وزارة الاقتصاد والملفات العالقة

خلفان الطوقي

وعدنا مولانا جلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم- أيده الله ونصره- في شهر فبراير 2020 في خطابه الأول- بعد الحداد- بعددٍ من الوعود، ثم أصدر في 18 أغسطس 28 مرسوماً سلطانياً أفرحت المواطن وأثلجت صدره، وأشادت كثير من الجهات المُراقبة والمهتمة بالشأن العُماني من وسائل إعلام وجهات استثمارية ومنظمات عالمية بأهمية هذه المراسيم المُؤثرة التي كانت في مجملها تغيير شخوص، ودمج بين الاختصاصات والوحدات الحكومية، وإلغاء لجهات، واستحداث لوحدات، نتج عن ذلك تقليص في الشخوص والوحدات الحكومية بوجه عام، ومن أهم المراسيم السلطانية الجوهرية التفاؤلية إعادة إنشاء وزارة الاقتصاد بعدما تمَّ إلغائها في عام 2011.

بقدر تفاؤل الجميع بإعادة إنشاء هذه الوزارة المحورية، إلا أنَّ هناك تحديات ليست سهلة وملفات عالقة، هذه الوزارة ليست كغيرها من الوزارات، فنجاحها لا يعتمد على أدائها فقط، وإنما يعتمد على مدى التعاون الذي تحصل عليه من بقية الجهات والوحدات الحكومية التنفيذية والتشريعية، هذه الوزارة تختلف عن غيرها، وربما علاقاتها وتواصلها وخدماتها ستكون للجهات الحكومية أكثر من علاقاتها بالمراجع والمواطن والمقيم الفرد، ستكون راسمة للسياسات الاقتصادية العامة، وعلى الجهات الحكومية تنفيذها، ستكون استشارية ومُقدمة للمقترحات الفعالة التي تضمن أهدافاً أهمها ديمومة النمو الاقتصادي واستمرارية الرفاهية الاجتماعية وتنافسية البيئة المحلية لتكون أكثر قبولاً وجاذبية للمستثمر المحلي والعالمي.

لكي تضمن وزارة الاقتصاد تحقيق هذه الأهداف لابد أن تجد الدعم اللازم في عدد من الملفات العالقة التي يمكن أن تجعل من عمان أكثر تنظيما وجذبا، وسوف أذكر عدة ملفات على سبيل المثال لا الحصر، وسوف أذكر أهمية تعاون الجهات الحكومية معها، وأهم هذه الملفات: تنويع وتنمية مصادر الدخل للدولة وضرورة تعاون وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه ووزارة الطاقة والمعادن والهيئة العامة لسوق المال، وملف توظيف العُماني وتنظيم التشوهات في سوق العمل مع وزارة العمل ووزارة التربية والتعليم ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، وملف دعم التاجر والمنتج المحلي وجذب الاستثمارات الخارجية إلى السلطنة مع وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار والهيئة العامة للمناطق الصناعية الخاصة والمناطق الحرة ووحدة تنفيذ رؤية 2040 وغرفة تجارة وصناعة عُمان، وملف صرف المتأخرات المالية المستحقة للشركات التجارية مع وزارة المالية، وتطبيق الضرائب بأنواعها ونسبها وتوقيتها مع جهاز الضرائب، وملف الأخذ بيد المؤسسات الصغيرة والمتوسطة العمانية مع هيئة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وأمانة مجلس المناقصات، وتطبيق السياسات النقدية والمالية مع البنك المركزي العماني، والملف غير المتكامل ودون الطموح إلى الآن وتحويل المعاملات إلى الحكومة الإلكترونية الذكية مع وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات، وملف السياحة المأمول الذي لم يرضِ تطلعات السائح المحلي أو السائح الخارجي مع وزارة التراث والسياحة وشرطة عُمان السلطانية، هذه بعض الملفات، وإن كانت هذه أهمها.

بالمختصر، لوزارة الاقتصاد أثر عظيم في معظم الجهات والوحدات الحكومية إن تمَّ منحها الثقة اللازمة وفهم دورها المحوري، ولكي ينجح دورها ويتنامى مع الأيام، لابد من منحها الدعم غير المحدود من الإرادة السياسية من قمة هرم مجلس الوزراء أولاً، و"الدعم" و"الانسجام" و"التنسيق" و"الأخذ" بتوصياتهم العلمية والواقعية التي تتناسب مع المستجدات المتغيرة، ولابد لجميع الجهات الحكومية ورؤساء وحداتها أن تستوعب أنَّ لكل جهة دور، ولابد لهذه الأدوار أن تتكامل في نهاية المطاف لصالح عُمان، ولابد لجميع المسؤولين الحالين أن يركزوا جل اهتمامهم بالمصلحة الوطنية العليا، واضعين شعاراً في مكاتبهم وعقولهم وبين موظفيهم بأنَّ عمان أولا وعاليا، ولابد للجميع حكومة ومؤسسات وأفراد أن يعلموا أنَّ هذه المراسيم السلطانية ليست ترفاً بل مطلباً ملحاً لمنطلق مهم وهو التحضير الضروري لدخول عُمان معترك تنفيذ الرؤية الوطنية للسلطنة لرؤية 2040، ووزارة الاقتصاد إحدى أهم مرتكزاتها الأساسية التي تتطلب تضافر الجهود وتعاون وانسجام الجميع.