زافون.. ومتاهات الأرواح!

يوسف عوض العازمي

alzmi1969@

"لا تحاول تغيير العالم، جرِّب أن العالم لا يغيرك كارلوس" - (زافون)

فقد العالم، والقراء بصفة عامة، ومدينة برشلونة بصفة خاصة، أحد أهم الروائيين المعاصرين ألا وهو كارلوس زافون بعد معاناة مع المرض، عن عُمر يناهز الخامسة والخمسين، وقد اشتهر زافون برباعيته الروائية الشهيرة "مقبرة الكتب المنسية"، وهي مكونة من أربع روايات: "ظل الريح"، و"لعبة الملاك"، و"سجين السماء"، و"متاهات الأرواح".. تلك الرباعية التي بِيعت منها آلاف النسخ وهناك من يؤكد أن "ظل الريح" بيع منها أكثر من مليون نسخة.

واشتهرت روايات زافون بالحديث عن مدينة برشلونة الإسبانية، الشهيرة بفريقها الكروي الشهير ونجمه العالمي ليونيل ميسي، وهي ميناء مزدحم يقع على ساحل البحر الأبيض المتوسط؛ حيث وصف شوارعها، أزقتها، أهلها ومعاناتها، لم يترك شيئا عن عاصمة أقليم كتالونيا لم يؤشر عليه أو يضع توقيعه الروائي عليه.

يقول زافون: في بعض الأحيان تتعب الروح من الهرب، العالم صغير لدرجة أنك لا تدري أين تفر بجلدك!

وفي رواية "متاهة الأرواح" يقول: إن الذكريات التي تدفنها في الكتمان هي الذكريات نفسها التي لا تكف عن مطاردتك أبدا!

هو كاتب استند إلى إنسانيته وبساطته فخطف القلوب وأسرها، هذا هو سر انتشاره والاهتمام بما يكتب، كان تلقائيًّا حتى في صمت أوراقه، عندما تقرأ له تشعر وكأن الركن الفاضي من الصفحة يتحدث.. إنها الكلمات النابضة والحرف الصادق.

ابحث اسأل عن عدد الروائيين محليًّا، إقليميًّا وعالميا، ستجد أن البارزين قلة وهذه طبيعة الأحوال، فالغث سمين، خاصة روايات الحشو والعبارات الإنشائية، رواية صعب أن تشعر بصدقها، أو حتى احترام الروائي (إن افترضنا أنه روائي) للقارئ!

دائمًا فيما أكتب، عندما أتطرق للروائيين، لا يمكن تعدِّي ذكر المصري نجيب محفوظ، والتركي أورهان باموق.. لماذا؟ لأنهم انتشروا واشتهروا بمحليتهم، كذلك زافون ليس بعيدا عنهم، فقد نقل أنفاس شوارع برشلونة إلى صفحاته، وأحاديث المساء بين سطوره، وجعل القارئ وكأنه يسير مشيا في شوارع المدينة الساحلية القديمة، هذه هي الصنعة الروائية ألا وهي الأمساك بعقل وقلب القارئ، وإرشاده والجلوس معه ولو تصفحا!

قد يكون الفارق بين محفوظ وباموق من جهة وزافون من جهة أخرى هو جائزة نوبل، ومن يدري فقد يقرر القائمون عليها منحه الجائزة ولو كان في قبره!

في عالمنا هذا توقع غير المتوقع.