"هيئة التأمينات" تقدم الخدمة لأكثر من نصف مليون مشترك

28 عامًا من امتداد مظلة الحماية التأمينية.. وجهود لدعم تحقيق أهداف "رؤية 2040"

مسقط - الرؤية

28 عاماً على بدء تطبيق نظام التأمينات الاجتماعية الذي يُعنى بالحماية والتكافل الاجتماعي سعت من خلالها الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية لضمان ديمومة أنظمتها التأمينية من أجل حفظ حقوق الأجيال، وقد تطورت الحماية الاجتماعية في السلطنة عبر عدة مراحل مع بداية عصر النهضة الحديثة وصولاً إلى عصر النهضة المتجددة التي يرسي دعائمها حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- وارتباطها الوثيق بالرؤية المستقبلية "عُمان 2040"، وذلك في إطار التوجهات الاستراتيجية الخاصة بالحماية الاجتماعية التي تسهم فيها بشكل مباشر لتدعم تحقيق عدد من الأهداف الاستراتيجية التابعة لأولوية الرفاه والحماية الاجتماعية المرتبطة بمحور الإنسان والمجتمع، ومواءمة رؤيتها لتكون ضمن أفضل مؤسسات التأمين الاجتماعي في العالم أسوة بالتوجه الوطني الهادف إلى أن تكون السلطنة ضمن مصاف الدول المتقدمة.

وتفخر الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية أنها ومنذ تأسيسها قامت بخدمة أكثر من نصف مليون مشترك بكل كفاءة واقتدار، وتشير أحدث الإحصائيات حتى نهاية 2019 إلى أن عدد المؤمن عليهم النشطين المسجلين في جميع أنظمة التأمينات الاجتماعية بلغ 256978 مؤمنا عليه، فيما بلغ عدد المنشآت النشطة 16554 منشأة، وعدد حالات المعاشات المصروفة النشطة 16908 معاشات، ويستفيد من هذه المعاشات 23952 مستحقا.

والمتمعن في مسار الحماية الاجتماعية في السلطنة يلمس تطور مفهوم التكافل الاجتماعي وعلاقته بتطور الإنسان العماني الذي يعتبر الركيزة الأساسية لتنمية المجتمع وازدهاره، لأنه صانع التنمية وهدفها، وصاحب هذا التطور نمواً اقتصادياً برز من خلاله القطاع الخاص الذي ساهم في جذب واستقطاب القدرات الوطنية في شتى المجالات، لذلك كان بروز أهمية الحماية الاجتماعية كقيمة من أهم قيم التضامن المؤثرة في دفع عجلة التنمية في البلاد والمستمدة من الدين الحنيف والحضارة العمانية العريقة والمواثيق الدولية، لتكون ذه الحماية بمثابة صمّام الأمان الذي يبعث الطمأنينة للفرد والأسرة والمجتمع العماني لتشمل حاضره ومستقبله.

ولكونهِ أحد أهم القطاعات التي لها دور فعّال في حياة الفرد والمجتمع باعتباره نظاماً تكافلياً يعزز الحماية الاجتماعية للمشتركين وأفراد أسرهم خلال فترات العمل وفي حالات العجز والشيخوخة والوفاة، شكّل قطاع التأمينات الاجتماعية قيمة مضافة وأصيلة تساهم في دفع محركات التنمية المستدامة، وذلك عن طريق إعادة استثمار الفائض من تلك الاشتراكات في مشروعات البنية الأساسية والمشروعات التنموية التي تعود بالنفع على الاقتصاد الوطني كما أن لهذه الاستثمارات أهدافاً طويلة المدى تسهم في تحقيق عوائد مجزية لسد أي عجز محتمل بين إيرادات ومدفوعات الصندوق من مستحقات.

مواكبة المتغيرات

وبدورها أولت السلطنة التأمينات الاجتماعية اهتماماً كبيراً من خلال تطوير قوانينها لتواكب المتغيرات واحتياجات الحياة الاجتماعية والاقتصادية، بالإضافة إلى تقييم المخاطر المستقبلية والملاءة المالية عبر إجراء الدراسات الاكتوارية لتصبح قادرة على الوفاء بالتزاماتها المالية، لذلك جاءت هذه الأنظمة كدعامة اجتماعية يقوم عليها القطاع الخاص لتصون حقوق أصحاب العمل والعاملين فيه ضمن المخاطر المحتملة والمتحققة، ففي الثاني من يوليو 1991، أنشئت الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية بموجب المرسوم السلطاني رقم (72\91)؛ لتقوم بمهام الحماية التأمينية لفئات المجتمع، الذين تسري عليهم أحكام واشتراطات قانون التأمينات الاجتماعية، وتتمثل هذه الحماية في أربع أنظمة رئيسة وهي نظام التأمينات الاجتماعية على العمانيين العاملين في القطاع الخاص، ونظام التأمينات الاجتماعية على العمانيين العاملين بالخارج ومن في حكمهم، ونظام مد الحماية التأمينية على العمانيين العاملين في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ونظام التأمينات الاجتماعية على العمانيين العاملين لحسابهم الخاص ومن في حكمهم، كما تقوم رؤية الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية على ضمان توفير الحماية الاجتماعية للفرد والأسرة والمجتمع في ظل نظام تأميني قائم على مبادئ العدالة والتكافل الاجتماعي ويتسم بالشمولية والديمومة. وتتمثل رسالتها في تقديم خدمات التأمين الاجتماعي، وتعزيز الشراكة بين الأطراف ذات العلاقة بما يحقق سهولة ومرونة وجودة وملائمة هذه الخدمات لطبيعة واحتياجات المتعاملين منها، وتعزيز مستوى المعرفة بالتأمين الاجتماعي لدى المجتمع من خلال أداء مؤسسي عالي الكفاءة والفاعلية ومواكب للتطورات الاجتماعية والاقتصادية والتقنية في المجتمع، وتعد الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية من المكونات الأساسية لشبكات الأمان الاجتماعي في السلطنة فمنذ بداية النهضة العمانية كان هناك اهتماماً كبيراً بمد مظلة الحماية الاجتماعية وتوفير العيش الكريم للمواطن، وجاءت أنظمة التأمينات الاجتماعية تلبية لمرحلة التوسع في نمو القطاع الخاص وضرورة وجود مظلة حماية توفر الأمان الاجتماعي للعاملين في هذا القطاع بشكل منظم.

قوة ومرونة

وتعتمد أنظمة التأمينات الاجتماعية والتقاعد على قوة تصميمها متسمة بالمرونة لمجابهة مختلف المتغيرات والأزمات في شتى المجالات، لذلك كان بناؤها متدرجاً ومتسقاً مع التطور الاجتماعي والاقتصادي والتحولات السياسية، ولأجل ذلك شهدت التغطية التأمينية تطوراً ملحوظاً من خلال إدخال فئات جديدة بعد أن كانت تشمل العمانيين العاملين في القطاع الخاص داخل السلطنة، حيث توسعت لتشمل العمانيين العاملين خارج السلطنة وبعدها امتدت لتشمل العمانيين العاملين في دول مجلس التعاون الخليجي، ثم العمانيين العاملين لحسابهم الخاص ومن في حكمهم، هذا وقد تطور مستوى الحماية التأمينية فقد بدأ بالتأمين ضد مخاطر الشيخوخة والعجز والوفاة، ثم امتد ليغطي التأمين ضد اصابات العمل والأمراض المهنية، كما شهدت المزايا التأمينية تحسينات مستمرة أبرزها رفع معامل احتساب المعاش التقاعدي ورفع الحد الأدنى للمعاش واحتساب الاشتراكات على الأجر الشامل (الأساسي + العلاوات) ورفع المزايا الخاصة بتعويضات إصابات العمل والأمراض المهنية.

الحفاظ على الاستدامة

وفي إطار الحفاظ على الاستدامة بدأت التأمينات الاجتماعية التوجه نحو مفاهيم الاقتصاد القائم على المعرفة بالتركيز على البحث العلمي والتطوير، كما تتبنى الهيئة خطة استراتيجية ترتكز على خمس محاور أساسية هي (البرنامج التأميني، الأداء الاستثماري، الخدمة المؤسسية، الثقافة التأمينية، بناء القدرات الفنية والإدارية) ويسهم كلاً منها في تحقيق نسبة من الرؤية المستقبلية للهيئة من خلال الوصول إلى النتائج الاستراتيجية المحددة لكل مرتكز أو عمود استراتيجي مراعية في ذلك الالتزام بالقياسات والنتائج المستهدفة لكل هدف استراتيجي، و ترجمة لذلك فإن الهيئة تسعى إلى تحقيق رؤيتها وتعزيز رسالتها وقيمها المؤسسية من خلال توسعة تغطيتها التأمينية لتشمل الفئات غير المشمولة بالحماية التأمينية في المجتمع، وتعزيز كفاءة جهازها الاستثماري حيث تشير مؤشرات قياس الأداء عن تحقيق عوائد استثمارية قاربت الــ 7% خلال العام الماضي، وحصول الهيئة على جائزة أفضل صندوق استثماري ضمن جوائز سوق مسقط للأوراق المالية للإجادة في أعمال الوساطة لعام 2019م حيث خصصت هذه الجائزة تكريماً للجهود ودافعاً ومحفزاً لجميع الشركات المدرجة للعمل بالأنظمة والقواعد المنصوص عليها في قانون سوق رأس المال وتعليمات الإفصاح من أجل الارتقاء بكفاءة وفاعلية السوق وبما يؤمّن العدالة لجميع المتعاملين، حيث تعد التأمينات الاجتماعية أحد أفضل المؤسسات أداءً من ناحية أحجام التداول في سوق مسقط للأوراق المالية، وحتى نهاية 2019م بلغ التوزيع النسبي الجغرافي لاستثمارات الهيئة ( 76.5% ) في الاستثمارات المحلية والخليجية، و(23.5% ) في الاستثمارات الخارجية.

خدمات إلكترونية

وتعمل الهيئة على زيادة الفاعلية والإنتاجية إيماناً منها بأهمية تطوير الأداء المؤسسي والتحسين المستمر للكفاءة التشغيلية للخدمات المرتبطة بميثاق خدمة المتعاملين ومعايير الجودة الشاملة لذا فقد واكبت منظومة خدماتها الإلكترونية المقدمة عبر البوابة الإلكترونية www.pasi.gov.om التطورات التقنية الناشئة بما يحقق سرعة وسهولة استخدامها فضلاً عن مأمونيتها.

ويعد حصول الهيئة وكافة فروعها الإقليمية على شهادة الاعتماد الدولية لنظام إدارة الجودة الآيزو (9001/2015) من قبل المنظمة العالمية للمقاييس إنجازاً يترجم تظافر الجهود وتكاملها بين مختلف التقسيمات الإدارية من أجل تقديم أداء مؤسسي عالي الكفاءة ويحقق الرؤية المستقبلية، كما تمثل الشهادة اعترافاً عالمياً بالتزام الهيئة بتطبيق معايير إدارة الجودة في خدماتها التي تقدمها للمتعاملين من المؤمن عليهم وأصحاب الأعمال، وكفاءة العمل الإداري والخدمي، كما يعتبر مؤشراً حول كفاءة الأنظمة التأمينية المعمول بها بهدف تحسين إجراءات تنفيذ الاختصاصات بما يواكب أنظمة الجودة في المجالات الإدارية والخدمية.

علاقات دولية

واهتمت التأمينات الاجتماعية بتوثيق علاقاتها مع المؤسسات والمنظمات الدولية، ساعية إلى تبادل الخبرات والحصول على أفضل الممارسات المطبقة دولياً، كما أن عضويتها في الجمعية الدولية للضمان الاجتماعي "الإيسا" أكسبتها الكثير من أوجه التعاون مع مؤسسات العالم في القطاع التأميني والاستثماري والتقني، كما تقدمت بمقترح مشروع "دليل قياس التأمين الاجتماعي" ليكون ضمن خطة العمل في اللجنة الفنية للتقاعد بالجمعية الدولية للضمان الاجتماعي (الإيسا) 2020-2022، حيث يسعى مشروع الدليل لقياس مستوى النضج والتقدم في مؤسسات الدول الأعضاء المشرفة على تطبيق مبادئ الحماية الاجتماعية وفقاً لمجموعة من المعايير ذات الصلة بمنظومة الحماية الاجتماعية السليمة وبما يخدم التنافسية من أجل مشاركة جميع الدول الأعضاء فيه وبدوره يوفر الدليل قائمة بأفضل الممارسات المرجعية التي تنتهجها الدول الأعضاء في منظومة الحماية الاجتماعية إلى جانب أنه يوصي بعمل بعض الإجراءات التصحيحية التي من شأنها تعديل مستوى تصنيف الدول وتحسين المنظومة.

وحققت الهيئة عدد من شهادات الاستحقاق والإشادات الدولية والجوائز التي تمنحها الجمعية الدولية للضمان الاجتماعي "الإيسا"، في عدد من المشروعات التي تمثل ممارسة فضلى في مختلف القطاعات التأمينية، ومنها مشروع  جائزة التأمينات الاجتماعية للبحوث العلمية ومشروع استخدم منهجية بطاقة الأداء المتوازن لتكامل الخطة الاستراتيجية للهيئة وإدارة الأداء ومشروع إبرام اتفاقيات الربط مع الجهات ذات العلاقة وتفعيلها، ومشروع وضع نموذج استراتيجي جديد لتوزيع الأصول بالإضافة إلى جائزة في مجال خطة استمرارية الأعمال وإدارة مخاطر الاستثمار، والحلول الموحدة للاتصالات.

الصحة والسلامة المهنية

وعلى صعيد الاهتمام بالصحة والسلامة المهنية وتعزيز مستوى المعرفة بها في المجتمع، فقد شاركت الهيئة في تبني الرؤية "صفر" للمساهمة في إيجاد بيئة عمل آمنة للعاملين في مؤسسات ومنشآت القطاع الخاص المختلفة بما يضمن إنتاجيتهم بشكل أفضل ومستمر، وتعتبر منهجية "الرؤية صفر" نهج انتقالي للوقاية والحماية المهنية أطلقته الجمعية الدولية للضمان الاجتماعي يتضمن الأبعاد الثلاثة: السلامة، الصحة، والرفاهية على جميع مستويات العمل، وهي تسعى إلى توفير سبل الراحة والمكان الصحي الآمن الذي بدوره يعمل على تعزيز العمل والإنتاج في المؤسسة أو المنشأة لمزيد من البذل والعطاء في الإنتاجية والتقدم، وبالتالي تعزيز الاقتصاد المؤسسي والوطني على حد سواء، وعلى صعيد ارتباط الهيئة بخطة التنمية المستدامة لمنظمة الأمم المتحدة، فإن مساهمتها بدت واضحة في عدد من أهداف التنمية المستدامة سواء بشكل مباشر أو غير مباشر منها: القضاء على الفقر، والصحة الجيدة والرفاه، و المساواة بين الجنسين، والعمل اللائق ونمو الاقتصاد.

جائزة التأمينات الاجتماعية للبحوث العلمية

وانطلاقاً من المحور الاستراتيجي (لثقافة التأمين الاجتماعي) الذي يهدف إلى تعزيز مستوى المعرفة بالتأمينات الاجتماعية وأهميتها للفرد والأسرة والمجتمع تقدم الهيئة كل سنتين جائزة الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية للبحوث العلمية لأفضل المشروعات البحثية في مجالات التأمينات الاجتماعية.

تعليق عبر الفيس بوك