"جارديان": ماكرون يقامر بتعديل وزاري لإنقاذ رئاسته المتعثرة

ترجمة - رنا عبدالحكيم

استقالَ إدوارد فيليب رئيس وزراء فرنسا، عقب النتيجة المخيبة للآمال في الانتخابات البلدية التي جرت مُؤخرا، وشرع الرئيس إيمانويل ماكرون في تعديل وزاري عالي المخاطر "لوضع مسار جديد" خلال العامين الباقيين من ولايته الرئاسية.

وفي تقرير نشرته صحيفة "ذا جارديان" البريطانية، عيَّن ماكرون جان كاستكس -البالغ من العمر 55 عامًا- رئيسا جديدا للوزراء، وهو تكنوقراط محترف من يمين الوسط في السياسة الفرنسية، وهو منسق الخروج الناجح لفرنسا من إجراءات العزل الصحي التي اتُّخذت من أجل مكافحة تفشي فيروس كورونا. وكاستكس معروف على نطاق واسع باسم "Monsieur Déconfinement” أو "أستاذ التطهير"، وقال قصر الإليزيه إن كاستكس سيشكل الحكومة الجديدة.

وفي تطوُّر غير ذي صلة، أُعلن أن محكمة فرنسية تتعامل مع ادعاءات سوء السلوك الوزاري وفتحت تحقيقا ضد فيليب ووزراء في الحكومة، ووزيرة الصحة السابقة أجنيس بوزين وخليفتها أوليفييه فيران، حول تعاملهم مع أزمة فيروس كورونا. وقال المدعي العام فرانسوا مولينز إن محكمة القانون في الجمهورية تلقت 90 شكوى، تسع منها ستشكل أساس التحقيق.

وأكدت مصادر في مكتب الرئيس أن المناقشات بين الرئيس ورئيس وزرائه المنتهية ولايته كانت "دافئة وودية"؛ حيث اتفق كلاهما على "الحاجة إلى حكومة جديدة لتجسيد المرحلة التالية، مسار جديد"، بحسب رويترز. وأشاد ماكرون "بالعمل الرائع" الذي قام به فيليب في السنوات الثلاث الماضية. وكان الرئيس -الذي وعد بإصلاحات اقتصادية طموحة، لكنها خرجت عن المسار بسبب أزمة "كوفيد 19"- قد وعد في السابق "بإعادة ابتكار" نفسه ورئاسته في أعقاب الوباء، لكي يتمكن بشكل خاص من مواجهة الركود العميق، الذي يعاني منه، بشكل أفضل.

وقال ماكرون -في مقابلة مع الصحف الإقليمية التي نُشرت في وقت متأخر من يوم الخميس- إن فرنسا يجب أن تستعد لأزمة اقتصادية "صعبة للغاية"؛ لذا يتعين علينا رسم مسار جديد... يعتمد على إعادة البناء الاقتصادي والاجتماعي والبيئي والثقافي. وخلف ذلك، سيكون هناك فريق جديد".

وخلال فترات الأزمة الشديدة، سقط على عاتق فيليب تقديم تفاصيل إستراتيجية فرنسا، بينما رسم ماكرون صورة أكبر. وخلال المؤتمرات الصحفية، حاز أسلوب رئيس الوزراء المُقيَّد والطمأنينة على التأييد؛ إذ أوضح وبرر قواعد الإغلاق الصارمة وسلسلة من الإجراءات الأخرى التي لا تحظى بشعبية.

ونمتْ شعبية فيليب مع تراجع ماكرون. وأظهر استطلاع للرأي أجري الأسبوع الماضي أن 44% من الناخبين لديهم رأي مؤيد للرئيس، مقارنة مع 51% لرئيس وزرائه، وهي قفزة لصالح فيليب بقيمة 13 نقطة منذ بداية الوباء. وأثار ذلك تكهنات بأن ماكرون قد لا يريد رئيس وزراء يسرق الأضواء منه.

وكشفتْ الانتخابات المحلية عن دعم متزايد لحزب الخضر، الذي سيطر على العديد من المدن الفرنسية الكبرى، وأكدت مشاكل ماكرون في التواصل مع المواطنين العاديين. وفشلت حركة LREM في الفوز بمدينة كبيرة واحدة، وحرمت الرئيس من قاعدة قوة محلية قبل عام 2022.

ويقول محللون إن استبدال فيليب يُعد بمثابة مقامرة لماكرون، لكن الإبقاء عليه كان سيشير إلى أن الرئيس ضعيف للغاية لترك رئيس وزراء ذي شعبية، وأن حركة LREM تفتقر إلى الكفاءات القادرة على إجراء إصلاح شامل للحكومة.

وفي حين أن الحاضر لا يزال بحاجة إلى مناشدة الناخبين من يسار الوسط، فإن مارين لوبان من حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف (RN) تميل على نطاق واسع إلى الدخول مرة أخرى في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية في عام 2022. وأظهر استطلاع أجرته مؤسسة (Elabe) أنَّ ماكرون سيتصدر الجولة الأولى من التصويت إذا أجريت انتخابات رئاسية غدًا، حتى لو قدم حزب الخضر والحزب الاشتراكي مرشحًا توافقيا. وفي جولة الإعادة في الجولة الثانية مع لوبان، توقع الاستطلاع أنه سيفوز بنسبة 58.5% مقابل 41.5% للزعيمة اليمينية المتطرفة.

تعليق عبر الفيس بوك