الكل ينتظر التغيير!

 

 

خلفان الطوقي

مراسيم سُلطانية سامية، وتوجيهات وتعليمات، ومنشورات وقرارات حكومية بالجُملة، صدرت خلال الأشهر القليلة الماضية، وبشكل مُتسارع مُتوقع. ومن المنطق أن ذلك سوف يُغيِّر من الواقع الموجود إلى واقع أفضل، فمن الطبيعي أيضًا أنْ لا تحدث هذه التغيرات في يومٍ وليلة، أو أنْ يشعُر بها ويلاحظها المتلقِّي لحظةً بلحظة، لكنها ستحدث حتما بشكل تدريجي، وسيلاحظها الجميع ولو بعد حين.

جُملة المراسيم السلطانية، وما تبعها من قراراتٍ في دمج الوزارات التي تَتَشابه اختصاصاتها، وإلزام رؤساء الوحدات بتقارير دورية تشمل الإنجازات والتحديات، وتقديم خطط عمل تنفيذية، وتقليص الهيئات من 19 هيئة إلى 10 هيئات، وإلغاء 5 مجالس، وضم الشركات الحكومية لتكون جمعيها تحت مظلة جهاز استثماري واحد، وتعيين شخصيات جديدة في مجلس الوزراء من رؤساء تنفيذيين لشركات قطاع خاص، وبعضهم ممن لديه خبرات عملية في قطاعات مُنوَّعة، وبعضهم ذو خلفيات أكاديمية، وتعيين مُساعديهم بنفس الطريقة، والاستغناء عن موظفي الحكومة ممن أكملوا 25 سنة من الخبراء والمستشارين والمديرين المختصين، واستثناء ما نسيته 30%، وإحالة موظفي الحكومة ممن أكملوا 30 عاما، واستثناء 30% منهم حسب رؤية كل رئيس وحدة، وكذلك المنشورات المتكررة التي صدرت عن وزارة المالية بتقليص أوجه الصرف في كل الوحدات الحكومية: المدنية، والعسكرية، والأمنية... وغيرها من التعليمات المتداولة بين عامة الناس، لها أبعادٌ وأهدافٌ قد لا نستوعبها وقت إقرارها، وقد تأثَّر بعضنا في لحظاتها الأولى، وقد تنفع أو ينتفع بها البعض الآخر، وقد تُثير جدلا للبعض لبعض الوقت.

في ظاهر الأمر مُعظمنا يتفق على أنَّ جُملة التغيرات الأخيرة تهدف للتغيير إلى الأفضل، وإلى جملة من الأهداف؛ أهمها: ضخ دماء وأفكار جديدة في الجهاز الإداري للدولة، وسرعة اتخاذ القرار الحكومي ومرونته وتعاطيه مع المتغيرات المحلية والعالمية بشكل علمي مدروس، وتطوير الخدمات الحكومية المقدمة إلى المواطن والمقيم والزائر، وحَوكمة أداء الموظف الحكومي بغضِّ النظر عن درجته وفق معايير أداء محددة، وزيادة نسبة الاستثمارات الأجنبية عن سابق عهدها، وتطوير البيئة الاستثمارية للمستثمر المحلي والأجنبي لتكون أكثر جاذبية وتنافسية مع غيرها، والسيطرة على العجز المالي وتقليل الدين العام، وخلق قطاعات إنتاجية جديدة تضمن النمو الاقتصادي السنوي، والتقليل من المصاريف الحكومية غير الضرورية.. وغيرها من الأهداف السامية الأخرى التي لا يمكن حصرها في مقال واحد.

الخلاصة.. أنَّ الكل يترقب أن يرى تغييرًا للأفضل وبأسرع وقت ممكن، بالرغم من أنَّ كلًّا منا يفسِّر كلمة "أفضل" بما يراه مناسبا، لكن لا يختلف اثنان على أنَّ كلمة "أفضل" تعني دخلا ماليا أكبر من السابق، وفرصًا وظيفية أكثر، وخدمات تعليمية وصحية وإسكانية أرقى، وحوكمة في القرار الحكومي بعيدا عن الارتجال والمزاجية، وتقييما موضوعيا ودوريا لكل من يُقدَّم أيا ما كان من الخدمات الحكومية لكل مراجع من مواطن أو مقيم، هذا على المستوى الفردي. أما على المستوى المؤسسي، فكلمة "أفضل" تعني فائضًا بدلا من عجز، سُرعةً بدلا من بطء، إنجازًا ميدانيًّا بدلا من تنظير، مركزًا متقدمًا يتقدم ويرتفع سنة بعد أخرى بدلا من مركز مُتأخِّر، قرارًا مدروسًا بدلا من تعامل مزاجي أو قرار ارتجالي، مُرونة بدلا من تعنت، خدمة إلكترونية ذكية دون تدخل بشري بدلا من معاملات ورقية تقليدية ومراجعات متكررة لا تنتهي، دليلًا استرشاديًّا مُوحَّدًا لكل موظف بدلًا من مزاجية التعامل لبعض الموظفين، ويمكن زيادة هذه القائمة كل حسب تعريفه ومحيطه وأولوياته.