أنقذ نفسك!

 

جابر حسين العماني

Jaber.alomani14@gmail.com

 

كما أنّ الله سبحانه وتعالى جعل الشمس والقمر مسؤولان بشكل مباشر عن إنارة الأرض والسماء في أوقات الليل والنهار كذلك ألقى الله تبارك وتعالى مسؤوليات عظيمة على عاتق الإنسان لينير بها دنياه وآخرته، لابد للإنسان مراعاة تلك المسؤوليات الملقاة على عاتقه، ومن تلك المسؤوليات الهامة التي ينبغي على الإنسان الاهتمام بها لكيلا يقع في شباك الهلاك الجسدي، والنفسي، والاجتماعي هو إنقاذ نفسه من آفة المخدرات.

لا شك أنّ مشكلة المخدرات تشكل ظاهرة اجتماعية عالمية أرهقت الكثير من الشعوب، حيث تفاقمت بشكل غير طبيعي، وأصبح القضاء عليها أمر في غاية الصعوبة والتعقيد، ولا سبيل لإنقاذ النفس منها إلا بتكاتف الجهود من قبل الجميع، وذلك من خلال توفير الآتي:

أولا: الوقت الكافي والإرادة والعزم والإصرار على محو المشكلة من المجتمع محوًا لا رجعة فيه.

ثانيا: التوعية؛ فالمتأمل في تاريخ الأمم السابقة يرى أنّ الأمم كانت تؤمن بأهمية الوقاية المجتمعية،  لذا قيل إنّ الوقاية خير من العلاج، فمن أهم طرق الوقاية من المخدرات هي: التوعية المجتمعيّة، وهذا لا يكون إلا بتكاتف العلماء والمثقفين والمختصين في ذلك، إنّ اهتمام هذه الفئات بشريحة الشباب حتمًا سيكون أبلغ من غيرهم، وسيمنع الكثير من الجرائم الاجتماعية والأسرية على حد سواء، ولابد هنا من مراعاة التوعية الفاعلة والحقيقية التي تأتي بالترغيب والتشويق والتحفيز، والابتعاد عن العنف والتخويف والترهيب واللامبالاة، وذلك من خلال مراعاة الأهداف الواضحة للتوعية المراد تفعيلها في الأسرة والمجتمع على أن تكون ممنهجة بالشكل السليم المتناسب مع الأعراف الاجتماعية والأسرية.

وهنا علينا التركيز على أهميّة المساجد، والمدارس، والجامعات، والكليّات، فهي الأماكن الأهم في توعية الشباب بمخاطر المخدرات، والإدمان عليها، من خلال تدريس الطلاب والطالبات أضرار تأثير المواد المخدرة على العقل والنفس والجسم.

ثالثا: القوانين الصارمة والرادعة: وهنا لا ننسى دور الدولة في حفظ الأمن الاجتماعي، وذلك بسن القوانين الصارمة، التي هي في حد ذاتها تشكل عاملا وقائيا لحفظ المجتمع من انتشار آفة المخدرات والجرائم بين أفراد المجتمع الواحد، بل وتساعد في إيجاد العقوبات الصارمة لكل من تسوّل له نفسه بتعمد التجارة، أو التعاطي مع تلك المواد السامة والقاتلة، وهنا ينبغي على الدولة تكييف تلك القوانين بشكل أكبر وأفضل، بل وخلق أماكن حجر صحي ملائم ومحبوب للمتعاطين لتأهيلهم وتثقيفهم وتصحيح مسارهم، وتحويلهم إلى ناشطين فاعلين يحاربون المخدرات وسمومها بهدف حماية المجتمع وأفراده.

رابعا: الدور الإعلامي؛ فمن الطبيعي أنّ الإعلام له دور فاعل في نشر التوعية بشكل أسرع  فهو من الوسائل النافعة والهامة التي يحبها الناس ويتابعها بشكل كبير، لذا ينبغي إعداد برامج إعلاميّة وتثقيفية مسموعة ومقروءة الهدف منها نشر الوعي بين الشباب، وذلك من خلال إعداد مسلسلات أو محاضرات أو إعلانات مختصرة تبين تأثير المخدرات  الضارة والخطيرة على أفراد المجتمع كما فعلت بعض الدول الواعية من خلال الاستفادة من الممثلين واللاعبين المشهورين في العالم لتعريف المجتمع بمخاطر المخدرات على صحة الإنسان وخطورة التعاطي معها كما فعل اللاعب المصري الشهير محمد صلاح في الإعلان الذي قدّمه بعنوان "أنت أقوى من المخدرات" فصار بذلك قدوة حسنة لمحبيه في العالم.

خامسا: الدور الرقابي؛ إذ لابد من تفعيل الدور الرقابي الذي تقوم به مؤسسات الدولة في الرقابة على الأفلام والمسلسلات والإنترنت وغيرها بحيث لا تكون مسمومة بالتوجهات السلبية التي تجعل من الشباب منحرفين عن دينهم وقيمهم الدينية والاجتماعية والوطنية فتلك هي مسؤولية جسيمة وعظيمة لابد من مراعاتها جيدا في المؤسسات الرقابية ذلك للإسهام في إنقاذ حياة شبابنا ومجتمعنا من هلاك وشر المخدرات.

هنا أرجو أن نتأمل جيدا الآيات المباركات التي قالها الباري تبارك وتعالى والتي تبيّن لنا كيف يستطيع الإنسان أن ينقذ نفسه ويحفظها من الآفات والأضرار والأمراض الاجتماعية قال تعالى (فمن أبصر فلنفسه) الأنعام آية 104، (فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه) الإسراء آية 15، (ومن يكسب إثما فإنما يكسبه على نفسه) النساء آية 11، (فمن أبصر فلنفسه) الأنعام آية 104، (ومن شكر فإنّما يشكر لنفسه) النمل آية 40.

القرآن الكريم يبين لنا المسؤولية الفردية التي ينبغي أن يتحمل نتائجها الإنسان في مجتمعه وأسرته بصورة جلية ونقية وواضحة في أقوى عبارات جميلة ذكرنا بها وهي أنّ نجاة الإنسان بالدرجة الأولى هو مشروع إنساني شخصي فلابد للإنسان أن يسعى لإنقاذ نفسه من مخاطر المخدرات والمشكلات والآفات الأخرى التي تصيب المجتمع وذلك بالاستعانة والتوكل على الله سبحانه وتعالى، والاستفادة من تجارب الآخرين، لذا فإنّ رسالتي لك أيّها الإنسان في كلمتين لا ثالث لهما "أنقذ نفسك".