حُماة النهضة

فاطمة الحارثية

 

"إنّ مهمة الشرطي وإن كانت صعبة فهي مفخرة، فإنّ العمل يتطلب منه الإخلاص والأمانة أولاً، ثم مواصلة الجهد بلسان حلو ووجه بشوش" السلطان قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه-.

 

إنّ حب القراءة لا يحمل أية اشتراطات عن نوع ولغة أو شكل ما نقرأ، ومما يُثير فضولي قراءة حيوات الناس ومتابعة ما حولي من حقائق أصر أن أختبرها بنفسي، كي لا أطلق أحكاما بل أبدي رأيا عن خبرة. ومثلي كثيرون يحبون قراءة الشؤون القانونية ومتابعتها لمعرفة واجباتهم قبل حقوقهم وما عليهم وما لهم، وبكل تأكيد تعد المستجدات من الأمور الهامة التي وجب الإلمام بها، لنتوازن في مجتمع راسخ حكيم، سليم، يؤمن بالقيم والمبادئ ويُحيي العادات والتقاليد، كل يؤدي دوره لتثبيت راية عمان السلام.

 

مما سمعت:

  • يا أخي الشرطة هذيلا صعبين ما يتفاهمون
  • الشرطة جلدين مرة يصكك بمخالفة
  • ما فيهم.. وما يخلوك تتكلم حتى
  • ...

لن أزيد، ولكن ماذا تعلم أيّها القائل عن رؤيتهم أو عن رسالتهم أو دورهم واختصاصهم أو حتى تاريخهم المشرف محليا ودوليا.

 

مما اختبرت ورأيت:

لا أعتقد أنّ هذا المقال قد يفي بعض حق حُماة عمان وأهلها إنّهم شركاء المجتمع الشرفاء الرحماء الأباة أو حتى جزءا صغيرا من الوفاء والعطاء المنقطع النظير الذي يقدمونه. ليس لديّ قريب يعمل في المجال الشرطيّ "بالعماني ما عندي واسطة في الشرطة" بيد أنني لم أحتج ذلك يوما، فطوال عمري لم أجد أية صعوبة في التعاملات والمعاملات مع الشرطة، ولم أشهد عليهم غير قمة الخُلق والرزانة وحسن التدبير والمساعدة، كما ولم أسمع من قريب حكيم متزن غير الثناء عليهم وعلى جهودهم ومساعداتهم المثمرة الجميلة القديرة. إنّهم لا يتوانون لحظة عن تلبية حاجات المواطن والمقيم كيفما كانت ما دامت تحت إمرتهم وقدرتهم وفي مجالهم.  

طوال أيام العيد وقبلها وهم دون كلل أو ملل في متابعة حثيثة لأوضاع وسلامة الناس في كل ربوع عمان من كوفيد-19 وغيرها من الأمور، بوركت القلوب الطيبة الصبورة الكاتمة والمتماسكة لشوقهم لأهلهم، للإفطار بين أطفالهم وأمهاتهم وأخواتهم وآبائهم وإخوانهم، جزاهم الله خيرًا وعوضهم في رغبتهم بأن يضحكوا بين أحبائهم ويساعدوا في فرش إفطار العيد "العرسية" أو تجهيز الشواء أو المشاكيك أو حتى شراء حوائجهم وتوزيع الهدايا والعيدية، فهم بعيدون عنهم لأنهم بيننا نراهم من حولنا في كل مكان وهم ينثرون الابتسامة والسلام عند نقاطهم المختلفة "تحت وطأة الشمس الحارقة" ومن خلف الدوريات في كل أنحاء المناطق، يلبون النداء فور التواصل معهم، في أي ساعة وفي أي وقت ومكان، بكل هدوء يقدمون يد المساعدة وآخرون خلف مراكز الاتصال يُجيبون على اتصالات واستفسارات المواطنين والمقيمين كيفما كانت.  

 

جسر...

أقول لكل قائل سلبي: أبناء الشرطة لا يستمعون فقط بل يصغون جيدا لكل شيء ويُبهرون المتلقي بنباهتهم وسرعة البديهة لديهم في التقصي قبل أجوبتهم الواضحة، ولا أخفي انبهاري لتلك القدرات والتي إن دلت على شيء إنما تدل على حُسن التدريب والتعليم والتوجيه والقيادة. وللعلم إنّ المخالفات وضعت للحد من رعونة المستهترين فالمواطن المتزن المخلص لا يحتاج إلى دفع أية مخالفة على فرض أنّه لا يأتي بخطأ.

إنّ السلاسة التي تجدها عند هذه المؤسسة العظيمة في أدائها لا نجدها عند الكثيرين، وحُسن الاستجابة والرأفة لا تعد ولا تُحصى.

 

بارك الله في كل فرد صالح فيها وعوضهم خير الثواب عنا.. دمتم حُماة النهضة آمنين.