أحدث إسهامات "مؤسسة الرؤيا" لإثراء المكتبة العُمانية

"فلسفة الحياد العُماني".. توثيق موضوعي لتحديات "الدبلوماسية الهادئة" للسلطنة خلال نصف قرن

...
...
...
...
...
...

الرؤية- مدرين المكتومية

صدر عن مؤسسة الرؤيا للصحافة والنشر كتاب "فلسفة الحياد العُماني.. إجابات الماضي عن أسئلة المُستقبل"، أحدث إسهامات المؤسسة لإثراء المكتبة العمانية.

ويُوثّق الكتاب الجديد الوقائع التاريخية التي تثبت أنَّ التزام سلطنة عُمان بدبلوماسيتها الواقعية وحيادها الإيجابي – فعلًا لا قولًا – حقق لها ما لم يُحققه آخرون بالسلاح أو المزايدات أو الشعارات الجوفاء؛ رغم ما واجهته مسقط من تحديات سياسية وعسكرية على مدار نصف قرن. وعبر 6 أبواب، يجيب الكاتب الصحفي والباحث هيثم الغيتاوي- مؤلف الكتاب- عن تساؤلات عدة؛ منها: كيف أنَّ هذه الصورة الذهنية المُتسامحة للسلطنة في الخارج؛ بمثابة انعكاس بديهي لروح التفاهم والتعايش والتسامح التي صارت أحد أبرز مكونات الهوية العُمانية في الداخل.

وعبَّر المُكرَّم حاتم بن حمد الطائي الرئيس التنفيذي لمؤسسة الرؤيا للصحافة والنشر عن سعادته بنشر الكتاب، وقال: "تعتز المؤسسة بأن تتوّج قوائم إصداراتها الثقافية والتاريخية بكتاب جديد يُسهم في تخليد إنجازات الدبلوماسية العمانية الهادئة؛ التي رسّخ دعائمها على مدار نصف قرن المغفور له بإذن الله تعالى السُّلطان قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- وثمّنها حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- في الخطاب التاريخي الأول لجلالته؛ واصفاً إياها بـ"التراث العظيم" الذي ستبني السلطنة- على أساسه- مستقبل علاقاتها مع دول العالم أجمع"، مشيراً إلى أنَّ هذه الدبلوماسية كان جلالة السلطان هيثم بن طارق، أحد صُناعها على مدار 20 عاماً قضاها في وزارة الخارجية.

وأوضح الطائي أنَّ مؤسسة "الرؤيا" تهدف من خلال إصدارها الجديد إلى المساهمة في الرد- بالوقائع المُوثقة بمصادر عُمانية وعربية وأجنبية - على ما يروّج له بعض المُغرضين- عبر نوافذ إعلامية أو مواقع للتواصل الاجتماعي- بخلطٍ مُتعمّد بين معاني الحياد الإيجابي والعُزلة؛ قاصدين استفزاز الشباب العُماني عبر المنصات الإلكترونية؛ ودفعهم إلى تبني توجهات مُنحازة تخالف قيمهم القائمة على مبادئ الحوار والتعايش السلمي.

وتابع الطائي أنَّ المؤلف تمكّن من المرور- بأناقة اللغة- بين حقول من الشوك؛ في سرد وتحليل التحديات التي اجتازتها السلطنة في سبيل الوصول إلى اتفاقيات حدودية عادلة مع جاراتها الخمس، دون انجرار إلى أساليب عنيفة تخالف العقيدة العُمانية السمحة، إلى جانب توضيح العوامل التاريخية- اقتصادياً وسياسياً- التي بنت عليها السلطنة موقفها من الدعوة إلى "اتحاد خليجي"، والتزامها بالعمل على تحقيق أهداف "مجلس التعاون الخليجي" بصيغته الحالية؛ على أرض الواقع.

من جهته، تحدث الباحث هيثم الغيتاوي عن رحلة إعداد الكتاب، وقال: "بدأتُ العمل على مشروع الكتاب في نوفمبر 2018؛ وتمثَّلت نواته في تقرير صحفي بعنوان (مَن دخل "واحة قابوس" فهو آمِن)؛ نُشر على صفحات جريدة الرؤية؛ حيث استعرضتُ من خلاله محطات سريعة في مشوار الدبلوماسية العُمانية منذ بدء عهد النهضة، مع تسليط الضوء على تحديات ومواقف فاصلة؛ كانت واقعية السلطان قابوس- طيّب الله ثراه- جسرا آمنًا لعبورها، ورأيتها تشكل مُجتمعةً صورة عامة لما يمكن وصفه بـ"دبلوماسية الصبر المدروس"؛ التي جعلت من عُمان واحة آمنة؛ في عالم ليس كذلك".

هيثم الغيتاوي - المؤلف.jpg
 

وأضاف الغيتاوي أنَّه "بفضل حُسن تقدير الناشر تطوّر التقرير الصحفي المُكثّف إلى مشروع بحثي مُوسّع؛ وبتشجيعه المُتواصل أمكنني الاطلاع على عشرات المراجع والأبحاث والمصادر؛ لتوثيق وشرح ما سبق ولخّصته في التقرير، حتى أصبحت الـ1500 كلمة التي شكّلت مَتن التقرير الصحفي، أكثر من 107 آلاف كلمة؛ تُفسّر وتحلل وتوثّق وتؤصّل لجذور الصورة الذهنية المتسامحة؛ التي ميّزت سُمعة السلطنة في المحافل الدولية كافة". ومضى قائلاً: "ومع قراءة وتحليل نحو 98 خطابًا رسمياً للسلطان قابوس، و51 حوارًا صحفياً؛ ونصوص المراسيم السلطانية المُتعلقة بالشؤون الخارجية تحديدًا، على مدار السنوات الخمسين الماضية، شَعرتُ بأنني- على المستوى الشخصي - أعيد اكتشاف شخصيّة السلطان قابوس- رحمة الله عليه- ليس بوصفه سلطاناً حكيمًا فحسب؛ وإنّما على مستوى تركيبته الإنسانية وفِكره المُنفتِح وفلسفته العملية والموضوعية، التي لا تقفز على حقائق الواقع، أو تُخاصِم المنطق.. بل شعرتُ بأنني أعيد اكتشاف عُمان، التي بدا لي أنني عشت فيها نحو 6 سنوات دون الاقتراب بما يكفي من ذاكِرتها؛ عقلِها وروحها؛ التي كانت العِماد الأساسي لصرح النهضة في المجالات كافة".

وتوثيقاً؛ وتخليداً لتراث الدبلوماسية العمانية الهادئة؛ يقدم الكاتب دراسة توثيقية مُطوّلة؛ في أكثر من 430 صفحة من القطع المتوسط؛ لتعريف الأجيال الجديدة بتحديات وإنجازات دبلوماسية عُمان وحيادها الإيجابي في عهد النهضة؛ وتوضيح ما قصده صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- في تعهده الأول: "سنبقى كما عهدنا العالم.. وسوف نترسّم خُطى السلطان الراحل، مُؤكدين على الثوابت التي اختطها لسياسة بلادنا الخارجية"، كما تُفسر ما في قول صاحب الجلالة من معاني الوفاء وحُسن التقدير والإيمان بنجاعة النهج العُماني الذي ترسّخ على مدار نصف قرن، في عهد السلطان قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- حتى صار أيقونة للسلام والتسامح والتعايش والحياد، ومثالاً يُحتذى به إقليمياً وعالمياً.

ويتضمن الكتاب ملحقاً وثائقياً مُصورا؛ يشتمل على عدة وثائق مهمة؛ منها المراسيم السلطانية الصادرة في عهد السلطان قابوس، والتي رسمت المسار السياسي لجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- منذ بداية عمله في وزارة الخارجية العُمانية، وكذلك المراسيم المتعلقة بالاتفاقيات الحدودية مع جارات السلطنة في عهد النهضة، إلى جانب العشرات من الصور النادرة للسلطان قابوس مع قادة مختلف دول العالم، وكذلك صور لجلالة السلطان هيثم بن طارق خلال فترة عمله في وزارة الخارجية العُمانية، فضلاً عن العديد من الصور النادرة لمعالي يوسف بن علوي الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية، والذي وصفه المؤلف بـ"ذاكرة الدبلوماسية العُمانية اليقظة".

4 - فلسفة الحياد.jpg
 

وتحت 100 عنوان رئيسي وفرعي، لم يغفل الكتاب العوامل التي شكّلت الهوية العُمانية المتسامحة داخلياً؛ بما فيها محاور: التسامح الديني والمذهبي، وتثقيف النشء، وتنويع المصادر المعرفية للشباب، وحُسن استيعاب المُقيمين من مختلف الجنسيات، والانفتاح على ثقافات وفنون مختلف شعوب العالم، إلى جانب محور الانضباط الإعلامي؛ الذي كثيرا ما أشاد به السلطان قابوس، ومن ذلك قوله: "نؤمن بوجود صحافة منطقية. صحافتنا ليست وسيلة خصام؛ بل سفير ينقل رغبة أمة إلى أمة أخرى. صحافة رأي حر وبنّاء وملتزم وناضج قائم على الدراسة والفهم".. وفي هذا الجانب، يؤكد المكرم حاتم الطائي أن هذه المبادئ السامية تعتز مؤسسة الرؤيا للصحافة والنشر بالالتزام بها في كافة إصداراتها ومشروعاتها الإعلامية والثقافية على مدار أكثر من ربع قرن؛ منذ انطلاق أعمال المؤسسة في العام 1994.

2 - فلسفة الحياد.jpg
 

تعليق عبر الفيس بوك