ما الذي غيَّر وجه الكرة الأرضية؟!

سلطان بن سليمان العبري

Sultan12444@gmail.com

كان العالم فسيحاً فِضفاضاً على حبيبين " آدم وحواء"، نزلا من السماء فجأة، وكان عليهما التعايش على واقع جديد، ما لبث أن تطور، فاقتضت الحاجة أن تكون هناك احتياجات يومية للبشرية جمعاء. من هنا، ولدت الحاجة لإضافات كثيرة، لكن ما هي الإضافات التي جاءت على شكل اختراعات استفادت منها البشرية جمعاء، وليس شخصاً أو جماعة، وغيرت شكل الحياة برمتها؟!

فكَّرتُ طويلاً بعديد المنافع لكثير من لأشياء، واستقصيت حتى وصلت لقناعات تُوصلنا لرأس النبع وليس تفرعاته، فوجدت أنَّ هذه الابتكارات كانت الشرارة التي غيَّرت شكل الكرة الأرضية والإنسانية جمعاء، حسب رأي شخصي فقط.

المواصلات

بعد الأكل والشرب الذي من الواضح أنه جاء بالهداية الربانية وعن طريق استخدام حاسة التذوق، كان لابد من التنقل هنا وهناك، والغالب أن مرحلة ما بعد المشي قد شهدت استخدام الماشية والحمير والبغال وغيرها، لكن ذلك كان بطيئاً حتى جاءت القوارب من فكرة بسيطة لاحظ على أثرها الإنسان أن الخشب يمكنه أن يطفو في الماء، وبتطور الوقت كان لابد من تطوير القوارب لتصبح سفناً، ما يقرب المسافات، والأكثر قابلية للتصديق أن الفراعنة وأجدادهم وبوجود نهر النيل كانوا الأسبق لاختراع السفن قبل نحو 3000 ق.م، مع ترجيح أن يكون للفينيقين دور لكنه متأخر، ولاحقا جاءت السيارات ومن ثم الطائرات وكل ذلك تحوير لحاجة مهمة وهي التنقل الذي بدأ من السفينة وتطور إلى ما نعرف اليوم.

الكتابة

لا يحتاج منا الأمر كبير تفكير، فأوَّل أهم شيء دعت إليه الضرورات بعدما استوطن الإنسان المكان، وعرف كيف يأكل ويشرب؟ وكيف يأمن شر الطبيعة نفسها؟ كانت الكتابة والتي أدت لنشوء وارتقاء الكرة الأرضية، وبالطبع يمكن التسليم بفروع كثيرة للكتابة كاختراع الطباعة من قبل حنا جوتنبورج اثناء الإجتاح الفرنسي لمصر، ويمكن كتابة مجلدات حول توابع الكتابة ومحصلتها مذ خط سيدنا ادريس بقلمه، وما تلى ذلك من كتابة مسمارية حتى رأينا اليوم آلاف إن لم يكن ملاي اللغات والاشعار وحتى الرسومات التي نتجت عن استخدام القلم والأحبار والألوان وغير ذلك.

الوقت

رَكَن الإنسان للنجوم والكواكب والليل والنهار لمعرفة الوقت حتى جاء الاختراع الفيصل الذي حتَّم تقسيماً بالرياضيات للوقت؛ فكانت الساعة التي بدأت بالرمل، ثم تطورت حتى فقدت قيمتها الشكلية اليوم باختراع الهواتف، وباتت تتناقص من البيوت والأيادي، لكنها كانت كافية لتغيير معايير العالم مع المواقيت التي بات معها المرء يفرق بين اليوم والشهر والعام في البداية، حتى نال الدكتور أحمد زويل شرف إضافة أعشار أو كسور من الثانية فاستحق جائزة نوبل للفيزياء قبل وفاته "الساعة الذرية أدق ساعة تم التوصل إليها، ويصل معدل الخطأ فيها لبضع ثوان في كل ألف عام"، وزويل هو الحفيد الجيني لأجداده المصريين الذين قسَّموا اليوم لقسميْن كل واحد 12 ساعة. وتعتبر المسلات الشمسية أقدم ساعة حيث شيدت نحو 3500 ق.م.

الترقيم

استهلكتْ البشرية وقتاً طويلاً لتنتج لنا الأرقام من واحد إلى 9، ومن الواضح أن التعامل والعد البسيط لها لم يكن يحتاج لأرقام كثيرة في عالم بسيط تعقد لاحقا، فكان إيجاد الرقم "صفر" الذي اكتشفه محمد بن موسى الخوارزمي في نهاية القرن الثامن الميلادي في عهد الخليفة المأمون، بعد أن قام بقراءة كتاب هندي فاكتشف الصفر فأدخله للحساب، وبهذا صارت لدينا متواليات حسابية لا نهائية، سهلت فهمنا لكثير من العلاقات التجارية والاقتصادية... وغيرها.

المال

تجتهد الكرة الأرضية حالياً لاستخدام عملات نقدية إلكترونية، وبدأ تطبيقها فعلًا في بعض محافظات الصين، وهي ومن سبقها كانت ضرورة قصوى في تحديد التعامل التجاري بين البشر، والذي بدأ بالمقايضة "التبادل" أو بطرق بدائية لم تكن دقيقة وعادلة، ويقال تاريخيا إن النقود ظهرت لأول مرة منذ 700 إلى 500 قبل الميلاد، ويقول بعض العلماء إن الليديين بآسيا الصغرى في عهد الملك "كوريسيوس" الليدي (546-561) ق.م هم أول من سك النقود من المعادن المختلفة كالذهب والفضة والأحجار الكريمة، ثم وصلت لجزيرة العرب، ومن هناك انطلقت نحو العالم، وفي العام 960م اخترع الصينون النقود الورقية لتنتشر في باقي دول العالم فيما بعد.

البوصلة

مَنَارة الإسكندرية ظلَّت على الدوام شاهداً على رغبة الإنسان بمعرفة الاتجاهات؛ حيث كان الناس يعتمدون على النجوم والشمس في معرفة الاتجاهات، وأحياناً بسبب العوامل الجوية تتعذر معرفة الاتجاه؛ فكان هذا الاختراع فتحاً عظيماً أثر بعد ذلك في كل مجالات الحياة.

ويعُود شرف اختراع البوصلة للمسلمين العرب، ولم يكُن العرب هم أول من عرف الخاصية المغناطيسية، فقد عرفها الإغريق والصينيون قبلهم، ولكنَّ المسلمين العرب كانوا أول من استفاد من هذه الخاصية في صنع أول بوصلة؛ وذلك بحك الإبرة على المغناطيس، ثم وضعها فوق إناء فيه ماء؛ بحيث تطفو على عودين صغيرين من الخشب، فتتجه الإبرة نحو الشمال.

وقد ظلَّ هذا النوع من البوصلة مستعملاً في السفن العربية التي تمخر عُباب المحيط الهندي من موانئ اليمن وفارس إلى كانتون في الصين، وتلك التي تعبر البحر الأبيض المتوسط.

وفي سنة 1475م، اخترع عالم البحار ابن ماجد أول إبرة جالسة على سِن؛ لكي تتحرك حركة حرة دون الحاجة لوعاء الماء.

الإنارة الكهربائية !

تَسَارُع فترات العمل قضت الحاجة لإنارة، وتلك حاجة زادت بعد أن تغولت الحيوانات على الرعي وحتى على الكهوف والبيوت، فكانت الحاجة لإشعال النار للطبخ والطهو، وكذلك لمعرفة وتعقب ما يحدث في العتمة والليل، ويقال إن الإنسان القديم راقب البرق والرعد والسمك الرعاش والحشرات وحيوانات البحر المضيئة، وتشير نصوص فرعونية يرجع تاريخها إلى 2750 ق.م لأسماك "صاعقة النيل" التي وصفوها بأنها حامية الأسماك الأخرى، وفي العام 1600 قام الطبيب الإنجليزي "ويليام جيلبرت" بدراسة دقيقة حول الكهرباء، مهَّدت الطريق أمام العلماء الآخرين مثل "بنيامين فرانكلين" الذي اضطر لبيع ممتلكاته لتمويل أبحاثه، وفي العام 1800 اخترع "أليساندرو فولتا" أول بطارية كهربائية، ثم توالت الاختراعات حتى وصلنا للكهرباء الحديثة، والتي سرَّعت استخدام البخار في تسيير السفن حركة التواصل العالمي.

ولحق المخترع ورجل الأعمال الأمريكي توماس آديسون (1931-1847) بركب الحضارة بعد أربعة اختراعات تكللت باختراع المصباح المنزلي.

الهاتف

فتح إختراع الهاتف للناس فتحاً مبيناً، حتى بت ترى وتسمع وتتحدث مع من تحب في أي زمان ومكان ناهيك عن تطبيقاته التي باتت تدر دخلا؟ ويُعطى قصب الفضل والسبق لألِكسندر جراهام بيل 1876، وظل هو المخترع حتى سنة 2002 عندما اعترف الكونجرس الأمريكي رسميًّا بأنَّ مُخترع الهاتف الحقيقي هو الإيطالي "أنطونيو ميوتشي"؛ وذلك بعد مرور 113 عاماً على وفاته!

الحاسوب

لم يكن مُمكِنا اختراع الحواسيب قبل تطور علوم كثيرة؛ أهمها: الرياضيات والخوارزميات التي أنجبت أنظمة مثل ويندوز وماكينتوش وألينكس، وكان "تشارلز باباج" أول من صمَّم حاسوباً مبرمجاً بالكامل في 1820، ونظراً لظروف اقتصادية ومشاكل تقنية لم يستطع بناءه في حياته، بدأت ثورة الحواسيب في الثلاثينيات من القرن العشرين فظهرت الحواسيب القوية، ولا يمكن تحديد أول حاسوب بالضبط لأنه تطور تدريجيًّا.

تعليق عبر الفيس بوك