ترشيق الهياكل الإدارية

يوسف بن علي البلوشي

 

صدرت المراسيم السُّلطانية السامية التي عكست اهتمام مولانا حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم- حفظه الله ورعاه- بإيلاء الأولوية لجانب تسيير دفة الأعمال في المؤسسات، بما يتواكب مع روح العصر ومتطلبات العصر الحديث.

وجاءت هيكلة الجهاز الإداري للدولة بإلغاء وزارات وهيئات ودمج أخرى، وإلغاء اللجان والمجالس المتخصصة، الأمر الذي يعكس غاية في الأهمية وهو أنَّ رؤية مولانا المُعظم- حفظه الله- تدعو إلى إعادة النظر في هياكل المؤسسات الحكومية الأخرى وكذلك الشركات الحكومية، والذي نستشف منه إشارة واضحة بعدم التوسع في الهياكل التنظيمية؛ حيث اختصرت الهياكل التنظيمية لجهات عدة كانت في السابق كبيرة وبقطاعات مختلفة إلا أنَّ المراسيم التي حوت الهياكل الجديدة جاءت تُؤدي مهام تلك الجهات بكفاءة وفاعلية.

في كثير من الأحيان تعكس الحاجة الملحة من المعاملات التي ترد إلى المؤسسات بشكل دوري ومتكرر حجم ثقل الهيكل في حل مشكلات المراجعين والمواطنين، وأيضاً حاجتها إلى دمج وتقليص كي تكون أكثر مرونة في اتخاذ القرار، فليس من المنطق أن تستلم الجهة عبر دائرة خدمات المُراجعين طلبا ويتم تحويله إلى القطاع المعني، ومن ثم تقوم دوائر تلك المديرية بنقله إلى دائرة أخرى وفي مديرية ثانية، وتدخل سلسلة إجراءات طويلة بين دوائر المديريات أو القطاعات، ويصبح المواطن رهين رد قد يأخذ أشهرا.

من جانب آخر، من الواضح والمميز أن يقود المسؤولون عن تنفيذ رؤية "عُمان 2040" بمتابعة من المكتب الخاص لجلالة السلطان، مرحلة إعادة النظر في الهيكل التنظيمي للمؤسسات الحكومية الأخرى التي لم تشملها المراسيم السلطانية، وتعمل على ترشيق تلك الهياكل بصورة تُساعد المؤسسة على سرعة اتخاذ قراراتها وأيضاً إنجاز المشاريع وإنهاء الأعمال بشكل ينسجم وطموحات رؤية عُمان 2040.

المطلوب بشكل واضح هو دمج المديريات أو القطاعات في المؤسسة الواحدة ليكون الهيكل بأقل مديري عموم أو نواب قطاعات وأيضا دمج الدوائر ذات الأعمال المتقاربة أو المهام المُتكاملة لتكون دائرة واحدة تنهي الأعمال بسرعة وكفاءة بدلاً من دوران المُعاملات والقرارات إلى أكثر من جهة في المؤسسة الواحدة.

كثير من التساؤلات التي رصدت منذ فترة طويلة، فيما يتعلق أيضاً بالمؤسسات الاقتصادية والمصرفية- على سبيل المثال لا الحصر- البنك المركزي العماني، والتي لم يتم الرد عليها؛ فليس المقصود هنا تلبية تلك التساؤلات بل على أقل تقدير التفاعل والرد عليها.

كما أنَّ الهيئة العامة للمياه وأيضاً قطاع الكهرباء والاتصالات، من الجهات التي تتلقى شكاوى قطاعات كبيرة من المستخدمين على مستوى السلطنة، ويتطلع مقدمو تلك الشكاوى الخدمية لأن تتجاوب معهم المُؤسسات المعنية بشكل سريع نظرًا لأهمية الخدمة التي يقدمونها.

من خلال ما أشرنا إليه سابقاً يتضح أنه من الأهمية بمكان أن تتفاعل المؤسسات مع مستوى الطموح الذي يمكن أن نقول إنَّ المؤسسة وصلت إليه بفضل ترشيق الإجراءات، وتلك الأمثلة تعكس أن بعض المؤسسات مثقلة بكم هائل من المُستويات أو القطاعات المتداخلة التي قد تمثل عائقاً أمام التجاوب والتفاعل السريع لمُواكبة التطلعات.

إن الهياكل التنظيمية المثقلة بعدد كبير من المديريات أو القطاعات، تبطئ كثيراً من سير إنجاز العمل، وهي واحدة من الأسباب التي تقف أمام تقدم المؤسسة، فترشيق الهيكل الإداري مطلب مُهم كي نواكب رؤية عمان 2040، كما أراد لها مولانا جلالة السُّلطان- حفظه الله ورعاه- وهذه فرصة ثمينة أمام مؤسسات الدولة أن تعيد النظر في هذه المسألة، فرياح التطوير والتغير هبَّت وعلى الجميع أن يغتنم قوتها واتجاهها.