إعادة بناء القطاع الرياضي

المعتصم البوسعيدي

لم تترك جائحة "كورونا" الأشياء كما كانت، بعثرت العالم وقضت على أعرافٍ وتقاليد وربما ثوابت لم يدر بخُلدِ أحدٍ أنها ستتغير، تلك هي مشيئة الله ورسالته للأمم والشعوب، والكيِّس من أخذ العِبر واقتنص الفرص وتأقلم مع الوضع، وجعل من خطوة التراجع خطوات للمضي قُدماً نحو مراحل أفضل.

أضرمت جائحة "كورونا" ناراً على نارِ رياضتنا العُمانية التي تحترق يوميا بسبب معاناتها المُستمرة منذُ أمد ليس بالقصير، وحين توقفت عجلة دوران المسابقات والأنشطة لم نرَ ولم نسمع إلا وجع التأثير والتأثر، حتى انطلق بصيص الأمل من التغيير الوزاري الأخير. ومع ترقب مفاصل الرياضة للقرار الوطني حول معاودة ممارسة النشاط الرياضي تبدو الصورة غير واضحة والطريق ضبابيا، علاوة على التوجس الصحي العام المصاحب لأي استئناف وأي بداية جديدة.

لاح في الأفق موضوع الانتخابات، وكثر الحديث عن المترشحين، ثم جاء التأجيل الممزوج بالرغبات، وفجأة صارت القوانين والتشريعات أحد أهم المبررات، واجتمع القوم في اتحاد القدم، وبين كثير الاجتهادات وأصيل القرارات خرج مقترح روزنامة الموسم الجديد في حلة الأعداد الزوجية والفردية، مع استعداد مبهم لموسم "كورونا" وارتفاع ارتدادي لمعدل الإصابات.

نعلم يقيناً أن نظرتنا للرياضة تقاس -في أحيان كثيرة- من خلال ما يحدث في كرة القدم واتحادها الذي يتحمل وزر الرياضة عامة حتى في نجاحه؛ فالدعم المالي والمعنوي لا يقدم لأي اتحاد آخر، لذلك فالحديث عن الدوري سواءً عن استئناف الحالي أو إقامة الموسم الجديد بالمقترح المقدم يجعلنا نمسك على قلوبنا في مسألة التغيير والتطوير، كما ندرك أن أي مقترح سيخضع لجدلية التوافق والرفض، إنما نحتاج لمنطقية الطرح وشفافية القرار، وحزم الأمر دون تداعي التأويل في كثير مما يجري من هنا وهناك.

أعتقد أنَّ تحميل المسؤولية بات متعدد الأصابع التي ترتد حتى على صاحبها، ولعلَّ الجمعيات العمومية في الاتحادات الرياضية مطالبة بتحمل مسؤولياتها بصورة أكبر مما سبق، وقد يرسم مستقبل الرياضة العمانية عبر التوجه الحكومي القادم ووفق سلم الأولويات الوطنية مع التداعيات المعروفة، لكنه بالتأكيد لن يغفل عن صوت المشتغلين في الرياضة على مختلف المسؤوليات، خاصة وأنَّ تركيب الرياضة لا يسمح بالتداخل غير المتوافق مع التشريعات الخاصة بالاتحادات الدولية.

الوزارة من جهتها لا تزال في طورِ صياغة هيكلها الجديد ومهامها المختلفة والمتشعبة، لكن الجانب الرياضي سيكون قاسياً في محنته ومتطلباته الكثيرة كحال الجمهور الرياضي الذي يترقب نقلة نوعية وسط كل هذه الظروف، وما يحدث اليوم في رياضتنا سيكون إما عملية إعادة بناء واسعة النطاق تقود إلى تلك النقلة المنتظرة، أو تجربة جديدة تقودنا لمزيد من "البكاء على اللبن المسكوب"، ومع ذلك نحتاج للأمل ولوضع خط رجعة لطموحاتنا ولصبر الصياد في بحرٍ ما عاد وفير صَيدٍ.