بناءً على نتائجها.. توجُّهات مستقبلية عالمية جديدة "شديدة التباين"

"3 نوفمبر".. الأمريكيون ينتخبون رئيسا أم يغيرون مراكز القوى حول العالم؟!

انتخاب بايدين يعني العمل باتجاه استعادة الهيبة.. وخبراء: أفضل أمل أن يتم هزيمة ترامب "بقوة"

ولاية ثانية لترامب تعني تهديدا وجوديا للديمقراطية الأمريكية وتضفي شرعية على "الفتنة المؤسسية"

"انتخابات 2020" تشبه عمليات تحديد مصير القوى العظمى والإمبراطوريات عبر مراحل التاريخ

التعامل مع "كوفيد 19" عزز شعور "الاشمئزاز" من أمريكا.. وخسارة النائب السابق تكتب طلاقا رسميا مع الغرب

ترجمة - رنا عبدالحكيم

نشرتْ مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، تحليلا مُوسعًا للكاتب مايكل هيرش، حول الاهتمام العالمي الواسع بما وصفته "أهم انتخابات على الإطلاق"، وما يُمثله يوم 3 نوفمبر المقبل تحديدًا من نقطة مصيرية فاصلة للولايات المتحدة الأمريكية والعالم أجمع، إذ ستتحدَّد بناءً على إعلان نتائجها توجهات مستقبلية عالمية متباينة.

واستهل هيرش بالتأكيد على أنَّ هناك إجماعا استثنائيا بين المؤرخين وعلماء السياسة والدبلوماسيين ومسؤولي الأمن القومي، وغيرهم من الخبراء، على أنَّ مخاطر الانتخابات الرئاسية الأمريكية بين الرئيس دونالد ترامب ونائب الرئيس السابق جو بايدن في نوفمبر المقبل، ترقى لمستوى تاريخي، وأنَّ مخاطر هذه الانتخابات قد تتجاوز كل التوقعات. ولفت إلى أنَّ البعض يقترح أن ترامب قد تسبب بالفعل في الكثير من الضرر لمؤسسات الديمقراطية الأمريكية، خاصة إخفاقه في احتواء جائحة "كوفيد 19"، وتشجيعه العلني للعنف العنصري والانقسام القومي؛ لدرجة أنَّ إعادة انتخابه في  نوفمبر قد يضرُّ إلى الأبد بالتجربة الأمريكية البالغة 244 عامًا لجمهورية القوانين.

وأوضح تحليل "فورين بوليسي" أنَّه وبعد فترة الولاية الأولى للرئيس ترامب والتي تحدى فيها الكونجرس والمحاكم علانية، طوَّع السياسة الخارجية لخدمة مصالحه السياسية، ورفض المعايير الانتخابية، وحوَّل حزبًا جمهوريًا مرعوبًا إلى ألعوبة له، ومن ثمَّ فإن عودته للسلطة ستضفي في الواقع شرعية على الفتنة لمؤسسات القانون وما تبقى من ضوابط وتوازنات المؤسسين. مشيرًا إلى أنَّ إعادة الانتخاب ستثبت وجهة نظره بأنه بصفته رئيسًا، يمكنه -كما قال ترامب- "فعل ما أريد". بعبارة أخرى، سيؤدي ذلك إلى تدمير التصور الأمريكي بأن الولايات المتحدة هي نوع مختلف من الديمقراطية عما كان موجودًا في الماضي، تاركًا البلاد كمجرد "نبذ بغيض" آخر على كومة رماد الجمهوريات الفاشلة التي تعود إلى روما القديمة واليونان.

ويشارك العديد من الجمهوريين القلق كبار المسؤولين السابقين الذين عملوا مع الإدارات الجمهورية السابقة التي تمتد إلى عهد رونالد ريجان، بما في ذلك العديد ممن عملوا مع ترامب نفسه. وحذَّر البعض صراحة من أنَّ ولاية ترامب الثانية تمثل تهديدًا وجوديًا للديمقراطية الأمريكية.

وقال إدوارد جيه واتس مؤلخ من جامعة كاليفورنيا: "هذه لحظة مصيرية". وأضاف: "إذا أعيد انتخاب ترامب، فأعتقد أن أعراف وقيود الديمقراطية الأمريكية ستختفي تمامًا"، بطرق تعكس ما حدث في الجمهوريات السابقة. وأضاف واتس أنه حتى لو فاز بايدن، فإن تعافي الولايات المتحدة سيكون وقتًا طويلاً.

وقال تشارلز كوبشان أستاذ العلوم السياسية بجامعة جورجتاون والدبلوماسي السابق "ليس هناك شك في ذهني أنها أهم انتخابات في التاريخ الأمريكي." وأضاف: "إن المخاطر هائلة. وفترة ولاية واحدة سيئة بما فيه الكفاية، ولكن إذا أعيد انتخاب ترامب، فلن يكون بمقدور الأمريكيين والناس في جميع أنحاء العالم القول إن الناخبين الأمريكيين ارتكبوا خطأ. بدلاً من ذلك، سيكون هذا تأكيدًا على أن هذا هو الاتجاه الذي يريد الأمريكيون أن يسلكوه".

وفي الواقع، ونظرًا لأنَّ الولايات المتحدة تحتل مثل هذا المكان المركزي في استقرار النظام العالمي، فإنه يُمكن مقارنة انتخابات عام 2020 بعمليات إعادة ترتيب عالمية مهمة أخرى غيرت مصير القوى العظمى والإمبراطوريات والبنى الدبلوماسية للاستقرار الدولي السابقة.

وفي هذا الصدد، يقول جون إكينبيري من جامعة برينستون ومؤلف كتاب "عالم آمن للديمقراطية": إنها لحظة تاريخية عالمية، فدور أمريكا في العالم وتنظيم النظام العالمي مدرجان أيضًا في الاقتراع الذي يؤرخ لقرنين من الأممية الليبرالية. وإذا فاز ترامب، يستمر النظام الليبرالي الكامل بعد الحرب في الانهيار، وسيبدأ الحلفاء الديمقراطيون وغيرهم من الحلفاء للولايات المتحدة، الذين يتحوطون ويأملون أن تعود الولايات المتحدة إلى لعب" دور النظام "، في وضع خطط أخرى".

ويوافقه الرأي جوزيف ناي من جامعة هارفارد، وهو أيضًا أحد كبار علماء السياسة والدبلوماسيين في عصره. وفي مقابلة، نقل ناي عن دبلوماسي بارز من دولة أوروبية حليفة قوله له مؤخرًا: "لا يمكننا حبس أنفاسنا لمدة أربع سنوات أخرى".

ووفقًا لسفير الولايات المتحدة السابق لدى الناتو إيفو دالدر، فإنه إذا أعيد انتخاب ترامب أو تمكن من الاستيلاء على السلطة من خلال خوض الانتخابات؛ فهو يتهم الديمقراطيين بالفعل بالاحتيال، وفي أواخر سبتمبر رفض الالتزام بانتقال سلمي للسلطة، فسيكون ذلك بمثابة طلاق رسمي من أوروبا والغرب. وأضاف دالدر إنَّ تعامل الحكومة الأمريكية غير الكفؤ على جائحة "كوفيد 19" قد عزز فقط هذا الشعور بالغربة والاشمئزاز الصريح.

ويقول العديد من النقاد والعلماء إن أفضل أمل هو أن يتم هزيمة ترامب بقوة في نوفمبر ويقبل بهذه النتيجة، على الرغم من أنه اقترح أنه لن يفعل ذلك.

وفي ظل هذا السيناريو، سيتصرف الرئيس بايدن بعد تنصيبه -وهو دولي ذو خبرة عميقة وملتزم بالتحالفات الأمريكية- والنائبة متعددة الثقافات كامالا هاريس، بسرعة لاستعادة هيبة الولايات المتحدة من خلال عكس أسوأ إخفاقات ترامب بشأن "كوفيد 19"، والاستقطاب السياسي، والاقتصاد والاستقرار العالمي وتغير المناخ، كما وعد.

ولكن حتى في هذا السيناريو، من الصعب تخيل أن تعود الأمور إلى ما كانت عليه قبل ترامب. على سبيل المثال، سيجد بايدن صعوبة في إحياء بعض المعاهدات ويرجع ذلك جزئيًّا إلى أنه يجب عليه استيعاب الجناح التقدمي القوي في حزبه، الذي يرفض اتفاقيات التجارة الحرة غير المقيدة والالتزام المفرط بالوجود العسكري الأمريكي في الخارج.

رُبما يكون الخوف الأكبر بين حلفاء الولايات المتحدة هو أنه إليِّ درجة كان الأمريكيون يأملون ذات مرة في تجاوزهم، قد تكون الجمهورية الأمريكية ببساطة عالقة في حلقة حتمية من التاريخ تصبح فيها القوى العظمى راضية ومنحلة وتنهار في نهاية المطاف أو تختفي. لطالما جادل مفكرون واقعيون بارزون مثل جون ميرشايمر بأن الأممية الليبرالية على النمط الأمريكي تحتوي على بذور تدميرها: الطموح المفرط والتوسع.

تعليق عبر الفيس بوك