ضحايا الابتزاز الإلكتروني

 

نمير بن سالم آل سعيد

 

◄ الوضع جسيم بالنسبة للضحية.. ويبقى أفضل الحلول عدم مُجاراة المبتز في ابتزازه ورفض الإذعان لطلباته

 

ما يحدث من تزايد سقوط البعض ضحية للاستغلال المالي والجنسي عبر شبكات التواصل الاجتماعي والموجه من أفراد مغرضين أشرار من داخل البلاد وخارجها، أو عصابات إجرامية خارجية مُتخصصة تمتهن هذا العمل، يتطلب الانتباه له والحذر منه.

وضعف الوازع الديني والأخلاقي والفراغ الاجتماعي، وانعدام الرقابة الأسرية على ما يشاهده الأبناء من محتويات إلكترونية، والتقصير في إسداء النصح والتوعية بمضار استخدام مواقع ووسائل التواصل الاجتماعي، وعدم الحرص الكافي على تأمين خصوصية المعلومات والبيانات الخاصة بالمستخدم، والإسراف في استعمال وسائل التواصل الاجتماعي دون هدف، يوقع المستخدمين في شباك المبتزين لينجرف بعدها الضحايا في دوامة الابتزاز الإلكتروني.

وهذا ما كان يجب ألا يحدث لو تمَّ أخذ الحيطة والحذر عند التعامل الشخصي في المجال الإلكتروني.

والعديد من الأشخاص راحوا ضحية للابتزاز الإلكتروني، فأظلمت الدنيا في عيونهم وباتوا لا يريدون إلا أن تنشق الأرض وتبتلعهم في جوفها، بينما كانوا قبل ذلك في أمان وسلام بذهن خالٍ من الكآبة والتكدير.

وهؤلاء تم جذبهم إلى الخطأ بانسيابية رشيقة ناعمة، وفي لحظة أصبحوا مكبلين بقيود الفضيحة في قبضة شخص لا يعرفون شيئاً عن حقيقته، يُلاحقهم بشراسة يأتيهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي يُهددهم، ومطالبه إما المال أو تلبية رغباته الجنسية.

وكلا هذين المطلبين لهما آثارهما المدمرة على الفرد وعائلته إذا تمَّ تلبيتهما.

وأكثر الفئات عرضة للابتزاز الإلكتروني هم المراهقون والفتيات والنساء والذين بعضهم يتألم في صمت دون أن يدري أحد عنهم.

والحقيقة أنَّ جميع مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي معرضين للابتزاز الإلكتروني، إذا تمكن المبتز من النفاذ إليهم واستدراجهم إلى عالمه.

وإذا أرادوا السلامة من هذه الشرور البشرية، فذلك لن يكون إلا بعدم الدخول إلى مواقع غير معروفة ومجهولة المصدر، وكذلك المواقع الجنسية الإباحية، لأنَّ أغلب هذه المواقع مرتبطة ببرامج تشغيل الكاميرا التلقائي لالتقاط صور فيديو أو صور فوتوغرافية خاصة بالمستخدمين وكذلك مزودة بآلية لسرقة البيانات والمعلومات الشخصية، مما يجعلهم عرضة للابتزاز الإلكتروني بسهولة ويسر.

والابتزاز الإلكتروني في أغلبه إما أن يكون على هيئة مطالب مادية بعد استدراج المستخدم وتصويره في أوضاع مخلة وتستخدم الصور من أجل الابتزاز. أو ابتزاز جنسي؛ حيث يطلب المبتز خدمات جنسية من الضحية لابد من تلبيتها أو نشر ما بحوزته من فيديوهات وصور مُخلة بالضحية.

وهذا ما وقع فيه العديد من الأشخاص الذين أعتقدوا بأنَّ ما يفعلونه خلف أبوابهم المغلقة سيبقى مخفياً خلف أبوابهم المُغلقة.

وإذا بهم يتفاجأون بالابتزاز الإلكتروني ينال منهم، مستهدفين امرأة جميلة ناضجة بكامل زينتها، ذابوا في فتنتها وأجبرتهم على مُسايرتها كما تريد حتى آخر ستر يسترهم.

أو تلكم الفتيات اليافعات الكثيرات اللاتي وقعن ضحية حقير استدرجهن على انفراد إلكتروني بوعوده الوهمية بالوظيفة والزواج، إلى أن أصبحن طوع يديه يُنفذن ما يُريده مستولياً على صورهن الخاصة؛ كأداة للابتزاز لتحقيق مآربه الشهوانية المريضة.

ومتى ما أصبح التهديد واقعاً فتنفيذ طلبات المبتز والانكفاء على الذات والصمت المُؤلم لا يجدي، ولا يجب أن يكون ذلك حلاً لأنه بذلك تخسر الضحية نفسها وأموالها، ولا يثني ذلك المبتز عن طلب المزيد والمزيد من التنازلات مما يزيد الأمور تعقيدا فوق تعقيدها.

لا شك أنَّ الوضع جسيم بالنسبة للضحية، وإنما يبقى أفضل الحلول عدم مُجاراة المبتز في ابتزازه ورفض الإذعان لطلباته، وفورًا غلق جميع المسارات التي يُمكن للمبتز النفاذ منها، بما فيها حسابات التواصل الاجتماعي والبريد الإلكتروني والهاتف النَّقال وعدم التواصل معه لأي سبب كان، وإبلاغ الجهات المُختصة لمواجهة هذه الجريمة والتتبع الإلكتروني للمبتز، وإلقاء القبض عليه إذا أمكن ذلك، وإنهاء آثار الابتزاز بسرعة وسرية تامة.