معضلة التعليم

د. محمد عدنان الحموري **

** عضو هيئة التدريس بالكلية الحديثة للتجارة والعلوم، قسم الدراسات العليا

يُعد علم إدارة التغيير علماً قائماً بذاته وتحدث عنه الكثير من العُلماء والباحثين وتم تأليف العديد من الكتب عن هذا الموضوع، كما تمَّ نشر العديد من الأبحاث التي تتحدث عن هذا العلم الجديد، وأصبح تخصصاً يُدرس في الجامعات، ويحاضر به المديرون والقادة، ويقوم الكثير من طلاب الدراسات الجامعية العليا بكتابة أطروحاتهم عن هذا العلم مؤخراً، لما له من أهمية بالغة خاصة في ظل عالم متغير بشكل لم يسبق له مثيل على مر العصور بسبب التطور المستمر للتكنولوجيا، وتقسم مقاومة التغيير إلى قسمين مقاومة شرعية ومقاومة غير شرعية، وهناك أسباب لمقاومة التغيير كخسارة مادية أو معنوية "ممكن غير مشروعة"  أو الخوف من المجهول وغيرها الكثير.

ومن جانب آخر شهدت القطاعات المختلفة بدون استثناء تطورات بشكل متفاوت بحسب تأثير التكنولوجيا عليها، لذا سأقوم بتسليط الضوء على قطاع التعليم من خلال خبرتي البسيطة التي لا تتعدى عشر سنوات في هذا القطاع، حيث قامت مؤسسات ووزارات التعليم العالي في جميع أنحاء العالم بالتوجه إلى إدخال تكنولوجيا المعلومات في العملية التعليمية لمواكبة التطورات التي شهدها هذا القطاع بالتحديد، وظهور جامعات تقوم بطرح مواد من الخطة الدراسية على شبكة الإنترنت، لا بل وقامت جامعات بطرح تخصصات كاملة دون الحاجة إلى الحضور إلى الجامعة إطلاقا، ومن تلك الجامعات، جامعات مرموقة عالمياً كجامعة هارفرد وجامعة ستانفورد وجامعة إكسفورد وغيرها الكثير، كما أعلنت جامعة إكسفورد مؤخراً وبسبب جائحة كورونا بأنها ستقوم بتطبيق المحاضرات الإلكترونية إلى نهاية 2021.

ثم انتشرت مواقع تعليمية قوية مثل منصة Courseera  العالمية التي توفر للمتعلم دراسة تقريبا أي شيء أو أي تخصص أو علم على يد أكبر المتخصصين والأكاديميين المرموقين على مستوى العالم، لذا كتوجه عالمي (أثبت جدارته رغم وجود بعض السلبيات) قضت الضرورة والحاجة من قبل وزارات التعليم العربية إلى مواكبة هذا التوجه العالمي، لذا أصدرت الوزارات مشكورة قوانين وتعليمات تلزم بها المؤسسات التعليمية في إدخال تكنولوجيا المعلومات في العملية التعليمية حتى تحذوا حذو الجامعات العالمية في هذا التوجه، وانقسم الأكاديميين في هذا المجال إلى مؤيد ومعارض وكل منهم له وجهة نظره في هذا الموضوع، وأنا أقوم بطرحي هنا ليس لمناقشة وجهة نظر كل منهم، ولكن وجدت شيئاً غريبا جدًا من خلال بحثي عن سبب مقاومة المعارضين لهذا التوجه من الوزارات.

تبين أن أكثر المعارضين لهذا التوجه وأقلهم تطبيقاً لتوجهات الوزارة هم من يقومون بإجراء العشرات من الأبحاث عن تطوير التعليم ومواكبة التطور وكيفية إدارة التغيير وتنصب أبحاثهم بطرح توصيات لمتخذ القرار بدعم البحث العلمي في هذا المجال والاستثمار في مواكبة التطورات التكنولوجية في قطاع التعليم وفي الحقيقة عند العودة إلى القاعات التدريسية يقومون بالعودة إلى استخدام أدوات التدريس البدائية مثل التلقين وتقليب الشرائح، هذا التوجه من قبل الأكاديميين المعارضين علميًا يندرج تحت "مقاومة التغيير غير المشروعة" ويجب أخذ الإجراءات الصارمة بحقهم وعدم السماح لهم بالعبث بمستقبل أبنائنا الطلبة.

إذا أردت مقاومة التغيير في مكان عملك فلا تخلط رجاءً بين المقاومة المشروعة والمقاومة غير المشروعة.

تعليق عبر الفيس بوك