عودة جمشيد آل سعيد

فايزة سويلم الكلبانية

Faizaalkalbani7@gmail.com

"لا يوجد أغلى من تراب الوطن..

وما أجمل العودة للوطن..

فمهما طال البعد..

لابد من العودة بعد الغياب"

-----------------------

طالعتنا أخبارٌ مُتداولة خلال الأسبوع الجاري تؤكد عودة جناب السيد جمشيد بن عبدالله آل سعيد آخر سلاطين دولة البوسعيد في زنجبار، إلى أرض عُمان الغالية؛ وذلك بعد أن غادر زنجبار عام 1964م عقب انقلاب عسكري أطاح بحكمه؛ مما تسبَّب أيضا في إبعاد أعداد كبيرة من العُمانيين من زنجبار في ذلك العام، واستقر المقام بجناب السيد في بريطانيا، ليُسدل الستار على حكم العرب العُمانيين الذي دام أكثر من 200 عام في زنجبار.

المؤكَّد هنا أنَّ الحكام العمانيين استطاعوا أن يُسطِّروا خلال قرنين من الزمان الكثير من الأمجاد. وبعد هذا الغياب الطويل عن أرض عُمان، يعود السيد جمشيد ليحتفل بعامه الـ91، على هذه الأرض المباركة، فقد ولد السيد جمشيد في 16 سبتمبر 1929م.

ويعود "آخر السلاطين العُمانيين في زنجبار" بكل ما تحمله ذاكرته ومسيرته من سجلات حافلة بالتاريخ والحضارة وانتصارات العمانيين وسلاطين الدولة البوسعيدية في زنجبار، وقصص البطولات والكفاح والتاريخ العظيم للسلاطين العمانيين في زنجبار والخالدة في التاريخ.

زنجبار.. الامتداد الإفريقي للإمبراطورية العُمانية التاريخية، تعكس امتدادَ النفوذ العُماني على امتداد سواحل شرق ووسط إفريقيا، ومساحات من الجزيرة العربية وغيرها، ما زلنا نجدها حاضرة وراسخة في أذهان الكثير من العُمانيين، وحكاوي أيامهم الجميلة هناك، وكما هي العادة أن يسكن بداخلنا الحنين لأي بقعة كانت لها ذكرى راسخة في حياتنا بحلوها ومرها.

ففي عهد السلطان سعيد بن سلطان، سُيِّرت أول بعثة عربية إلى أمريكا؛ حيث وصلت السفينة سلطانة (أول سفينة عمانية عربية) إلى موانئ نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية في الثالث عشر من شهر أبريل 1840م، وكان الشيخ أحمد بن النعمان الكعبي أول مبعوث عماني أرسلة السيد سعيد بن سلطان إلى الولايات المتحدة الأمريكية قائدا للسفينة سلطانة بهدف توطيد العلاقات، وكما تُوضِّح كتب التاريخ فإنَّه تم إدخال الطابع العماني على السفينة في كل من بومباي ومطرح.

وفي عهد السيد برغش بن سعيد بن سلطان (السلطان الثاني لزنجبار)، اشتهر بكثرة الأعمال الخيرية والتطوعية وعشقه لبناء القصور والحدائق العمارة، ولكونه تم نفيه الى الهند، ورأى العمران والقصور لدى زعماء الهند، والمعروفة بفخامتها ودقة تصميمها، كما تنقل بين دول أوروبا وزار مصر واطلاع على سراي الخديوي، فعمل على محاكاة ما رآه في جولاته، وكان مولعا بالعمارة، لذا يعد "بيت العجائب" الذي بناه في العام 1883م، أحد أفخم القصور في شرق إفريقيا، وتحفة معمارية فريدة بنيت على أعمدة ضخمة من الحديد، ومُزيَّنة بالآيات القرآنية المكتوبة بماء الذهب، ويوجد بالقصر منارة عالية مصنوعة بإحكام. وعملت السلطنة على تمويل إعادة ترميم بيت العجائب، وجاء ذلك من منطلق التأكيد المشترك بين البلدين في الحفاظ على تراث الإنسان العماني في داخل السلطنة وخارجها.

وفي عهد السيد برغش، تمَّ تأسيس مطبعة عربية في زنجبار؛ بهدف طباعة الكتب الأدبية الدينية، وغيرها الكثير من العلوم المختلفة، وعمل على تمهيد الطرق في زنجبار، كل هذا يعدُّ مآثرَ للوجود العماني بزنجبار وغيرها الكثير على مدار مراحل حكم السلاطين العمانيين في زنجبار آنذاك.

وختاما.. وعبر هذه السطور، نوجه تحية ترحيبية عمانية خالصة للسيد جمشيد بن عبدالله، بحجم العلاقات العُمانية الممتدة من مسقط إلى زنجبار؛ بما تحمله السنون في طياتها من عظيم إنجازات وانتصارات وبطولات وتاريخ مُشرِّف.. فقد حللت أهلا ونزلت سهلا في موطنك الخالد عُمان.