مركز التدريب الإعلامي.. مخاض مرتقب

سعاد بنت سرور البلوشية

حُضُور إعلامي مُتفاوت نشهده في الآونة الأخيرة لمختلف مُستخدمي وسائل الإعلام التقليدية أو الحديثة منها، سواءً أفرادا أو مؤسسات، مع إنتاج كميات عالية من المواد التي تسعى بالدرجة الأولى لتثقيف المتابعين ومواجهة الغزو الفكري والمعلوماتي الذي يهدد كافة المجتمعات؛ فمع انتشار مُختلف التقنيات الرقمية الحديثة باتت الجهود حثيثة لصناعة محتوى إعلامي يرقى لاهتمامات واحتياجات مختلف الأطياف الاجتماعية في المجتمع.

وفيها يشكل المضمون عنصراً ومرتكزاً مهمًّا لوجود صناعة إعلامية ناجحة ومبتكرة، تقوم على سد الفجوة وتقليص المسافة الفاصلة بين واقع الأفراد ومخرجات هذه المؤسسات، بتسخير الابتكار لتطويرها وتحسينها من حيث الجودة والكفاءة، والاستثمار في جميع القدرات الوطنية لتوظيف الأدوات والإمكانات المتاحة في إنتاج مواد إعلامية جاذبة وفعالة في إحداث التأثير والتغيير في الرأي، أو التوجه عبر دعم السلوكيات برسائل إعلامية مدروسة وموزونة، وبالتالي سهولة انتشارها والتفاعل معها.

وحتى نتقدَّم فكريًّا، فإننا بحاجة -إضافة إلى ما هو موجود اليوم- إلى مضامين إعلامية جادة تواكب المستوى التعليمي والثقافي للمتلقي، الذي بات على اطلاع وإلمام تام بمختلف التغيرات والتحديثات التي تتم في المجتمع، والبحث في طرق كيفية الاستفادة من إسهامات الأفراد لاستشراف مستقبل البلد، لتساعدنا على تجاوز الكثير من التحديات التي تقف عائقاً أمام إنتاج إعلامي يرقى لروح العصر الحالي، فإنَّ الحاجة لفتح أبواب مركز التدريب الإعلامي باتت ماسَّة ومستعجلة، بما يتماشى مع التوجهات الحكومية في تحقيق الاستدامة بالانفتاح الثقافي، والدفع بعملية التنمية والتمكين بالاستفادة من العلم والمعرفة التي تتميز بها ثروتنا البشرية، وصولاً إلى مبادرات متجددة ومشاركات إعلامية تعكس دلالات الحياة العامة للمواطنين والمقيمين على هذه الأرض الطيبة.

ومن المتوقع أن يحتضن هذا المركز المرتقب مخاضه، مختلف معدات الإنتاج الرقمي الإعلامي الحديث، مع قدرة عالية على استيعاب مخرجات مؤسسات التعليم العالي للتأهيل والتدريب؛ وبالتالي تعزيز نوعية المضمون في صناعتنا الإعلامية، والاستجابة إلى حاجات المجتمع الحقيقية من خلال عقول أبنائها المبدعين والمبتكرين.

على أنْ يضم المركز بين جنباته خبراء ومتخصصين لإنتاج المعرفة، وعمل الدراسات والبحوث الإعلامية بمنهجية علمية وفق أسس ومعايير منهجيات البحث العلمي، وبما يُحقق الانسجام مع ما يتم تدريسه وتطبيقه بشأن العمل الإعلامي على اختلاف مجالاته، باستحضار التجارب والاستفادة من تراكم الخبرات لدى الكوادر التي انقضت مدة خدمتها في القطاعات الحكومية أو تلك التي أُحيلت للتقاعد، لتتكامل عملية رسم المشهد الإعلامي لمستقبل البلد بمزيج جماعي من إعلاميي مختلف الأجيال، ووفقاً للتطور المأمول به في الوسائل والتقنيات المتعلقة بالعمل الإعلامي.

لعلَّ ما سيتسم به وجود هذا المركز هو توحيد جهود جميع المؤسسات الحكومية والخاصة، وتحقيق التوازن والتكافؤ في الطرح الذي سيضفي الكثير من الجمالية، كما هو فرصة لتزويد المجتمع بمضامين إعلامية متنوعة، وبذائقة معوَّل عليها تحقيق رضا وقبول أكبر بالتركيز على الابتكار وإظهار الجوانب الإبداعية الأكثر أهمية.

وهكذا سنجد للابتكار حضوراً مضاعفاً يتخلله البحث العلمي الذي هو ركيزة من ركائز الوصول إلى العوامل الديموغرافية للمتلقي، والتعرف على ميوله واتجاهاته؛ وبالتالي التسابق على نقل الحقائق بكل مصداقية ووضوح، مع تحديد ملامح توجهات المستقبل، وفق أطر ورؤى وطنية عامة.

تعليق عبر الفيس بوك