أين التعمين في رؤية "الغرفة"؟

 

 

يوسف بن علي البلوشي

 

كلنا نُؤمن بأنَّ أطراف الإنتاج في السلطنة هي الحكومة والقطاع الخاص والعمالة والتي يجب أن تتكامل معها كل متطلبات تهيئة المناخ الملائم لأن ينشط الجانب الاقتصادي ويُعزز من الدور التنموي الملقى على عاتق كل قطاع.

لكن أن نرى حقاً الدور الذي تقف عنده غرفة تجارة وصناعة عُمان في استحياء أو في دور ضئيل جداً مقارنة مع بقية قطاعات الإنتاج في تمكين الشباب العُماني وتعمين مهن ووظائف القطاع الخاص في المُقابل نجدها تعمل بكل طاقاتها وإمكانياتها وتمارس أشد الضغوط على الجهات المُختصة، عندما تحظر مهنة من المهن التي تكون مليئة بالعمالة الوافدة ولا يهدأ لها بال عندما تحظر أي مهنة، وتزيد في الضغط حتى يتم رفع الحظر عن أي مهنة.

في المُقابل تقوم بدور لايكاد يرى أو يكون ملموساً بل في وجل مريب من أجل تمكين الشباب العُماني من العمل في القطاع الخاص أو تلزمه أو تقوم بدفع الضرر عنه في هذا الصدد، حتى في المهن التي يتوفر بها الكثير من الباحثين عن عمل، رغم إدراكها لذلك وهو الذي يبعث الدهشة والاستغراب، لهذه الممارسات التي تتنافى مع الواجبات والأهداف المرجوة منها .

ويفترض أن تكون الغرفة أكثر حرصًا وصرامة في تطبيق مبدأ المساواة في التعامل في ذلك مع كل الأطراف، ولا تنقاد إلى مصالح ضيقة لا تتجاوز مصالح البعض أو طرف من العمالة الوافدة وبعض الشركات والتي يكون منها المستترة أحيانا.

إنَّ المتابع للأوضاع الراهنة وقبلها لم نلحظ أي دعوة من بيت التجار لأهمية تعمين أو إحلال وظيفة أو مهنة في الشركات، أو تقدم دراسة أو توصية للحكومة بأنَّ هذه المهنة يمكن أن يعمل فيها أبناؤنا في هذه المرحلة التي يتكدس فيها الباحثون عن عمل، غير آبهة بما يمكن أن تؤول إليه الأوضاع إذا لم تتكامل الجهود من أجل إيجاد حلول متكاملة من كل الجهات.

وإذا لم يُبادر القطاع الخاص بنفسه في إطلاق مبادرات كهذه بأن العمالة الوافدة أدت الذي عليها، وحان الوقت لتمكين الشباب الذين لا يقلون كفاءة وقدرة عن الوافدين في الكثير من المهن والوظائف. بل وتدفع عن نفسها أن يطلق عليها أحدهم أنها تستبسل عن الوافدين أو دورها مدافع عنهم.

ندرك تمامًا أنها تمثل القطاع الخاص في الكثير من اللجان المشكلة في المؤسسات بحكم إشراك الحكومة لها ولكن يجب أن يكون لها صوت وتقوم بعمل دراسات وتوصيات كبيرة تدفع بتوصيات الحكومة التي تنادي بتعمين الوظائف وتتعب في إيجاد سبل استقرار العمل لدى فئات الشباب وهي مفارقة غريبة غير متساوية الميزان والقوى كمؤسسة وطنية أيضاً يجب أن تدفع بنقاء مناخ العمل المؤسسي في القطاع الخاص وإحلال العمالة الوطنية في كثير من المهن لما ينعكس على دورها ومسؤولياتها الوطنية في كل الظروف.

إن تمثيل القطاع الخاص من جانب الغرفة لا يعني إطلاقًا الاستجابة لمطالب الشركات لاسيما المستترة منها والتي يعرفها أرباب العمل، ولا يمكن أن تظل هذه الأصوات بعيدة عن طلب إحلال المواطنين للأبد في المؤسسات، ولا ينبغي لها أصلاً أن تقوم بدور المحامي في أضيق الظروف، ضد أي توجه تسعى له الحكومة في إحلال أبناء الوطن محل العمالة الأجنبية.

يجب أن تغير الغرفة المفهوم السائد لدى التجار من خلال استبسال بعضهم لبقاء العمالة الأجنبية غير المرغوب فيها أو التي يستطيع أن يقوم بأعمالها العماني بل ويجب أن يكون للغرفة رأي حكيم في هذا الشأن الوطني، خاصة وأن عدم المطالبة بهذا الإحلال سيقودنا إلى آثار اقتصادية مستقبلية في غنى عنها الوطن.

ليس هناك سبيل للتعاطي الأعمى مع القطاع الخاص في إحلال المواطنين من جانب الغرفة من الآن وصاعدا إذا كانت ترنو إلى المصلحة العامة، بل إنَّ غرفة تجارة وصناعة عُمان يجب أن تأخذ مسار الإحلال على عاتقها وتقدم حلولاً للحكومة في توطين الوظائف والمهن، باعتبارها أكثر دراية من غيرها ولديها تجارب وعن قرب لما يجب أن يكون، ولا تترك هذه المهام الوطنية، وتقف مع الحكومة في صد وحظر بعض المهن التي يخالف أرباب أعمالها التوجه الوطني.

في اعتقادي أنَّ الغرفة يجب أن تعطي قدرا أكبر في التعاطي مع ملف التعمين والإحلال وحظر المهن لا تكون بوقا للشركات وأرباب العمل، رغم أنها تدري معطيات الواقع وأهمية المرحلة بكل تداعياتها وأن تعلم بأن تمكين الشباب هو الاستثمار الأمثل والحل للجميع ولايمكن المجازفة أكثر مما قدمت الدولة والمجتمع طوال خمسين عاماً وقد يقول البعض إنها موجودة في لجان التعمين وهذا لاشك فيه ولكن يجب أن يكون دورها مفصلياً ويعين الحكومية على الإحلال.

إن الغرفة يجب أن تكون أكثر واقعية عندما تدفع بأي أمر‏، حتى لا يؤخذ عليها أنها تمثل الوافدين وتحافظ على بقائهم في الشركات الوطنية، وأن تكون أكثر حرصاً على المواطنين من غيرهم باعتبارهم أبناءها وأبناء مجتمعها الذين يعيش أرباب العمل بينهم.

وهي رسالة صادقة وإن كانت صعبة في بداياتها إلا أنها ستنعكس إيجاباً على أفراد المجتمع وتعين الحكومة وهي رسالة صادقة يجب أن تدرسها الغرفة بكل لجانها ومجالسها وتعمل عليها حتى يلمس المجتمع ذلك.