التعليم الإلكتروني

 

عيسى بن سعيد الصلتي

 

لا ريب أنَّ العملية التعليمية التعلمية هي الأساس والقاعدة التي إن تمكَّن المُتعلم من أدواتها فسيكتسب المقدرة على الإسهام في تطوير العلوم كافة كل وفق ما يتخصص فيه، لذا توجب على الإنسان السعي الدؤوب في تحسين وتطوير التعليم وعملياته وأدواته التي تتماشى مع تطور العلوم والمعارف.

 

وما نراه اليوم من طفرة تكنولوجية متسارعة في عمليات التعليم في الدول الأخرى علِمناه بالأمس من تسارع التطور في مجال التكنولوجيا، فكان لابد للمعنيين والقائمين على قطاع التعليم أن يسخروا هذه التكنولوجيا وما تحتويه من أدوات وتطبيقات وبرامج في العملية التعليمية.

 لقد وفرت هذه التكنولوجيا جملة من التطبيقات والبرمجيات التي سهلت على الناس عمليات التواصل فيما بينهم وتبادل المعلومات والمعرفة، فأوجدت ما نستطيع التعبير عنه بالمعلم الإلكتروني، لذا وجب استخدام هذه التكنولوجيا في إطار تربوي منظم وممنهج ليتم الاستفادة منها بالشكل المأمول.

فالتطور التقني المتسارع يشكل حافزا لتبني التطبيقات الإلكترونية من قبل مؤسسات التعليم في السلطنة بمختلف مستوياتها في عملية التعليم، لما تمتاز به من مميزات ستنعكس إيجابا في العملية التعليمية، فما عليها سوى إنشاء تطبيق أو منصة تعليمية خاصة بها تقدم فيها المحتوى التعليمي لأي درس كان، واختيار النمط التعليمي الإلكتروني ووسائطه التعليمية، لتحقق بذلك المؤسسة التعليمية بيئة تفاعلية بين المعلم والمتعلمين.

ويتحقق هذا  في توفير المؤسسة التعليمية البنية الإنشائية البشرية والتكنولوجية، وأول هذه البنية وجود كادر وظيفي تربوي متخصص في مجال تقنية المعلومات والبرمجيات، يمتلك شهادات علمية رفيعة المستوى ومهارات وخبرات عملية في ذات المجال، قادر على اكتساب المعرفة المتجددة في عالم تقنية المعلومات والبرمجيات، يكون مؤهلا لتحمل مسؤولياته المنوطة به لأنها ستكون أحد عناصر العملية التعليمة في المؤسسة التعليمية، وإذا ما توفرت هذه المواصفات في هذه الكوادر فلا شك أنها قادرة على توظيف إمكاناتها في صياغة نظام تعليمي إلكتروني بمختلف تطبيقاته وبرامجه.

 ومن ثم يأتي توفير بنية إنشائية عصرية في مجال التكنولوجيا وبنية تحتية من شبكات الاتصال بخطوط ألياف بصرية (optical fibers) ، ونظام تخزين واسع ( cloud storage )، تتعاون فيه جميع المؤسسات المعنية بمجال الاتصالات، لتستطيع تلك الكوادر البشرية العمل بكل إمكانتها العلمية وخبراتها العملية ومهاراتها التطبيقية، ويمكن التصفح والاستخدام من قبل المعلمين والمتعلمين بصورة سريعة.

وفي حين جاهزية المؤسسة التعليمة في تطبيق التعليم الإلكتروني، عليها أن تراعي الجوانب الاجتماعية والسلوكية والأخلاقية للمتعلمين، إذ مع الإيجابيات الحاصل عليها من تطبيقه ينبغي التنبه إلى أية سلبيات ربما تنشأ عن ذلك مع ضرورة وضع الحلول المناسبة لها، بالإضافة إلى وضع الإستراتيجيات المناسبة لتجاوز التحديات والصعوبات التي تعترض طريق تطبيق التعليم الإلكتروني.

 

ومن بين السلبيات التي قد تنشأ نتيجة استعمال التعليم الإلكتروني هو انعزال المتعلم عن عالمه الاجتماعي فهو مع نفسه والحاسوب الذي بين يديه فيكون تواصله مع الآخرين عبر هذه التطبيقات الإلكترونية، وهذا بطبيعة الحال يفقده فنون التعامل المباشر بينه وبين معلميه وبينه وبين زملائه المتعلمين،  من الحوار والنقاش المباشر وجهاً لوجه، مما قد يؤثر على مستوى ذكائه الاجتماعي، فينبغي وضع الاستراتيجيات  والحلول التربوية المناسبة للحيولة دون ذلك من خلال إيجاد البدائل التي تكسب المتعلم مهارات الحوار وغيرها من المهارات الفردية.

ومن بين التحديات التي قد تعترض طريق تطبيق التعليم الإلكتروني وجود بعض العاملين في قطاع التعليم ممن لا يميلون إلى التعليم الإلكتروني ولا إلى التجديد العصري بأدواته الإلكترونية، فقد يشكلون باعثا سلبيا على المجتمع في قبول التعليم الإلكتروني، فضلاً عن انخفاض الدافعية لدى المعلمين المختصين في مجال تقنيات التعليم في مواجهة الواقع الرافض لهذا النوع من التعليم بشكل عام أو على أحد تطبيقاته بشكل خاص، وشعورهم بعدم نجاح هذا النوع من التعليم كأداة تعليمية، كما سيشكل الأعباء الإدارية التي يقوم بها المعلم في الحيلولة من تطبيقه.

 وبالتالي ينبغي تجاوز هذا التحدي من خلال قيام المؤسسة بتعزيز الوعي الداخلي والخارجي لدى المجتمع بأهمية التعليم الإلكتروني وتطبيقاته التقنية وأنه وسيلة فاعلة في عملية التعليم وخلق مجتمع علمي يستطيع التعامل مع التقنيات الحديثة ويواكب التطور التقني في عالمنا المعاصر.

والعمل على تحفيز الهيئتين الإدارية والتدريسية معنويا وماديا فأما معنويا فيكون من خلال رفع مستواهم الأدائي من خلال الورش التدريبية والحلقات العلمية في هذا الجانب، وأما ماديا فيكون من خلال رفع الرواتب والمكافآت والعلاوات وغير ذلك من السبل التي تحقق نتائج إيجابية في رفع الإنتاجية والإيجابية لدى الموظفين.

وخلاصة القول إن العالم اليوم في تقدم متسارع في كافة مجالات الحياة، التي أصبحت التكنولوجيا هي القاعدة والأساس لها وهي محل اهتمامه وتركيزه فيكاد لا تخلو صناعة من الصناعات ثقيلة كانت أو خفيفة إلا وكانت التكنولوجيا داخلة في تكويناتها وقائمة عليها، فهي واقع الحاضر والمستقبل القادم، فلا مناص من أن تكون التكنولوجيا وتطبيقاتها هي الوسائل التعليمية في العملية التعليمية، فعلينا جميعاً أفرادا ومؤسسات رسمية ومجتمعات مدنية مواكبة عصر التكنولوجيا وتوظيفها في منظومة التعليم العام والعالي وفق منهج علمي متكامل في مراحله ومتجانس مع مساراته ملبيا حاجات المتعلمين وميولهم، مراعيا أنماط التعلم لديهم، بكوادر بشرية متخصصة تمتلك من المقومات العلمية والعملية ما يؤهلها لرفع مستوى التعليم والتعلم موظفة تلك الإمكانات والمهارات في جعل منظومة وسائل التعليم والتعلم منظومة إلكترونية بأشكالها كافة مسخرة تطبيقاتها وبرامجها في هذا الشأن تربويا وتعليميا.

 

تعليق عبر الفيس بوك