الموظف المتبتل!

محمد بن عيسى البلوشي

يظن البعض أنه إذا وصل إلى درجة معينة من العلم والمعرفة أو مستوى وظيفي، فإنه وصل إلى الغاية الأسمى، ويعتقد بأن شهادته أو لقبه الوظيفي أو المهام التي يقوم بها تؤهله لنطلق عليه مهندسا أو دكتورا أو مديرا أو وزيرا وغيرها من المسميات، ويتناسى بأن هناك بابا للتجديد والتطوير والابتكار والتحديث من الواجب أن يطرقه بشكل مستمر دون توقف.

إننا نحتاج إلى موظف أو مسؤول دائم الحركة والتجربة والتعلم والاختبار والابتكار كي يجدد مستوى المعرفة لديه بما يتناسب مع ظروف كل مرحلة، فلا يمكن للإنسان أن يتعامل مع واجباته الوظيفية في الرخاء، حالها حال وقت الأزمات؛ ففي فترة الأزمات يظهر الموظف المتبتل من الموظف العادي من خلال قدرته على قيادة الأعمال بسرعة وكفاءة، ولديه مهارات متعددة وأفكار مبتكرة يوازي إنجازه جهد عدد من الموظفين.

أظن أنه من المهم أن تنظر المؤسسات العامة والخاصة إلى الموظف المبتكر والمتجدد والمجيد بنظرة أكثر دقة ومسؤولية، وتمنحه المزيد من مساحة العمل والصلاحيات لإظهار قدراته وإمكانياته لقيادة دفة القطاع أو القسم أو المهام، وأن تعطي الموظف التقليدي الذي تعود على إنجاز أعماله بشكل روتيني فرصة لرفع كفاءته؛ فالأصل في الإنسان أن يكون متجددا ومنسجما مع تطورات الحياة واحتياجات الواقع وتطلعات المستقبل، وهذا ما نجده حاضرا في الموظف المتبتل.

إن تطورات الأعمال في العالم بعد جائحة كورونا تشير إلى اختفاء الوظائف العادية التي يمكن أن تستبدل بظهور التقنية الحديثة أو الاستعاضة عنها بالموظف الشامل، وهذا ما يدعونا إلى أن نفكر بجلاء في هندسة الموارد البشرية في مؤسستنا العامة والخاصة والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة وأيضا الكبيرة، وأن نعيد النظر في أولوياتها بما ينسجم مع هيكلة وتطورات الأعمال والمهام بعد كوفيد 19.

لن يفقد الموظفون المتبتلون وظائفهم؛ فهم أكثر الناس حظوظا خلال المرحلة المقبلة، فبهم يتم استثمار الموارد البشرية بشكل أكثر كفاءة وإنتاحية، أما الموظفون الكلاسيكيون فأعتقد بأن عليهم مراجعة أحوالهم وإعادة النظر في فرصهم.