كلية العلوم الشرعية وتطويع التقنية

 

أحمد السلماني

تأثَّر قطاع التعليم -وبكافة مستوياته- في السلطنة بجائحة العصر "كوفيد 19"، حاله حال كافة مفاصل الحياة بالعالم، وبحثت المؤسسات التعليمية عن ملاجئ وحلول لضمان ديمومة برامجها وخططها الدراسية، والحقيقة أن ما حدث فضح وكشف عوار تخلُّف الكثير من هذه المؤسسات وبعض برامج التعليم، بل والبنية التحتية الإلكترونية ومدى حاجتها للتطوير ومواكبة العصر، واستشراف المستقبل لتفادي مثل هكذا أزمات، خاصة في زمن الخطوب وتفشي الأوبئة.

وفي الوقت الذي عانت فيه مؤسسات تعليمية عريقة بالسلطنة وطلابها من الجائحة، كانت كلية العلوم الشرعية في منأى عن كل ذلك؛ فقد استشرفت المستقبل، وعملت من أجل هذه اللحظة؛ من حيث توظيف التقانة لخدمة رسالة التعليم؛ فأطلقت العام 2013 برنامج "التعليم عن بُعد"، والذي استهدف في المقام الأول كلَّ من يرغب في استكمال مشواره التعليمي، أو النهل من العلوم الشرعية؛ بمعنى "الدنيا والدين".. فكل ذلك متاح وأنت في مكانك.

نعم.. ومن أي بُقعة على هذه البسيطة يُمكنك النهل من حزمة البرامج التعليمية التي تقدمها الكلية للفئة غير المتفرغة خاصة الموظفين؛ إذ بإمكانك الالتحاق بأيٍّ من هذه البرامج كالدبلوم في العلوم الشرعية والبكالوريوس في الفقه وأصوله، والبكالوريوس في العلوم الإسلامية، وشهادات الماجيستير في كلٍّ من الدراسات الإسلامية، وأيضا الفقه وأصوله، وهي برامج مُعترف بها ومعتمدة من قبل وزارة التعليم العالي بالسلطنة، هذا عدًّا على أنَّ تكلفة الدراسة بهذه البرامج في المتناول.

وما إنْ يلتحق الطالب بالبرامج حتى يُسدل له في البوابة جدول وطريقة الدراسة والمناهج ومصادر التعلم والفصول أو الحصص الدراسية الافتراضية التي يختارها الطالب منذ بداية الفصل، وفي الوقت الذي يناسبه، ويُدعَّم كل ذلك بالكتب، وإن أرادها مطبوعه فهي متاحة بالمتجر الإلكتروني وستصله عن طريق الشحن، كما أنَّ هناك اختبارات قصيرة، وأخرى بمنتصف الفصل الدراسي ومن ثم النهائية، ويتمُّ إشعار الطالب بأية متغيرات أو أحداث مهمة أولا بأول، وإذا ما التزم الطالب بالبرنامج، فإنَّ مسألة اجتيازه للمقررات المطلوبة سهل ويسير؛ شريطة تمتعه بالحد الأدنى من التعامل مع الحاسوب، وتوافر شبكة إنترنت عالية الجودة، وكلُّ ذلك يُدار بكفاءات علمية وتقنية وفنية اختزلت الكثير والكثير من الخبرات، ويلعب العامل التقني بها الدور الأكبر والأبرز، وما نقلته لكم وأنقله هو من واقع تجربة شخصية دون أن ينقله إليَّ أحد.

أهدافٌ سامية وراقية جدًّا لهذه البرامج التعليمية التي تطلقها الكلية؛ ويأتي في مقدمتها: نشر علوم الدين الصحيحة وشريعته السمحاء، وتناولها من مصادرها الأساسية، كتاب الله عز وجل وسُنة نبيه المرسل -عليه صلوات الله وسلامه- وهمَا الأصل، ويستقى منهما الإجماع، ومن ثم القياس، ومن كافة المذاهب الإسلامية دونما تحيُّز لمذهب أو آخر؛ في ترجمة حقيقية للتسامح الديني الذي تنتهجه البلاد منذ قرون، والذي كفل لمواطنيها والمقيمين عليها تعايشا سلميا فريدا من نوعه.

رسالة لمؤسساتنا التعليمية قاطبة، إنَّ القائمين على هذه التجربة، وبعد كل هذه السنوات، لن يبخلوا عليكم في نقلها واستنساخها، وبما يضمن تطوير وديمومة نظم وبرامج التعليم بالسلطنة، إذ إنَّ التعليم هو رِهَان الناجح لتطوير الأمم وتقدمها.