إنجاز استثنائي.. أطباء المستشفى السلطاني ينجحون في علاج رضيعة من "مرض نادر جدا"

 

مسقط- الرؤية

حقق المُستشفى السلطاني إنجازاً طبياً استثنائياً في مجال رعاية صحة الأطفال؛ حيث تمكنت وحدة العناية المركزة للأطفال من خلال قسم فريق المناعة الإكلينيكية للأطفال بالمستشفى بقيادة الدكتورة نسحت السكيتي من علاج رضيعة في عمر السبعة أشهر تُعاني من نقص المناعة المركب الشديد.

وعن طريق الكشف السريري والفحوصات التي قام بها الفريق الطبي للرضيعة في الشهر الثاني من عمرها، اتضح أنها تعاني من نقص المناعة المركب الشديد، وهو نوع من أمراض نقص المناعة، وهو مرض وراثي كغيره من أمراض النقص المناعي الأوّلي لدى الأطفال، غير أنَّ نقص المناعة المركب الشديد يُعد من أعضلها وأشدها خطورة على صحة الطفل وحياته.

وفيما يتعلق بالإجراء العلاجي الاستثنائي للرضيعة، قال الدكتور طارق الفارسي طبيب المناعة والحساسية للأطفال بالمستشفى السلطاني إنِّه منذ بداية تشخيص المرض تمَّ وضع خطة علاجية للرضيعة تتضمن: مضادات حيوية ميكروبية يومية وأجسام مضادة تعويضية شهرية، كما تمَّ الاستعداد التحضيري لزراعة الخلايا الجذعية النخاعية، وتم التعرف على متبرع متطابق، وهو الأخ الأكبر للرضيعة.

وتمَّ تحويل الرضيعة إلى قسم زراعة نخاع العظم في مستشفى جامعة السلطان قابوس، إلا أنه لم تكن الحالة الصحية للرضيعة مستقرة، فدخلت قسم العناية المركزة للأطفال نظراً لوجود التهاب جرثومي حاد في الرئة والدم.

وأضاف الفارسي: "صاحب ذلك وجود فرط مناعي ذاتي حاد أدى إلى ظهور داء البلعمة، نظرا للتدهور المتسارع في الحالة الصحية للرضيعة، وقرر قسم المناعة الإكلينيكية بالتعاون مع قسم زراعة نخاع العظم بمستشفى جامعة السُّلطان قابوس، وبالتنسيق والدعم المُباشر من قسم العناية المركزة للأطفال، تنفيذ إجراء علاجي استثنائي يهدف إلى الإبقاء على حياة الرضيعة؛ مع استمرار سوء حالتها، حيث لم تجدي العلاجات التقليدية نفعاً في السيطرة على الالتهاب الجرثومي ولا على فرط المناعة الذاتية المصاحب". وتابع أن حالة الرضيعة ظلت غير مستقرة، وكان الوضع الصحي ينبئ بحدوث مضاعفات وتدهور، حال تلقي الرضيعة خلايا جذعية من المُتبرع دون الإشراف المباشر لفريق زراعة نخاع العظم، وفي ظل عدم تعامل فريق العناية المركزة للأطفال مع مثل هذا النوع من العلاجات في المستشفى السلطاني من قبل، فضلاً عن عدم وجود فحوصات مخبرية ضرورية للتعرف على سير عملية الزراعة، والتنبؤ بوجود مضاعفات متوقعة من عملية الزراعة. لكنه استدرك بالقول إنَّ الفريق الطبي تمكن من تذليل كل الصعاب وتقديم أفضل ما يمكن تقديمه من خدمات صحية مُتخصصة ومُتميزة؛ حيث تم زراعة الخلايا الجذعية للرضيعة بمستشفى جامعة السلطان قابوس، ولوحظ التحسن المنشود في الحالة الصحية للرضيعة بعد بضعة أيام من بدء عملية الزراعة، لافتاً إلى أنّ هذا الإجراء يُعد نقلة نوعية في استقطاب علاجات مماثلة في المستقبل لمرضى نقص المناعة الأولي لدى الأطفال.

ووجه الفارسي الشكر الجزيل لوالدي الرضيعة على تفهمهما لإجراءات قسم المناعة الإكلينيكية في إدارة الخطة العلاجية الاستثنائية، وعلى ثقتهم في جميع العاملين بالمستشفى السلطاني، كما وجه الشكر إلى قسم زراعة نخاع العظم في مستشفى جامعة السلطان قابوس على استجابتهم ومتابعتهم المستمرة لحالة الرضيعة، وقسم العناية المركزة للأطفال في المستشفى السلطاني على تعاونهم وتوفيرهم العناية المركزة المطلوبة للرضيعة في ظروف استثنائية.

يشار إلى أنَّ تعرض الطفل باستمرار لنوبات التهابية حادة، يتسبب فيها كثير من الجراثيم الاعتيادية، بل وحتى الانتهازية منها، وهذه الالتهابات في معظم الأوقات تشكل عبئا إضافيا على استقرار حالة الطفل، وتمثل تهديدا مستمرا لتدهور حالة الاتزان المناعي لدى الطفل. والنقص في قدرة الجسم على مقاومة الالتهابات لا يعد الهاجس الوحيد لدى الطبيب المعالج، وإنما التوجس ينطوي على فرط غير مسيطر عليه، وذاتي في المناعة الذاتية.

والفرط في المناعة الذاتية لدى الأطفال المصابين بنقص المناعة المركب الشديد يؤدي إلى مهاجمة جهاز المناعة- المعطوب- للجسم نفسه؛ حيث يتحور المرض لأبعاد أخرى، مثل داء البلعمة، والذي يتسبب في تثبيط نخاع العظم المناعي الذاتي أو أن يتطور إلى سرطان الدم والجهاز اللمفاوي، إضافة إلى خطورة الالتهاب الجرثومي في حد ذاته، كما إنِّ فرط المناعة الذاتية يُعد كذلك تهديدا حقيقياً لحياة الطفل.

وهذا النوع من الأمراض "نادر جدا"؛ لكن نظرا لزيادة نسبة زواج الأقارب في السلطنة والدول المجاورة، ترتفع نسبة الإصابة السنوية للمواليد الجدد لتصل إلى 4.6 -5 إصابات تقديرية لكل 100,000 طفل عماني وليد في السنة الواحد.

تعليق عبر الفيس بوك