توحيد رواتب شيوخ ظفار

 

د. محمد بن سعيد الشعشعي

 

تشريف مولاي حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظم -حفظه الله ورعاه- لمُحافظة ظفار وصدى هذه التشريف الكبير في ربوع الوطن وخارجه، يتجلى في النظرة الثاقبة لمولاي- حفظه الله- في مُتابعة وتفحص الأمور عند قرب ليأتي التوجيه السامي مُباشراً وسريعاً وشفافاً في كل بقعة من هذا التراب الطاهر، وقد استبشر العمانيون في كل محافظات السلطنة بأنَّ جلالته سوف يزور محافظات السلطنة الأخرى، تكريماً واهتماماً من جلالته لتراب الوطن من أقصاه إلى أقصاه، فمن ظفار انطلقت النهضة الحديثة قبل خمسة عقود ومنها كان التوجيه السامي لنهضة متجددة في بعض المشاريع التنموية، كما زفت من قاعة الحصن بشرى التوظيف للعُمانيين كافة اعتباراً من بداية العام المقبل 2021.

ومنذ أن تولى جلالته حكم البلاد حدثت تغيرات تنموية كبيرة ووضعت خطط استراتيجية حكيمة يشرف عليها جلالة السُّلطان مباشرة ليتأكد أنها تصب أولاً وأخيرا في صالح المواطن وأن الناس سواسية في الحقوق والواجبات ولا تمييز ولا تفريق بينهم، فإعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة كان شاملاً لكل الوحدات والمؤسسات، وكذلك عندما يتم دمج صناديق التقاعد وتوحيد حقوق ما بعد الخدمة ستعم منفعتها كل القطاعات العسكرية والمدنية والخاصة.

وهنا لابد من الوقوف على نقطة هامة في مُحافظة ظفار إلا وهي راتب المشيخة الذي يمنح شهرياً لشيوخ المحافظة والذي يتفاوت بين من يحصل على 100 ريال، ومنهم من راتبه 200 ريال، ودون أن نتدخل في الكثير من التفاصيل أو حلحلة الملفات والقوائم القصيرة والطويلة التي وضعت والأسس التي بنيت عليها الكثير من التقديرات في مكتب المحافظ والتي نحسن بها الظن، وإن كنت قد أشرت إلى بعض منها في مقالات سابقة قبل حوالي 8 سنوات.

من ناحية أخرى لا يعني اهتمامي بهذا الموضوع لما للشيوخ أو الأعيان من دور في التنظير والتخطيط، فهذا شأن آخر تصنعه كفاءات متخصصة مُؤهلة لتلك المرحلة وفق خطط واستراتيجيات مدروسة، وإنما نتطرق لهذا الموضوع لأن هؤلاء الشيوخ لهم شأن واعتبار متعارف عليه في عُمان منذ القدم، فمنهم تأتي الكلمة التي ترشد الأبناء والأهالي إلى الصواب والمسار الصحيح، خاصة وأنَّ عددا كبيرا منهم لهم من التجارب الكثير التي تجعلهم في مقام الكبير الذي يُقدر ويُحترم، ولهذا نجد شيوخ محافظة ظفار كثر لكثرة عدد القبائل والعشائر في المحافظة، وعلى كل شيخ دور تجاه أهله وجماعته، كما أنَّ هذه الكثرة كانت متوافقة مع النمو السكاني وكثرة البشر وتعدد أصنافهم وأفكارهم.

لكن الجانب الهام في هذا الصدد هو الجانب المادي الذي لمسته من واقع الحال ومن شيوخ المحافظة من حيث فروقات الراتب الشهري فهناك من يستلم مائة وآخر مائتين فهذا صنف درجة أولى وذلك الثانية، والغريب أنَّ من بين الذين يستلمون مائة ريال قد يكون شيخا مسجلا على عدد من العشائر الكبيرة، وهناك من بين الدرجة الأولى إنما مسجل شيخا لأسرته فقط هذا على سبيل المثال، والمعنى الذي أنشده أنه ربما قد يكون هناك ثغرات قانونية كبيرة قد يتسلل من خلالها البعض، فهذه المسميات المشيخية دونت في سجلات الشؤون المحلية بمكتب المحافظ قبل حوالي 42 عامًا وتمَّ ثبيتها جيلا بعد جيل، وهذا ما جعل منهم من يحس بالغبن أو عدم الرضا عندما يرى أن هناك فروقات في الرواتب بينه وبين زميله وهو يرى نفسه شيخاً لعدد كبير من العشائر في حين لا يحصل إلا على مائة مقابل مائتين للآخر.

وهنا نتوجه بالشكر الجزيل إلى معالي السيد وزير الدولة ومحافظ ظفار وسعادة نائب المحافظ والمسؤولين بالمكتب على كل ما يبذلونه لخدمة المحافظة ومواطنيها ولا يعني أننا عندما نتناول هذا الموضوع أن هناك قصورا أو خللا في إدارة ما أو تعاملا يشوبه النقص فما جزاهم منِّا إلا الثناء، لكننا آثرنا هذا الموضوع لما فيه من منفعة ومصلحة عامة وعدالة ومساواة، خصوصا وأن الدور الذي يقع على الشيخ واحد والمسؤولية واحدة " كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته".

أيضاً بالنظر إلى هذا الراتب الشهري وسبب اهتمامنا بهذا الموضوع، لأنه يمثل مصدرا مهما لأصحاب الدخل المحدود وأن الكثير من هؤلاء الشيوخ من أصحاب الدخل اليسير يعتمدون بشكل أساسي على هذا الراتب وذلك لتسيير أمور حياتهم اليومية ومتطلبات المعيشة، ما أعنيه هنا ألا يفهم القرّاء أنَّ من لديه مسمى شيخ ليس بالضرورة أن يكون مقتدرا مالياً بل في أحيان كثيرة العكس صحيح.

وعليه ومن هذا المنبر نرفع مطلباً عاماً ومهماً من عدد من شيوخ محافظة ظفار إلى المقام السامي لمولانا حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- بأن تتساوى جميع رواتب الشيوخ في محافظة ظفار، فالناس متساوون في الحقوق والواجبات وعليهم مسؤوليات وواجبات تجاه هذا الوطن الغالي وترابه الطاهر.