التعليم عن بُعد وتحقيق "إستراتيجية 2040"

د. زينب العجمية *

تعدَّدت تعريفات مفهوم التعليم عن بُعد "Distance Education" في الأدبيات التربوية الأجنبية؛ فقد عُرّف بأنه: "التعليم عبر الإنترنت"، كما حُدد بأنه: "تعليم غير رسمي"؛ كتمييز له عن التعليم الرسمي في المدارس والجامعات، لاحقا تطور هذا المفهوم فعرف بأنه: "الوصول إلى الموارد التعليمية مفتوحة المصدر". ويلاحظ من التعريفات السابقة أن تعدُّدها إنما انطلق من نظرة المهتمين بهذا الأسلوب من التعليم، ومن البيئة التي يطبق فيها، فيما إذا كانت بيئة واقعية أو افتراضية.

أمَّا في الأدبيات العربية، فقد عُرّف التعليم عن بُعد بأنه: "نظام تعليمي غير تقليدي أو غير نمطي يقدم الخدمة التعليمية عن بُعد؛ وذلك لمن فاتهم قطار التعليم، أو للراغبين في تحسين مؤهلاتهم الدراسية التي سبق حصولهم عليها ورفعها، وهو لا يشترط وجود المعلم مع المتعلم في الموقع نفسه أو بصورة مباشرة، ويتميَّز بوجود جداول دراسية منتظمة أو محددة سلفا للقاء الدارس مع المعلم بشكل غير مباشر؛ وذلك من خلال وسائط تعليمية حديثة". أمَّا التعليم الإلكتروني، فيعرَّف بأنه: "تعليم لابد أن يشمل الحاسب الآلي لتوظيفه في المجالات التعليمية"؛ ومما تجدر الإشارة إليه أنَّ التعليم الإلكتروني لا يعني نقل المحتوى التعليمي، بل يجب أن تستخدم التكنولوجيا كأداة وليس كهدف، كما يلزم أن يعتمد التصميم الرقمي على إستراتيجيات التعلم التفاعلي النشط.

ويعدُّ التعليم الإلكتروني -باعتباره أحد أساليب التعلم عن بُعد- حقًّا للمتعلم؛ فقد ركزت رؤية 2040 على بناء قدرات المتعلم من حيث: صقل مهارات المستقبل، والتركيز على البحث والابتكار، كما ركزت الرؤية على أن يكون نمط التعليم في المستقبل في ظل التقنية والذكاء الاصطناعي، مع تنمية مهارات المتعلم. والتوجُّه إلى التعليم الإلكتروني بخطوات تدريجية يسهم في تحقيق هذه الرؤية. أما فلسفة التعليم في السلطنة؛ فقد كان من بين مبادئها: تكوين مجتمع المعرفة والتكنولوجيا؛ حيث تمثل المعرفة المدعومة بالتقانة أهم مكونات المجتمعات الحديثة، ويتحقَّق هذا المبدأ من خلال تعزيز إنتاج المعرفة والتكنولوجيا ونشرهما وتوظيفهما، والوعي بأهمية الأمن المعلوماتي وقضايا التقانة والشبكات، وبناء القدرة الذاتية في مجالي البحث والتطور التكنولوجي.

من هُنا، تتبيَّن ضرورة تفعيل منافع التقانات الحديثة في التعليم الرقمي بما يُعِين المتعلمين على تطوير خبراتهم في قواعد السلوك المستندة إلى استخدامات التكنولوجيا المتعددة، ويسهم في تأسيس المواطنة الرقمية بما يحقق رؤية 2040. أما فلسفة التعليم عن بُعد، فهي تعتمد على حوسبة المحتوى التعليمي وإنتاجه رقميًّا من قبل المؤسسة التعليمية المشرفة على برنامج التعليم في ضوء حاجات الفئة المستهدفة من هذه البرامج، وتوزيع هذا المحتوى والمواد الداعمة له لجميع المتعلمين، مع تعريفهم بالمعينات التي تعتمد على أدوات الاتصال العامة: كالإذاعة والتلفاز، أو على أدوات التقانة: كالأجهزة الإلكترونية، والتطبيقات، والمنصات التعليمية، والاستغلال الأمثل للإنتاج الرقمي المتاح، والوصول إلى المتعلم في أي مكان، وأيا كانت الأحوال.

وإلى جانب الإستراتيجية الوطنية للتعليم 2040 وتحقيق رؤيتها، وفي ضَوء ما يعيشه العالم من أزمة صحية؛ فقد مثّل التعليم الرقمي مطلبًا لازمًا في تحقيق الرؤية؛ سواء كان في المنزل أو الحضور الجزئي وإكمال باقي الحصص إلكترونيا، من أجل التغلب على الفجوة بين كل من المعلم والمتعلم، وتنويع البدائل الممكنة لضمان تحقيق أهداف العملية التعليمية.

 

* إخصائية تقويم مناهج بوزارة التربية والتعليم

تعليق عبر الفيس بوك