من القطاع الخاص، والتي بكل تأكيد نتفق جميعا على أنها قضية وطنية يجب على الجميع دون استثناء المساهمة في وضع حلول مناسبة لها. إلا أنَّ هذا لا يمنع من الإشارة إلى جهود الوزارة في التحول الرقمي للخدمات المقدمة لمختلف المستفيدين وصولا إلى توظيف الحلول التقنية الداعمة لذكاء الأعمال والمعلومات؛ حيث إنَّها شرعت في الاستفادة من البيانات التي تستقيها بشكل متواصل من خلال الخدمات الإلكترونية المختلفة التي تقدمها سواءً عبر موقعها الإلكتروني أو القنوات الأخرى، والتي يستفيد منها معظم فئات المجمتع من مواطنين ومقيمين وأصحاب عمل وغيرهم؛ وذلك بإعداد وتصميم لوحات القيادة التفاعلية التي تبين وبشكل تفصيلي حجم العمل، والمدة المستغرقة في التنفيذ.. على سبيل المثال: متابعة أداء وكفاءة الخدمات المتعلقة بتصاريح العمل بكافة أنواعها الخاصة والتجارية؛ الأمر الذي أتاح لأصحاب القرار الاطلاع على أدق التفاصيل ومتابعة ودراسة أسباب التأخير والوقوف على نقاط الضعف التي تحتاج تعزيزا ودعما، أو حتى إعادة نظر في الطريقة التي تقدم بها الخدمة؛ بمعنى: هل الخدمة تحتاج إلى تدخل الموظف أم يمكن تحويلها إلى خدمة ذاتية تنفذ آليًّا على غرار الكثير من الخدمات المقدمة؛ مثل: خدمة عقد العمل الفردي، وخدمة عقد العمل لبعض الوقت، وخدمة عقد عمل تحت التدريب على نفقة المنشأة... وغيرها.

وفي الحقيقة.. إنَّ تبني الأدوات التقنية الحديثة في مُتابعة الأداء يُعدُّ ضرورة ملحة لكل مؤسسة تسعى لتقديم خدمات سريعة وذات جودة للمستفيدين، كما أنها تُساعد متخذي القرار في استشراف المستقبل، وتحديد متطلبات المرحلة المقبلة من حيث تسخير كافة الإمكانيات والقدرات البشرية التي ستدفع بعجلة التقدم والازدهار في هذا الوطن العزيز.

تعليق عبر الفيس بوك