نداء إلى حكومتنا الرشيدة

علي بن بدر البوسعيدي

مُنذ بِدَاية العامِ الجاريِ، وأعدادُ المتقاعدين آخذة في التزايد، لا سيَّما بعد تقاعد أعداد كبيرة خلال الآونة الأخيرة، أو بمعنى الذي "أُقْعِدوا" بعدما أتمُّوا 30 عاما في وظائفهم في الوزارات والمؤسَّسات الحكومية، ومن المؤسِف أنَّ العديد مِمَّن أحيلوا إلى التقاعد، شَكُوا من الطريقة غير اللائقة معهم في إنهاء إجراءات التقاعد، وكأن الأمر إقالة من العمل!

إذْ يَروي البعضُ أنَّهم وصلوا مَكاتبهم في الصباح كالمعتاد، وفُوجِئوا بأوامر التقاعد التي يتعيَّن تنفيذها في التوِّ واللحظة، دُون تمهيد أو تهيئتهم لمثل هذا القرار؛ سَواءً من الناحية النفسية أو الاجتماعية، أو حتى الوظيفية. فمثلًا من الناحية الاقتصادية، الكثيرُ منهم مرتبط بقروض وأقساط مالية عدة؛ فكيف سيكون وضعهم؟ وكيف سيتعاملون مع وضع التقاعد؟ خاصة وأنَّ هذه الإجراءات تزامنتْ معها الظروف الاستثنائية التي يمرُّ بها العالم والسلطنة كذلك، بسبب جائحة كورونا. كما أنهم سيواجهون إشكاليات فيما يتعلق بمصاريف دراسة أبنائهم، ومنهم من يدرس خارج البلاد، ويحتاج إلى مصاريف ضخمة لتغطية تعليمه، فضلا عن فواتير الكهرباء والمياه والهاتف... وغيرها من الالتزامات، التي لن يغطيها الراتب التقاعدي.

ولن أتحدَّث عن مُكافأة نهاية الخدمة التي لا تتجاوز في أفضل الأحيان بضعة آلاف من الريالات؛ فمن يفكِّر فيهم في استثمارها بمشروع، لن يتمكَّن لأنها لا تكفي حتى لمصاريف تجهيز المشروع من أثاث أو إضاءة!

من هنا، نرى أنَّه من المناسب تدخُّل حكومتنا الرشيدة بأية وسيلة ملائمة، لدعم المتقاعدين، ومساعدتهم على فتح آفاق جديدة لهم بعد التقاعد، حتى لا يشعروا بأنهم بتقاعدهم انتهت الحياة وانقضت! فهناك من توقَّف عن دفع الأقساط الواجبة عليه نتيجة لعدم استطاعه، ومن ثم يُواجهون تداعيات قضائية في المحاكم.

ونحن من خلال هذا المقال ننقلُ لِمَن يهمُّه الأمر شكاوى المتضررين، الذين يأملون من الحكومة الرشيدة أن تنظر بعين الرأفة إليهم؛ سواء من خلال إعادة جدولة القروض التي اقتروضها في أوقات سابقة عندما كانت رواتبهم الشهرية تغطي ذلك، خاصة وأنهم حصلوا على هذه القروض وهم قد خططوا جيدا لحياتهم، لكن لم يكونوا على عِلم بقرارات الإحالة إلى التقاعد، التي لم تكن في الأساس مُتوقَّعة؛ فهناك من أُحِيل للتقاعد وعمره في نهاية الأربعينات، أي في "عز الشباب" كما نقول.

... إنَّ المتقاعدينَ مُتفائلون كثيرا بالقيادة الحكيمة لجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- خاصة وأنَّ مولانا المفدى أكد في غير مرة حرصه على تلبية تطلعات المواطن.

إنَّنا نقترح هنا أنْ يتمَّ توفير قروض ميسرة للمتقاعدين، خاصة صغار السن منهم، الذين يملؤهم الحماس والطاقة من أجل مواصلة العطاء والإنتاج؛ فهذه القروض ستساعدهم على تأسيس مشاريع جديدة يُدِيرونها بأنفسهم، ويوظفون فيها شبابا عمانيا مجتهدا كذلك، وتدعم التوسع الاقتصادي والتنويع في المشاريع.

كلمة أخيرة، نقولها: إنَّ الوقوفَ بجانب المتقاعدين سيعُود بالنفع على الوطن بأكمله؛ فهؤلاء المتقاعدين هم أولياء أمور جيل جديد من الشباب، إذا نشأ وهو يرى أباه أو عمه أو خاله أو حتى أخاه الكبير مُحبطًا وغير متفائل بعد تقاعده؛ فكيف سيكون حال الشباب الواعد، الذين نعول عليهم أن يكونوا سواعد الوطن التي تبني وتعمِّر، لكنَّ الآمال عريضة في القيادة الحكيمة والتي ستأخذ بلا شك في عين الاعتبار كلَّ ما سبق من مُعطيات، ليأتي الحل المناسب بإذن الله تعالى عما قريب.. إنا متفائلون!