ترامب يدفع الولايات المتحدة إلى الهاوية ويقترب من "التحريض على حرب أهلية"

ترجمة - رنا عبدالحكيم

انتقدَ مقالٌ بصحيفة "نيويورك تايمز" طريقة تعامل إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع الاحتجاجات التي تفجَّرت بعد مقتل مواطن أمريكي من أصل إفريقي على يد رجال الشرطة، في تجدُّد لعنف الشرطة الأمريكية.

وقال بول كروجمان -في مقالته- إنَّ وفاة جورج فلويد على يد أحد ضباط شرطة مينيابوليس تسببت في اندلاع مظاهرات غاضبة ضد وحشية الشرطة، لكنها قوبلت بمزيد من وحشية الشرطة -بما في ذلك العنف غير المسبوق ضد وسائل الإعلام- مشيرا إلى أن هذه الوحشية عكست ما صرح به بوب كرول رئيس اتحاد شرطة مينيابوليس عندما شكر ترامب على دوره في إنهاء "قمع الشرطة" الذي كان يقوم به الرئيس السابق باراك أوباما، ممتدحا ترامب لأنه ترك  الشرطة "تضع الأصفاد على المجرمين بدلاً منا (أي أفراد الشرطة)".

واتهم كاتب المقال ترامب بأنه لم يسع إلى تهدئة الشعب الأمريكي، بل أخذ يسكب البنزين على النار، وبدا أنه قريب جدًا من محاولة التحريض على حرب أهلية، كما أنه ليس من المبالغة القول إن أمريكا على حافة الهاوية.

لكن كيف وصلت أمريكا لهذه المرحلة؟

يُجيب كاتب المقال قائلا: إن أزمة السياسة الأمريكية على مدى العقود الأربعة الماضية هي أن النخب الثرية أجَّجت العنصرية البيضاء لكسب السلطة السياسية، والتي استخدموها لمتابعة السياسات التي أثرت الأغنياء بالفعل على حساب العمال. وحتى صعود ترامب كان من الممكن -بالكاد- للجميع أن ينكر هذا الواقع، لكن في هذه المرحلة، يتطلب الأمر أن يكون المرء أعمى حتى لا يرى ما يحدث.

ويقول الكاتب في مقاله: "ما زلت أرى تقارير إخبارية عرضية تصف ترامب بأنه "شعبوي"، لكن السياسات الاقتصادية لترامب كانت عكس الشعبوية: لقد تركزت إلى حد كبير على جهد ناجح للتغلب على التخفيضات الضريبية الضخمة للشركات والأغنياء، ومحاولة فاشلة حتى الآن لإبعاد التأمين الصحي عن الفقراء والعمل.

ولم تنجح الحروب التجارية في عودة الوظائف الجيدة، وحتى قبل أن ينتشر الفيروس التاجي، فشل ترامب في تحقيق نمو كبير في التوظيف في تعدين الفحم أو التصنيع. وتكبد المزارعون، الذين دعموا ترامب بهامش كبير في عام 2016، خسائر فادحة بسبب حروبه التجارية.

إذن، ما الذي قدمه ترامب للطبقة العاملة البيضاء التي تشكل معظم قاعدته؟ في الأساس، قدم تأكيدًا وتغطية للعداء العنصري. وليس هناك دليل أوضح من ذلك في علاقته بالشرطة.

وإذا كانت المصلحة الذاتية الاقتصادية هي الشيء الوحيد الذي يحرك التوجه السياسي، فستتوقع من ضباط الشرطة تفضيل الديمقراطيين، فهم، رغم كل شيء، موظفون في القطاع العام نقابيون، والجمهوريون مناهضون للنقابات وللحكومة.

والواقع أن المساهمات السياسية التي تقدمها نقابات القطاع العام لصالح الديمقراطيين بأغلبية ساحقة. وبينما صوت العديد من رجال الإطفاء لصالح ترامب في عام 2016، أيدت أكبر نقابات رجال الإطفاء المرشح جو بايدن.

لكن العديد من ضباط الشرطة ونقاباتهم يظلون مؤيدين قويين لترامب، وكانوا واضحين تمامًا حول السبب؛ إذ إنهم يشعرون أن ترامب سوف يدعمهم.

وفي مكالمة مع المحافظين، لم يُبد أي علامة على الاعتراف إما أنه قد يكون هناك بعض التبرير للاحتجاجات واسعة النطاق، أو أنه يجب أن يلعب دورا في توحيد الأمة. وبدلاً من ذلك، أخبر المحافظين أن كل أعمال العنف تأتي من "اليسار الراديكالي"، وأصر على أنه يجب على حكام الولايات أن يصبحوا أكثر صرامة، قائلا: "يجب أن تفرض سيطرتك... عليك القبض على الناس ومحاكمتهم".

وقال ترامب -الذي أخفي في مخبأ تحت الأرض عندما بدأ المتظاهرون في الاحتشاد أمام البيت الأبيض- لحكام الولايات إن "معظمكم ضعيف".

وأمضى الجمهوريون عقودًا في استغلال العداء العنصري للفوز بالانتخابات على الرغم من أجندتهم السياسية التي تضر بالعمال، لكن ترامب يدفع الآن هذه الإستراتيجية الساخرة تجاه نوع من "التأليه".

وإذا كان ترامب يشجع العنف ويتحدث عن حلول عسكرية للاحتجاجات السلمية بشكل ساحق، فماذا سيفعل هو وأنصاره إذا كان من المحتمل أن يخسر انتخابات نوفمبر؟

تعليق عبر الفيس بوك