التطوير ومشاريع الاستثمار الواعدة

 

عبدالله بن علي النبري

الحاجة تدعُو الجهات الحكومية للأخذ بزمام المبادرة من بعض المشاريع المختارة والصانعة للمال، وذلك بقيادة واستنهاض إمكانيات وقدرات وهمم القطاع الخاص ورجال الأعمال والمستثمرين المحليين والأجانب، بطرح تخطيطات بين حين وآخر لمشاريع في إقامة المدن العمرانية والسياحية والترفيهية المتكاملة، والمشاركة في مشاريع النفط والغاز وفرص استخراج المعادن، وتطوير التجارة والصناعة، واستنهاض مشاريع الزراعة والثروات الحيوانية والسمكية، واللوجستية والخدمات، والنقل الجوي تركيزا على العابر، والبحري للتصدير والاستيراد، بالاستفادة من إمكانيات الشركة العمانية للنقل البحري، واستغلال وتطوير بعض الموانئ القائمة كميناء خصب وشناص وصحار والسويق وبركاء وصور وريسوت للتصدير والاستيراد المتوسط، باستخدام السفن متوسطة الحجم إلى ومن البلدان المطلة على سواحل البلاد؛ وذلك لخدمة تصدير المنتجات العمانية، وبالمقابل استيراد الاحتياجات الضرورية والاستهلاكية كالمواد الغذائية لحين تحقيق الاكتفاء الذاتي.

وكذلك الحاجة لإعادة هيكلة ومراجعة أعمال الشركات الحكومية، وتطوير نظم وأساليب عملها وأدائها، وتقليص أعدادها وإنفاقها، ودفعها في اتجاه الاشتراك في مشاريع استثمارية جديدة، مُقترحين بتواضع فيما يأتي بعض الأفكار لإعادة هيكلتها وتوجيه مسارات أعمالها، إذا ما أريد لها أن تتغير لمجارات العمل والأداء، ولتستمر وتحقق نتائج إيجابية.

هذا إلى جانب استعراض الشريحة التالية من المشاريع المقترحة، والتي نعتقد أنها واعدة للشركات الحكومية والشركات المساهمة القائمة والجديدة، واستثمار إمكانيات وقدرات القطاع الخاص ورجال الأعمال والمستثمرين؛ بدراسة فرص إقامتها كلها أو بعضها تدريجيا مع الوقت:

- ضرورة مراجعة أعداد وهياكل وأنشطة الشركات الحكومية مجتمعة وفردية التي تحقق نتائج إيجابية، ودراسة ما يستوجب ويتلاءم بدمجها، يضاف لذلك دمج الأنشطة المتقاربة للشركات الأخرى التي تحقق نتائج أقل وذلك  بتقليص أعدادها وتطوير أساليب ونظم عملها، ورفع كفاءتها وأدائها، وتقليل تكاليفها، ومراقبة وترشيد إنفاقها لتحقيق نتائج أفضل، واستيعاب أنشطة الشركات التي تحقق خسائر قي الشركات التي تحقق أرباحًا، وإنهاء وجودها لوقف الخسائر وتطوير الشركات التي لا تحقق نتائج لكنها لا تسجل خسائر، بتغيير هياكلها وتطوير إداراتها وأدائها لتقليل تكاليفها ودفعها باتجاه تحقيق نتائج إيجابية والاستمرار في توفير فرص العمل كضرورة لأبنائنا العُمانيين، وإنشاء شركات جديدة بمشاركة الصناديق السيادية (التي هي الأخرى بحاجة لإجراء مراجعة شاملة لعملها وأدائها ومراقبة ما تقوم به لوقف خسارة المال العام وهفوات الاستثمار)، وصناديق التقاعد والشركات المساهمة وشركات القطاع الخاص والمواطنين، على أساس تطبيق المبدأ التجاري الاقتراض للاستثمار لا الاعتماد على أموال الخزانة بمنع الرجوع إليها.

- الحاجة تدعو لتنمية وتطوير شركة الطيران العماني والشركات الحكومية الأخرى، وإن كانت تسجل خسائر باعتبارها الناقل الوطني وتشكل عنصراً مهمًّا للتنمية السياحية، مع الحاجة لمراجعة أعمالها وعمالهأأعمالها أدائها وتقييم مصروفاتها لتحجيمها؛ مثال: توظيف أجانب بلغة محدودة وبدون خبرة في المهنة براتب وعلاوات وتذاكر سفر وسكن ومعيشة ونقل ورعاية صحية وتدريب لشهر قبل مباشرة العمل. والسؤال: أليس المطلوب الجاهز موجوداً في سوق التوظيف الأجنبي أو توظيف العمانيين وتهيئتهم في ظل الأعداد الكبيرة منهم، وتدريبهم بتكاليف أقل؟! وهناك العديد من المراجعات الواجبة تشمل القائمين على الإدارة التنفيذية ومجالس الإدارات والبحث في الخيارات، والتركيز على أسواق الطيران المنتجة، ووقف غير المنتجة منها، والسيطرة على ومراقبة أساليب الإنفاق الذي يمكن تفاديه والتقليل منه.

- تشمل المراجعة هياكل وإعادة تشكيل مجالس إدارات مجموعات الشركات الحكومية وتطوير مستويات عملها وأدائها، بإشراك أعضاء من خارج الحكومة يكونون على خبرة وكفاءة، ويتمتعون بالنزاهة وبممارسات النشاط التجاري لتعزيز دور وتحسين أداء هذه الشركات، وإنهاء مجالس إدارات الشركات الفردية كيفما وكلما ومتى ما كان ذلك ممكناً، واستبدال ذلك بمديرين منتدبين يتمتعون بالخبرة والكفاءة والنزاهة، وأن يكونوا أصحاب قرار تحت إشراف ورقابة مجالس إدارات المجموعات، وكذلك تقييم إدارات هذه الشركات وإنفاقها وتكاليفها ومراقبة أعمالها وأدائها، مع وقف امتيازات موظفي الحكومة في مجالس الإدارات أيًّا كانت، عدا مُخصَّصات السفر؛ وذلك على أساس مبدأ عدم جواز الجمع بين الراتب والامتيازات، وأنَّ من يزاول عملاً في شركة حكومية يكون قد أوقف عمله في الوظيفة الحكومية في نفس الوقت.

- يجب إعطاء الفرصة للاستثمار في مشاريع النفط والغاز القائمة والجديدة، الصغيرة والكبيرة، وتلك المشتقة والمنبعثة منها والمكملة لها؛ وذلك للمشاركة في بناء هذا القطاع وتلبية احتياجاته من المواد بتشجيع ودعم تصنيعها كلها أو بعضها محليا و/ أو استيرادها منافسة للشركات الأجنبية التي تعمل فيه وتكلف الدولة مبالغ باهظة، ولإفادة رأس المال العماني والخزانة، والشيء نفسه بمعانيه ينطبق على مراجعة نظم وأساليب الإدارة وأعمال وأداء ورواتب ومخصصات وامتيازات وتكاليف شركة تنمية نفط عمان.

وقيام الجهات الحكومية ذات العلاقة مجتمعة بأخذ زمام المبادرة بالعمل مع المكاتب الاستشارية لوضع خيارات مخططات لمشاريع مدن عمرانية وسياحية متكاملة على غرار مشروع "الموج مسقط" في مواقع جاذبة على السواحل والداخل، وتسويقها للشركات المساهمة لتطويرها بخيارات البيع قطع الأرض بأسعار تغطي تكلفة توفير الخدمات وبالبناء والبيع للمواطنين والخليجيين والأجانب؛ إذ نعتقد أن مشاريع كهذه يمكن أن تخلق فرصا لإقامة مدن بتوفير أراضٍ بمتطلباتها من الخدمات وتخلق حركة للمال وتدويره محليا وليرفد الخزانة.

وفي ذلك، نقترح تالياً بعض الخيارات لمشاريع سياحية نموذجية نرى أنها بإقامتها يُمكن أن تخلق جذباً للاستثمار، واستقطاباً للمال، وفرصاً للتنمية العمرانية والسياحية المحلية والخارجية:

ولغرض وضرورة استرداد ما أنفق من مال عام لغير عائد بل لأغراض ترفيهية وخفض الإنفاق الجاري على التشغيل، نقترح: (1) إقامة مشروع سياحي متكامل على شاطئ العذيبة الممتد جنوب وشمال الموج وضم مباني الأندية له، (2) مشروع ميناء السلطان قابوس وضم الشطيفي له ليصبح مشروعا لمدينة سياحية متكاملة والجاهز مخططه العام، (3) مشروع يتي العُمراني والسياحي للبيع والتملك والجاهز مخططه العام، (4) مشروعات عمرانية وسياحية على امتداد شواطئ ولاية قريات وصور والشرقية وربما الوسطى مستقبلا، (5) مشروع رأس الحد العمراني/ السياحي للبيع والتملك والجاهز مخططه العام، (6) إقامة مشاريع عمرانية/ سياحية متكاملة على امتداد سواحل ومسطحات ملائمة وجاذبة سياحيا على امتداد سواحل الباطنة والداخلية ورمال وهيبه وظفار.

إضافة لقيام وزارة السياحة والمنشآت السياحية بتقوية وتركيز العمل مع شركات التسويق والسفر المحلية والإقليمية والعالمية، ومن خلال الحضور والمشاركة في مؤتمرات ومعارض السفر العالمية، لتقوية الإقبال على السلطنة بموقعها ومقوماتها، وكذا ضرورة العمل مع الجهات المعنية وذات العلاقة على تذليل عديد العقبات والمعوقات الحالية النابع بعضها عن فهم وتصرُّف فردي، وبعضها الآخر عن أي نظام وتشجيع سياحي تعاني منه المنشآت السياحية بتطوير وتسهيل الإجراءات الطويلة، بما يفضي إلى تحويل مسؤولية كل التراخيص المرتبطة والمتعلقة بالمنشآت السياحية بما فيها تراخيص الرقابة على عمل المنشآت لوزارة السياحة؛ باعتبارها الجهة المعنية بأمور تنمية وتطوير السياحة؛ وذلك لتوحيد الإجراءات وسرعة تنفيذها.

- العمل على إنشاء شركات مساهمة للاستثمار في:

1- المشاريع الزراعية بالمساحات الكبيرة والأساليب الحديثة أينما توافرت المياه؛ مثال: مزرعة السويق.

2- المشاريع الكبيرة للثروة الحيوانية المتخصصة، وتصنيع المنتجات المشتقة منها وبالأساليب الحديثة؛ مثال: ما أقيم مؤخراً في ثمريت.

3- تنمية وتطوير الثروة الحيوانية للمواطنين لتلبية احتياجات السوق المحلي وتقليل الاعتماد على الاستيراد.

4- الاستثمار في سفن صيد الأسماك الكبيرة والمجهَّزة لصيد وتجميد وتعليب الأسماك في أعماق المياه الاقتصادية لبحر عمان وبحر العرب والمحيط الهندي المطل على عمان؛ وذلك للاستهلاك المحلي والتصدير.

5- تحريك مشاريع الاستزراع السمكي، وبالأخص سمك الرُّوبيان والشارخة وغيرها من الأسماك ذات القيمة الغذائية والعائد العالي والإقبال العالمي.

6- تنمية الصيد التقليدي في الولايات الساحلية بتطوير قوارب وأدوات وأساليب الصيد القاعية والسطحية للمواطنين، والتركيز على تطوير ما يقوم به بعض المواطنين من استخدام قوارب أكبر حجماً وسعة لتسمح بصيد أسماك السطح كالتونة في بعض الأعماق.

7- إقامة أرياف تجمع الأسماك القاعية في المياه الإقليمية على سواحل محافظات الباطنة ومسقط والشرقية.

- تغيير تركيبة النشاط التجاري الذي يعتمد في معظمه على الوافدين: وذلك من خلال:

* توسيع وتنويع وتطوير ودعم شركات المواطنين التي تقام وتدار من قبلهم وتعتمد في تشغيلها الكامل عليهم؛ وذلك بالتحفيز بتخفيض الرسوم وتسهيل آليات العمل ومراقبة العمالة الوافدة، والحد من نفوذهم ومنافستهم بوضع العراقيل أمام الشركات العمانية.

* التوسُّع في إقامة وتنمية ودعم الشركات الصغيرة والمتوسطة، وتنويع وتطوير منتجاتها، وسن النظم لتشجيع استخدامها محليًّا، ودعم تطبيق ذلك في المناقصات الحكومية للتقليل من الاستيراد.

* التوسُّع في إنشاء الشركات التجارية والصناعية واستقطاب الاستثمار في الصناعات الثقيلة ضمن التخطيط الإستراتيجي والخطط التنفيذية له مستقبلا.

* التركيز على استخدام المنتج المحلي وتوسيع ودعم تسويق وتطوير تصديره.

* الاستيراد المباشر لتلبية احتياجات السوق بدلا من الاستيراد البري.

* تحريك جهات البحث المتخصص للبحث في مدى الاستفادة من تجميع قدرات وإمكانيات الأعداد الكبيرة من العمانيين بمختلف مستوياتهم الذين أُحِيلوا للتقاعد بالتفرغ لتشكيل كيانات من الشركات الصغيرة والمتوسطة الجديدة، مُستغلين مؤهلاتهم وخبراتهم والتفرغ ما بعد الوظيفة لإيجاد مصادر جديدة لدخلهم، ولخلق فرص العمل لهم ومعهم إخوانهم العمانيون والبناء على ذلك مستقبلا.

تعليق عبر الفيس بوك