ضمن ورقة العمل الرئيسية في منتدى الرؤية الاقتصادي

"تنمية نفط عمان": رؤية "عمان 2040" تجسد الطموحات العظيمة والمستقبل الباهر للسلطنة

مسقط- الرؤية

 

قدم المهندس محمد بن أحمد الغريبي مدير الشؤون الخارجية والاتصالات بشركة تنمية نفط عمان، ورقة العمل الرئيسية في الدورة التاسعة من منتدى الرؤية الاقتصادي، بعنوان "قاطرة المسير نحو 2040".

واستهل الغريبي الورقة بالتأكيد على أن رؤية عمان 2040 تجسد الطموحات العظيمة والمستقبل الباهر لهذا البلد العزيز وأهله الكرام في ظل الرعاية الكريمة والتوجيه السديد من قبل مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه. وأبرز الغريبي في ورقة العمل دور قطاع النفط والغاز في الاقتصاد الوطني، والمسؤولية التي تقع على عاتق شركات النفط لتعزيز القطاعات الأخرى، مسلطا الضوء على تجربة شركة تنمية نفط عمان-بوصفها رائدة في هذا المجال- وما تضطلع به من مبادرات ومشاريع خلاقة، ودورها الكبير في توفير فرص العمل وتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.

أهمية النفط والغاز

وقال إن لقطاع النفط والغاز أهمية بالغة في الاقتصاد الوطني حاليا، إذ تشكل عائدات هذا القطاع أكثر من ثلثي الإيرادات العامة في السلطنة، ومن هنا كان لزاما على شركات النفط والغاز أن تسهم بكامل دورها في تحريك عجلة الاقتصاد، والاستثمار في القطاعات الأخرى لتنمو وتصبح داعما رئيسيا، ورافدا بديلا لقطاع النفط في المستقبل القريب. وأضاف أن شركة تنمية نفط عمان- لكونها المنتج الرئيسي في البلاد والمحرك الفاعل لاقتصاده- حازت قصب السبق في مبادرات متنوعة المشارب غير مقتصرة على مجال دون آخر.

وأوضح أن الحاجة إلى توفير فرص العمل للشباب العماني وتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من أولويات الشركة الرئيسية؛ إذ بهم تواصل عمان البناء على نهضتها الأولى، وتمضي قدما لتحقيق غاياتها الأسمى، التي تضمنتها وثيقة رؤية "عمان 2040"، ومن ثم، أخذت الشركة على عاتقها تبني الكثير من المبادرات الرامية إلى تعزيز القيمة المحلية المضافة عن طريق توطين الكثير من الوظائف والصناعات التخصصية، وتوفير الدعم الكبير للموردين والمصنعين والمؤسسات الناشئة فنيا وماديا.

وتابع أنه في عام 2019، وفرت الشركة أكثر من 21 ألف فرصة وظيفية وتدريبية للعمانيين في شتى المجالات، وبلغ إنفاقها المباشر على المؤسسات الصغيرة والمتوسطة 288 مليون دولار أمريكي، أما القيمة المحتفظ بها في البلاد من عوائد النفط والغاز فقد بلغت 46%.

القيمة المحلية المضافة

وتابع بالقول: إن نظرنا إلى وثيقة استراتيجية القيمة المحلية المضافة في قطاع النفط والغاز، فسنجد أن الشركة تتبوأ زمام الريادة بتنفيذها لـ43 فرصة من أصل 53، وقد حقق منها حتى الآن 32 فرصة في مجالات تصنيعية متباينة وفرت فرص عمل كثيرة للعمانيين. وذكر على سبيل المثال، افتتاح مركز عمان للتجميع والإصلاح والفحص المختص بإنتاج معدات الرفع الاصطناعي، وذلك بالتعاون مع شركة شلمبرجير عمان، وكذلك افتتاح مرفق تصنيع مستلزمات تبطين الآبار بالتعاون مع الشركة الخليجية للطاقة، الذي سيكون له بالغ الأثر في توفير المعدات والخدمات المتعلقة بآبار النفط محليا، فضلا عن توظيف العمانيين؛ إذ يبلغ معدل التعمين فيه 92%.

وشدد الغريبي على أن تحقيق الرؤى والاستراتيجيات يتطلب عملا دؤوبا لا ينقطع، وفق مراحل، كلما حقق منها واحدة أمكن الانتقال إلى الأخرى، ومن هنا ابتنى استعداد الشركة لتحقيق محاور هذه الرؤية على عدة مرتكزات أساسية ومبادرات فاعلة. وذكر الغريبي منها أولا: تهيئة الشباب؛ حيث إن عامل تمكين الشباب وتهيئتهم لا يمكن إغفاله أبدا في سبيل تحقيق الرؤية المنشودة، ومن هذا المنطلق، حرصت الشركة على بذل غاية وسعها في سبيل تمكين شباب واع بأبرز المتطلبات القادمة، مزودين بمهارات تخصصية وتحدوهم رغبة عارمة في التغيير للأحسن. وعرج الغريبي على بعض من مبادرات الشركة ومشاريعها التي تتوخى هذه الغاية، ومنها: برنامج تطوير الخريجين من حملة شهادات البكالوريوس الذي يرمي إلى تسريع تزويد الشباب الذين التحقوا بركب العمل بالمهارات اللازمة والقدرات المطلوبة في الصناعة بأسرع طريقة ممكنة ليكونوا خير عون في مسيرة البناء والتنمية، وزاد عدد من التحق بهذا البرنامج عن 1900 خريج منذ تدشينه في عام 2013، ويشمل هذا البرنامج مختلف التخصصات سواء الفنية منها أو غير الفنية، إلى جانب برنامج تعمين الوظائف الفنية الذي يشمل حملة شهادات الدبلوم الفني للتدريب على رأس العمل، ويهدف هذا البرنامج إلى مد الملتحقين به بمهارات فنية دقيقة عن طريق تدريب مكثف ومنظم يؤهلهم للعمل في شتى مجالات استكشاف النفط والغاز وإنتاجهما.

وقال إن الشركة تحرص على إتاحة شتى الفرص التدريبية لموظفيها في مجالات متباينة، وعلى غرس ثقافة التعلم المستمر ليكون منهج حياة لا متطلبا مفروضا، مشيرا إلى أن ذلك سيُوجد شبابا قادرين بما لديهم من معارف وخبرات على تحقيق ما يناط بهم من آمال عظام.

الثورة الصناعية الرابعة

وأبرز الغريبي التكنولوجيا والثورة الصناعية الرابعة، وقال إن المستشرف للمستقبل والناظر بعين البصيرة إلى الحاضر ليجد أن السعي وراء ابتكار التقنيات الجديدة وتطبيقها في شتى مجالات العمل أمر حتمي لمن أراد التقدم ومواكبة هذا العصر الذي لا تفتر ملامحه عن التغير والتجدد، لذلك حرصت الشركة على إيلاء هذا الجانب قدرا كبيرا من الاهتمام، نظرا لطبيعة عملها المحفوفة بالتحديات الفنية الكبيرة، فأصبحت التقنيات الجديدة نسيجا متينا من أعمال الشركة، وفتحت الأبواب مشرعة أمام الموظفين والجهات الخارجية المعنية بالابتكار لتطوير التقنيات والإتيان بالحلول التكنولوجية التي تسهل العمليات وتزيد من كفاءتها. وأضاف أنه في عام 2019 فقط، بلغ عدد التقنيات الحديثة التي وصلت مرحلة النضج 65 تقنية، طبق منها 10 تقنيات، وكثير غيرها في مرحلة التجارب الميدانية.

وأوضح أنه من الأمثلة الفريدة والأولى من نوعها في السلطنة، أنظمة الطائرات بدون طيار بعيدة المدى (والتي تعرف بالطائرات خارج حدود الرؤية)، مشيرا إلى أن هذه التقنية ستساعد على جمع البيانات من مختلف أصول الشركة وتقليل التعرض لمخاطر الصحة والسلامة والبيئة.

وتابع أنه في عام 2019، دشنت الشركة برنامج تبني التكنولوجيا وذلك ابتغاء تلبية احتياجاتها في مجالات تقنية المعلومات والاتصالات والتحول الرقمي عن طريق المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والمؤسسات الناشئة. وهذه المبادرة تساعد الشركات العمانية الحديثة على التطور وذلك بمنحها عملا تحت الإشراف وتدريبا متخصصا في مجالات حيوية في إدارة المعلومات والأنظمة الرقمية.

وتحدث الغريبي عن تأثير الثورة الصناعية الرابعة على وظائف قطاع النفط والغاز، وقال إنه استشرافا للمستقبل، أجرت الشركة دراسة حول التأثير الكلي للثورة الصناعية الرابعة على الوظائف في قطاع النفط والغاز بالتعاون مع مبادرة "إيجاد"، التي سأتطرق إليها بعد قليل. وتابع أن الدراسة تتناول تأثير الثورة الصناعية الرابعة على اتجاهات التوظيف والمناصب المستقرة والناشئة والمتراجعة وفرص العمل على مدى السنوات الخمس إلى العشر المقبلة في الشركة ومتعاقديها المباشرين.

بناء الكفاءات

وأوضح أن الدراسة تتكون من 3 مراحل؛ وستحدد المرحلة الأولى الوظائف المحتملة التي ستختفي أو تطور أو تنشأ بسبب استخدام تقنيات الثورة الصناعية الرابعة المختلفة في الشركة ولدى المتعاقدين معها، وستركز المرحلتان الثانية والثالثة على بناء إطار الكفاءات في الشركة للوظائف الناشئة بالإضافة إلى تقديم مقترحات بناء القدرات والتوصيات وخطط التنفيذ فيما يتعلق بالقوى العاملة الحالية والمستقبلية للشركة والمتعاقدين معها. والشركة الآن بصدد وضع اللمسات الأخيرة لنتائج الدراسة من المرحلة الأولى.

وانتقل الغريبي للحديث عن منصة "إيجاد"، وقال إن من المبادرات الأخرى المميزة والرامية إلى تعزيز التعاون بين القطاعين الأكاديمي والصناعي هي منصة "إيجاد" التي وقعت الشركة بروتوكولها في عام 2017 بالتعاون مع وزارة الطاقة والمعادن ومجلس البحث العلمي، ومن ثم تأسست في عام 2018 بمشاركة أكثر من 50 جهة من القطاعات الصناعية والأكاديمية والحكومية وفق رؤية مشتركة. وقد أسندت الشركة-حتى عام 2019- ثمانية مشاريع مشتركة إلى جامعات مختلفة للتعامل مع التحديات الفنية التي تواجه الشركة.

وأكد أن هذه المنصة ستسهم بدور فاعل في رفد الاقتصاد الوطني، وتعزيز مؤشر الابتكار العالمي للسلطنة، لا سيما إن علمنا بأن تطلعات هذه المنصة منسجمة مع أولويات رؤية عمان 2040 بما لا يقل عن نسبة 69%.

وتابع: "إننا في شركة تنمية نفط عمان نرى فرصا كبيرة للدفع قدما بالاقتصاد الوطني وتحقيق المنشود في رؤية عمان 2040، ومن ذلك التحول الإلكتروني في إدارة العمليات والخدمات المقدمة، وقد ذكرت سابقا حرص الشركة على تبني التكنولوجيا الجديدة في كافة أطياف عملها، ونحن نرى بوادر التحول الإلكتروني تلوح في مختلف المؤسسات في القطاعين العام والخاص، وهو الأمر الذي نأمل أن تزداد وتيرة تطبيقه سرعة، وأن يكون في صميم أولويات جميع مؤسسات الوطن".

وأشار إلى أن من الفرص الأخرى التي تكللت بنجاح باهر في شركة تنمية نفط عمان، اتباع منهجية "لين" للتحسين المستمر، وأن هذه المنهجية- التي تعنى بتسهيل العمليات، وتقليل الوقت وإزالة الهدر- أصبحت الآن تطبق في جميع ربوع الشركة، وفي عام 2019، بلغت القيمة التي حققت بفضلها أكثر من 250 مليون دولار أمريكي، وقد أسهمت في تغيير أساليب العمل التي اعتدنا القيام بها، وتبني ثقافة تنشد الإبداع والتحسين دائما، ولا شك في أن تطبيق هذه المنهجية سيعود بالنفع الكبير على مؤسسات الوطن اقتصاديا وفكريا.

التحديات الكبيرة

لكنه قال إن كل ذلك لا ينسينا التحديات الكبيرة التي تواجهنا في سبيل تحقيق أهداف الرؤية؛ منها تذبذب أسعار النفط، حيث إن خطط التنويع الاقتصادي وما بذل حتى الآن ليس كافيا بعد للاستغناء عن عائدات النفط والغاز، بل لا يزال هذا القطاع المصدر الأساسي لتغذية الاقتصاد وتمويل المشاريع التنموية، ومن ثم أصبح من اللازم تسريع جميع خطط التنويع الاقتصادي وتطوير القطاعات الأخرى لكي لا نظل رهينين بتقلبات أسعار النفط العالمية لا سيما في هذه الأوقات التي تعصف فيها جائحة كورونا في الاقتصاد العالمي.

وشدد على أن الثورة الصناعية الرابعة تشكل تحديا لا محيد عن مواجهته، فتقنيات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي غيرت كثيرا-وما زالت- من أنماط عملنا، بل أحدثت مجالات عمل جديدة وألغت أخرى. وتابع أن المعادلة هنا ربما تبدو في المتناول؛ لكنها بحاجة إلى جهود كبيرة: إما أن نلحق بركب هذه الموجة وأن نستغل ما تتيحه لنا في تنمية قطاعاتنا الاقتصادية وتحسين أعمالنا، وإما أن نظل مكتوفي الأيدي نراقب عن كثب دون أي حراك يذكر، مشددا على أن السلطنة آخذة في التحول الرقمي بشتى صوره وأشكاله، وهو ما ينبغي لنا البناء عليه وأن نضعه على رأس أولوياتنا.

الجلسة النقاشية

عقب ذلك، انطلقت الجلسة النقاشية للمنتدى تحت عنوان "الانطلاق نحو الهدف"، وتضمنت تقديم ورقتي عمل؛ حيث قدمت انتصار بنت عبدالله الوهيبية مدير عام التخطيط التنموي بوزارة الاقتصاد، ورقة عمل: "الخطة الخمسية العاشرة.. نقطة الانطلاق"، فيما قدم المهندس خالد بن حمدون البطاشي رئيس قسم الدراسات الفنية المكلف بأعمال مدير أول إدارة التخطيط بالمديرية العامة للأصول في حيا للمياه ورقة عمل: "مشاريع للشراكة بين القطاعين".

ثم عقدت جلسة نقاشية بعنوان "الخطة الخمسية العاشرة تحديات وفرص"، شاركت فيها انتصار بنت عبدالله بن مبارك الوهيبية مدير عام التخطيط التنموي بوزارة الاقتصاد ومديرة مشروع الخطة الخمسية العاشرة ورئيسة مجموعة عمل القيادة والإدارة الاقتصادية، إلى جانب الدكتورة شريفة بنت حمود الحارثية مديرة مشروع الاستراتيجية الوطنية للابتكار، رئيسة فريق أولوية التعليم والتعلم والبحث العلمي والقدرات الوطنية، والمهندس محمد بن أبوبكر الغساني الرئيس التنفيذي للشركة الدولية العمانية للتنمية العمرانية والاستثمار، رئيس أولوية الحوكمة والأداء المؤسسي بالخطة الخمسية العاشرة، والعميد ناصر بن جمعة الزدجالي موجه استراتيجي بكلية الدفاع سابقا، الرئيس التنفيذي لمجموعة الجرواني العالمية، رئيس أولوية سوق العمل والتشغيل بالخطة الخمسية العاشرة، فيما أدار الجلسة الإعلامي أحمد الكندي.

تعليق عبر الفيس بوك