القرار الجديد يهدف للحفاظ على حقوق أصحاب العمل ويحارب التجارة المستترة

إلغاء "شهادة عدم المُمانعة".. تعزيز للتنافسية وتصحيح لأوضاع سوق العمل

 

◄ العلاقة بين صاحب العمل والعامل ترتكز على التشريعات وعقد العمل

◄ اتفاقية "عدم إفشاء المعلومات" تضمن لصاحب العمل الحفاظ على أسرار المؤسسة

◄ انعكاسات سلبية لتطبيق "شهادة عدم الممانعة" على المؤشرات الدولية للسلطنة

◄ "شهادة عدم الممانعة" تعرِّض العامل غير العماني للاستغلال وسوء المعاملة

◄ مؤشر الاستعباد العالمي انتقد السلطنة بسبب "شهادة عدم الممانعة"

 

مسقط - الرؤية

تعزيزًا لجاذبية وتنافسية سوق العمل، وتصحيحًا لأوضاعه، تتَّجه السلطنة إلى إلغاء شرط شهادة عدم الممانعة، والتي كانتْ إلزامية بالنسبة للعامل الذي يرغب في الانتقال للعمل من صاحب عمل إلى آخر، وتعود مرجعية هذا التوجه إلى المبادئ الاقتصادية والاجتماعية التي أوردها النظام الأساسي للدولة، وكذلك في ضوء انضمام السلطنة مؤخرًا للعهد الدولي الخاص بالحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، والذي وافقتْ السلطنة على الانضمام إليه في السابع من أبريل 2020، بموجب المرسوم السلطاني رقم 46/2020.

ومن المؤمل أن يحقق هذا القرار العديد من الإيجابيات لأصحاب الأعمال؛ ومن بينها: اعتماد مبدأ عقود العمل التي ستنظم العلاقات التعاقدية بين أصحاب العمل والعمال، بما يضمن حقوق وواجبات الطرفين، وستتيح مثل تلك التعاقدات جانبا من الحماية لأصحاب العمل لحفظ سرية بياناتهم وبيانات المتعاملين معهم، وكذلك ضمان عدم المنافسة في حال رغب صاحب العمل في ذلك؛ حيث ستكون أبرز إيجابيات تطبيق هذا القرار تعزيز تنافسية العامل العماني، مقارنة بالعامل غير العماني، من خلال خفض فجوة الأجور والحقوق بينهما. إضافة إلى ذلك، فإن القرار سيسهم في تقليل حالات هروب العمالة غير العمانية، خصوصًا تلك التي قد تتعرض لضغوط من قبل أصحاب العمل الذين يتمسكون بحق إصدار شهادة عدم الممانعة، من أجل حرمان العامل من العمل في السلطنة خلال عامين من انتهاء فترة تعاقده مع صاحب العمل.

وسينتج عن القرار تقليل التكاليف والأعباء الإدارية الناتجة عن إجراءات الترحيل وتسوية الأوضاع القانونية. كما من المؤمل أن يدعم هذا القرار جهود السلطنة في مكافحة التجارة المستترة؛ حيث سيقلل من قدرة بعض أصحاب العمل على الاستفادة من الأوضاع المصاحبة لوجود شرط شهادة عدم الممانعة في ممارسة التجارة المستترة. وإضافة إلى ذلك، سينتج عن هذا القرار وجود سوق محلي للكفاءات والمواهب يتمتع بديناميكيات العرض والطلب، كما أنَّ القرار سيحقق للسلطنة أيضا مكانا لائقا أمام المنظمات الدولية المعنية بحقوق العمال والاتجار بالبشر وحرية انتقال العمالة.

 

آليات تطبيق القرار الجديد

من المُتوقَّع أن يُسهِم هذا القرار في دخول مرحلة جديدة من العلاقة بين كلٍّ من صاحب العمل والعامل، قوامها التشريعات والقوانين المنظمة للعمل والإقامة في السلطنة، وكذلك الدور المهم الذي يمكن أن يؤديه وجود عقد العمل الذي يضمن حقوق كلا الطرفين، ويوضح التزامات كلٍّ منهما تجاه الآخر، إضافة إلى كونه المرجع الرئيسي في حال وجود أي خلافات، انطلاقًا من القاعدة القانونية بأنَّ العقد شريعة المتعاقدين. وبذلك يمكن لكلا الطرفين تضمين ما يحفظ لأي من الطرفين حقوقه والتزامات الطرف الآخر تجاهه، إضافة إلى ما ينظم الالتزامات في مرحلة ما بعد التعاقد.

وأقرَّت الجهات المعنية فترة للسماح من أجل إتاحة المجال لأصحاب العمل لتصحيح الأوضاع، عبر إبرام عقود العمل مع كافة العاملين غير العمانيين؛ بحيث تمتد هذه الفترة حتى بداية العام المقبل 2021، كما تسعى الجهات المعنية لإيجاد مسودة لعقد العمل يمكن لأصحاب العمل الاستناد إليها، إضافة إلى إمكانية تضمين أية بنود يرى الطرفان فيها ضمانًا لحقوق والتزامات كليهما.

 

مصالح أصحاب العمل

ووضَعَت الجهات المعنية في اعتبارها ما قد يثير اهتمام أصحاب الأعمال من عوامل مرتبطة بمصالحهم في هذه العملية، وبناءً على ذلك؛ فقد تم تقديم فترة سماح لتطبيق هذا القرار تمتد حتى بداية العام المقبل 2021، أما فيما يتعلق بحقوق سرية المعلومات التي يطلع عليها العامل أثناء فترة التعاقد، فإن الممارسات القانونية تسمح لصاحب العمل إبرام اتفاقية (عدم إفشاء المعلومات) من أجل حفظ أسرار العمل حتى بعد انتقال العامل للعمل لدى أي صاحب عمل آخر. وفيما يتعلق باحتمالات انتقال العامل إلى منافس مباشر فيمكن لصاحب العمل إبرام اتفاقية عدم المنافسة والتي تضمن لصاحب العمل أن لا ينتقل العامل إلى منافس مباشر بعد انتهاء فترة التعاقد بينهما.

وتَضَع السلطنة ضمن أولوياتها خصوصا فيما يتعلق بتحقيق رؤية "عُمان 2040" التقدم في مؤشرات دولية رئيسية من أجل أن تكون "عمان في مصاف الدول المتقدمة". وأثر تطبيق شرط شهادة عدم الممانعة سلبيًّا على مؤشرات دولية مختلفة للسلطنة بما في ذلك مؤشرات تقرير التنافسية العالمي الذي يصدر عن المنتدى الاقتصادي العالمي؛ حيث اعتبر التقرير أن تشريعات سوق العمل تعد أكبر العناصر المؤثرة سلبًا في سهولة ممارسة الأعمال بالسلطنة. وبينت مؤشرات السلطنة في تقارير المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان ومكافحة الاتجار بالبشر والاستعباد، أن وجود شرط شهادة عدم الممانعة يعرض العامل غير العماني إلى الاستغلال وسوء المعاملة، وقد يدفعه للهرب من صاحب العمل نتيجة بعض الممارسات غير الإنسانية التي قد يقوم بها بعض أصحاب العمل؛ كونهم الطرف الأقوى في العلاقة بين الطرفين، وقد ظهر ذلك بشكل واضح في كلٍّ من تقرير منظمة هيومن ريتس ووتش 2018، ومؤشر الاستعباد العالمي 2018. ومن المؤمل أن يُسهم إلغاء شرط شهادة عدم الممانعة بشكل ملحوظ في تحسين مؤشرات السلطنة في التقارير الدولية المتعلقة بالتنافسية الاقتصادية، وسهولة ممارسة الأعمال، وحقوق الإنسان.

 

العهد الدولي

وتعدُّ موافقة السلطنة على انضمامها إلى العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية مرتكزًا رئيسيا في قرار إلغاء شهادة عدم الممانعة؛ حيث أصدر حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- المرسوم السلطاني بالموافقة على انضمام السلطنة إلى هذا العهد في السابع من أبريل 2020. وتنص المادة 6 من العهد على "أن تعترف الدول الأطراف بهذا العهد بالحق في العمل الذي يشمل ما لكل شخص من حق في أن تتاح له إمكانية كسب رزقه بعمل يختاره أو يقبله بحرية، وتقوم باتخاذ التدابير المناسبة لصون هذا الحق". فيما نصت المادة 7 على "أن تعترف الدول الأطراف في هذا العهد بما لكل شخص من حق في التمتع بشروط عمل عادلة ومرضية".

تعليق عبر الفيس بوك