"السباق إلى الفضاء" يستقبل لاعبين جدد

"الكوكب الأحمر".. أحدث ساحات المنافسة الشرسة بين أمريكا والصين

ترجمة- رنا عبدالحكيم

بعد عامين من وصول الإنسان على آخر مسبار إلى كوكب المريخ، تطلق كل من الولايات المتحدة والصين مهمات فضائية إلى الكوكب الأحمر خلال يوليو الجاري، ليكون ساحة جديدة للتنافس المتنامي بينهما.

وانطلقت المركبة "تيانوين -1" الصينية يوم الخميس الماضي من جزيرة هاينان في جنوب البلاد، في حين من المقرر إطلاق مركبة "بيرسيفرانس ناسا" الأمريكية يوم الخميس المقبل. ومن المتوقع أن يصل كلا المسبارين إلى المريخ في فبراير 2021.

وتهدف الرحلات إلى الإجابة على الأسئلة حول إمكانية الحياة على كوكب المريخ، بما في ذلك البحث عن علامات الظروف الصالحة للسكن في ماضي الكوكب القديم والبحث عن دليل على الحياة الميكروبية أيضا. ويحتوي المسبار على مثقاب يمكن استخدامه لجمع عينات أساسية من الصخور والاحتفاظ بها، ليتم جمعها وفحصها من قبل مهمة لاحقة.

وفي حالة نجاحه، سيكون بيرسيفرانس هو المسبار السابع الذي تنزله وكالة ناسا على سطح المريخ.

و"تيانوين-1"، وتعني "البحث عن الحقيقة السماوية"، أول مهمة تقوم بها الصين إلى المريخ، ومن المقرر أن يدور المسبار حول الكوكب قبل أن يهبط على سطحه، على أمل أن يتمكن من جمع معلومات مهمة عن تربة المريخ، والهيكل الجيولوجي، والبيئة، والغلاف الجوي، والبحث عن علامات على وجود ماء.

سباق الفضاء

وفي ورقة بحثية، قال علماء إن "تيانوين-1" يتيح المجال لتعزيز التعاون الدولي "لتطوير معرفتنا بالمريخ إلى مستوى غير مسبوق". الوصول إلى المريخ لم يكن فقط هدفا لكل من الصين والولايات المتحدة، بل أيضا الإمارات التي أطلقت مسبار الأمل يوم الأحد الماضي، ليكون أول مهمة عربية إلى الفضاء.

ويتمتع العلماء العاملون في وكالة ناسا ووكالة الفضاء الصينية بعلاقات؛ حيث تعاون الطرفان في محطة الفضاء الدولية، وهنأ كل منهما الآخر على المهمات الناجحة، مثل هبوط مسبار صيني على الجانب البعيد من القمر، لتكون أول دولة تنفذ مثل هذه المهمة على الإطلاق.

لكن رغم ذلك فإن سباق الفضاء مسألة سياسية لا مفر منها، إذ كانت مهام ناسا المبكرة، ولا سيما هبوطها التاريخي على القمر في عام 1969، ضمن حرب باردة بين أمريكا والاتحاد السوفيتي سابقا.

لكن بكين تدرك جيداً المكانة المحتملة التي يمكن أن تكسبها من خلال التفوق على الولايات المتحدة في الفضاء، ففي حال نجحت مركبة "تيانوين-1" في الهبوط على سطح المريخ، فستكون الخطوة التالية إرسال مهمة مأهولة إلى الكوكب الأحمر.

وفي عهد الرئيس شي جين بينغ، استثمرت الصين مليارات الدولارات في بناء برنامجها الفضائية، حتى في الوقت الذي أكدت فيه نفوذها على الأرض بقوة أكبر وواصلت "التجديد العظيم للأمة الصينية".

وخصت الحكومة الصينية الفضاء في خطتها الخمسية الثالثة عشرة، كأولوية بحثية، وخاصة استكشافات الفضاء العميق والمركبات الفضائية في المدار، إضافة إلى مهمة المريخ، وتخطط بكين أيضًا لإطلاق محطة فضائية دائمة بحلول عام 2022، وتتطلع إلى إرسال مسبار مأهول إلى القمر ربما في 2030.

وقال ويان هوا نائب رئيس الإدارة الوطنية للفضاء في الصين، في عام 2016 "هدفنا العام هو أن تصبح الصين بحلول عام 2030 من بين القوى الفضائية الكبرى في العالم".

وتأخرت الصين في سباق الفضاء، فعلى الرغم من أنها خطت خطوات لا تصدق في العقود الأخيرة، إلا أن تجاوز وكالة ناسا- على الأقل فيما يتعلق بحقوق المفاخرة إن لم يكن علمياً- يتطلب تنفيذ مهمة مذهلة، مثل إنزال إنسان على كوكب المريخ.

لكن ثمة سبب آخر، وهو أنه منذ عام 1972، يتم تنفيذ جميع عمليات استكشاف الفضاء بواسطة الروبوتات، ليس فقط لأنها أرخص، بل أيضا لأنها تدوم لفترة أطول، فلا توجد دولة تريد أن يموت لديها أول رائد فضاء على كوكب آخر؛ حيث إن مجسات الهبوط الروبوتية على المريخ صعبة بما فيه الكفاية، بالنظر إلى الظروف الجوية للكوكب. وقد يكون إنزال إنسان هناك بأمان أقرب إلى المستحيل.

لكن هذا لم يمنع الساسة من التكهن بشأن مهمة مأهولة إلى الكوكب الأحمر، ففي وقت مبكر من فترته الرئاسية، أذن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لوكالة ناسا "بقيادة برنامج استكشاف مبتكر للفضاء لإرسال رواد فضاء أمريكيين إلى القمر، وفي النهاية إلى المريخ". وأنشأ ترامب أيضًا "القوات الفضائية"، وهو فرع جديد للخدمات بالقوات المسلحة. وقال الرئيس الأمريكي إن "الفضاء سيكون المستقبل. سواء من حيث الدفاع أو الهجوم والعديد من الأشياء الأخرى". وأضاف "بالفعل، مما سمعته واستنادا إلى التقارير، نحن الآن رواد الفضاء في العالم".

تعليق عبر الفيس بوك