3 مؤلفين يطرحون في الكتاب مستقبل الهيمنة الصينية على الاقتصاد العالمي

"طريق واحد.. أحلام عدة".. خطة الصين الجريئة لإعادة تشكيل الاقتصاد العالمي

 

 

 

 

◄ مؤلفو الكتاب: المبادرة فريدة من نوعها ولا يمكن اعتبارها أحد أوجه الحرب الباردة

◄ الصين في موقع استراتيجي لمواجهة العاصفة الاقتصادية بمرحلة "ما بعد كورونا"

◄ الصين قادرة على التعافي من آثار الوباء.. وأمريكا ستواجه تداعيات مشؤومة

 

 

ترجمة- رنا عبدالحكيم

يسلط كتاب "طريق واحد.. أحلام عدة" الضوء على خطة الصين الجريئة لإعادة تشكيل الاقتصاد العالمي، عبر مبادرتها الطموحة "الحزام والطريق"، والتي تستهدف نشر التنمية في عدد من دول العالم عبر دبلوماسية ناعمة تدعمها قروض ميسرة.

وشارك في تأليف الكتاب دانييل دراش الأستاذ الفخري للعلوم السياسية بجامعة يورك وكبير الباحثين في مركز روبارتس للدراسات الكندية، وآدم ت. كينجسميث مرشح دكتوراه يورك في العلوم السياسية، ودوان تشي الأستاذ المساعد في جامعة بايهانج وأستاذ زائر سابق في جامعة يورك الأمريكية.

وفي عالم ما بعد "كوفيد-19"، يسلط الكتاب الضوء على كيفية احتساب الصين لتكاليف الأزمة، ومكافحتها من أجل العودة إلى المسار الصحيح.

ويطرح الكتاب تساؤلا مهما: هل ستواصل الصين تنفيذ مبادرة الحزام والطريق في عالم ما بعد كوفيد-19؟ الإجابة يقدمها مؤلفو الكتاب حيث يعتقدون أن ذلك من المحتمل حدوثه.

ويوجز الكتاب تفاصيل مبادرة "الحزام والطريق" التي أُطلقت في عام 2013 باسم "طريق الحرير الجديد" وطرحها الرئيس الصيني شي جين بينغ، ثم أعيدت تسميته باسم "حزام واحد.. طريق واحد"، ويشار إليها باسم مبادرة الحزام والطريق (BRI). وتهدف هذه المبادرة في جوهرها إلى إنشاء شبكة واسعة من مشاريع البنية التحتية الممتدة من الصين إلى جميع أنحاء آسيا وجنوب آسيا وإفريقيا.

وفي حين أنّ الكتاب تم تأليفه قبل تفشي جائحة كوفيد-19، فإنّه يرسم صورة لاقتصاد صاعد بجيوب عميقة، ومرونة مؤسسية لا ينبغي الاستهانة بها. ومع تفشي الوباء، تعثرت خطة الصين الجريئة لإعادة تشكيل الاقتصاد العالمي وأصبحت متأخرة في الوقت الحالي.

واستراتيجية "الحزام والطريق" جزء لا يتجزأ من نهج الصين الفريد تجاه البنية التحتية العالمية وخطة "دبلوماسية الديون" التي تمّ تطويرها وتنفيذها بشكل جيد.

وفي إطار استراتيجيتها الجريئة "حزام واحد.. طريق واحد"، تخطط الصين لاستثمار أكثر من 4 تريليونات دولار في مئات المشاريع في جميع أنحاء العالم، دون معرفة حجم التكلفة النهائية. وتقوم الصين بشراء الموانئ، وبناء شبكات النقل وبناء البنية التحتية الرئيسية.

ويقول دراش المؤلف الرئيسي للكتاب، إنّه في مختلف القطاعات من مصانع الطاقة الكهرومائية إلى خطوط أنابيب النفط، تعمل الصين على توريد العمالة والمواد الخام والتمويل، واستقطاب عملاء وتعزيز اقتصادها الخاص في هذه العملية، وذلك بهدف تغيير النظام العالمي الاقتصادي والسياسي الحالي شيئاً فشيئاً.

ويقول دراش إنّ "مبادرة حزام واحد وطريق واحد تمتد إلى جميع القارات باستثناء أمريكا الشمالية". وأضاف "إنّه مشروع ضخم، وقد استحوذت الصين على موانئ رئيسية في أفريقيا (جيبوتي) وأوروبا (بيريوس) وأستراليا (داروين)، كما إنّها تبني ميناء حيفا (إسرائيل)، ولبكين حضور كبير جدا في أمريكا اللاتينية. ويشرح دراش أنّ "حزام واحد.. طريق واحد" تستمد جذورها من تاريخ الصين الطويل في التفكير الواسع، والصورة الكبيرة. وأضاف "في القرن الثاني الميلادي، تم إنشاء طريق الحرير خلال عهد أسرة هان، وربط طرق تجارة الأراضي والمياه الممتدة من الصين إلى الهند وبلاد فارس وتركيا وما وراءها، وكانت القوافل تغادر شرق الصين محملة بالحرير والتوابل والبارود والأسلحة واليشم والأواني الزجاجية وغيرها من المواد الفاخرة، والتي كانت مطلوبة بشدة في الغرب".

ويعزى الفضل في طريق الحرير- الذي استمر حتى القرن الثامن عشر- إلى التقدم السريع في اقتصاديات وحضارات الصين وكوريا واليابان قبل سنوات ضوئية من معظم الدول الأوروبية خلال نفس الفترة التاريخية.

وتركّز هذه الاستراتيجية على تطوير البنية التحتية كطريق لخلق فرص العمل، والطلب على المنتجات والخبرات، ووصول المنتجات الصينية إلى كل الأسواق العالمية، التي توفر بدورها القوة التي تحتاجها الصين لمواصلة تعزيز مرونتها الاقتصادية ونفوذها الجيوسياسي.

ويقول كينغسميث أحد مؤلفي الكتاب إنّه عند تطبيق المبادرة، اتخذت الصين نهجًا عمليًا للغاية، مشيرًا إلى أنّ "الحزام والطريق" لا تتعلق بالفكر الاشتراكي أو توسيع النظام الشيوعي. ولا يمكن حتى اعتباره هجوما على منظومة الشركات العالمية المتعددة الجنسيات. ويؤكد أنّ الأمر على النقيض من ذلك تمامًا، لأنّ الصين تدعم بقوة منظمة التجارة العالمية، ومنظمة الصحة العالمية والوكالات الدولية الأخرى. ومن هذا المنظور، فالمبادرة فريدة حقًا ولا يمكن اعتبارها أحد أوجه الحرب الباردة أو نماذج ما بعد الحرب الباردة.

ولن يقتصر نهج الصين في تطوير البنية التحتية العالمية على تعزيز مكانة الدولة كقوة عظمى اقتصادية عالمية، بل سيبني أيضًا مبادرات جديدة وأدوارًا نوعية وسياسات متطورة وغير ذلك المزيد. ومن خلال مبادرة "الحزام والطريق"، ربما تكون الصين قد وضعت نفسها في موقع استراتيجي لمواجهة العاصفة الاقتصادية القادمة التي أطلقتها جائحة "كوفيد-19"، والتي تركت العديد من الاقتصادات الغربية والأوروبية ممزقة.

وحتى الآن، لم تنسحب البلدان "المنكوبة بالديون" من مبادرة الحزام والطريق، وأعاد الكثير منهم التفاوض بشأن شروط الاقتراض. ويقول المؤلفان إن ّكندا ستحسن صنعاً إذا انتبهت إلى المبادرة، وأنّ تجاهلها سيكون خطأً. ويقول كينجسميث: "هناك العديد من الفرص لكندا، خاصة مع خبرتها في الهندسة والتنمية... إنّ الدبلوماسية الصينية المدفوعة بالبنية التحتية مهمة للغاية ولا يمكن تجاهلها". وستصبح قوة الإمكانات الهائلة أكثر تركيزًا على كندا، حيث تخرج البلاد من كوفيد-19 مع عجز متوقع يقدر بـ184 مليار دولار أو 8.5% من الناتج المحلي الإجمالي.

وفي العقود المقبلة، يبدو أنّ الصين ستكون قد وضعت نفسها في المكانة الصحيحة للتخلص من ويلات وباء "كوفيد-19". في حين أنّ جهود الحمائية التي تمارسها أمريكا- بسبب سياسات "أمريكا أولا" وحديث الرئيس دونالد ترامب عن "إلغاء ربط" الاقتصادين الأمريكي والصيني- ستفضي إلى آثار مشؤومة على الاقتصاد الأمريكي على المدى الطويل. ويشير دراش إلى أنّه في حين أطلقت الولايات المتحدة صندوقًا بقيمة 50 مليار دولار موجها للمؤسسات الأمريكية الخاصة ردًا على مبادرة الحزام والطريق، فقد يكون قليلًا جدًا ومتأخرًا للغاية.

تعليق عبر الفيس بوك