وفاة الطبقة الوسطى في لبنان مع تفاقم الأوضاع الاقتصادية

ترجمة- رنا عبدالحكيم

على مدى الأشهر القليلة الماضية، ومع انخفاض قيمة الليرة اللبنانية بنسبة 60%، بعدما تسببت الإغلاقات الناجمة عن وباء كورونا في تعطل عمل الشركات وتسريح العمالة، تعلم عمال المؤسسات الخيرية أن الفقر أصبح تجربة أكثر انتشارًا، فالمظهر الخارجي الجميل لمباني "طرابلس الشرق" أصبح- بشكل متزايد- يأسًا يخفي الواجهة، إنّها تجربة جديدة لسكان المدينة والدولة.

وبحسب تقرير نشرته مجلة فورين بوليسي الأمريكية، لدى أصحاب محلات البقالة والصيادلة في معظم أنحاء المدينة عشرات أو مئات فواتير لم يتم دفعها من قبل الأسر غير القادرة. بينما يحشد نشطاء العمل الإنساني طاقاتهم من أجل تبادل معلومات عن أسماء وعناوين العائلات المدينة، للدفع عنهم، دون الإفصاح عن أسماء المتبرعين. وقالت المجلة في تقريرها: "إنه لأمر مخجل أن تتحمل الطبقات الوسطى العربية الدين فيما بينها، كما أنّ أي شكل من أشكال الاعتراف العام بتناقص الثروات يمكن أن يؤدي إلى انهيار كارثي للوضع الاجتماعي".

والعاملون في المجال الإنساني، وكذلك السكان المحليون، يفهمون المأزق، إنّهم يوزعون في هدوء مغلفات بيضاء صغيرة تحتوي على 350 إلى 550 دولارًا نقدًا، تبرع بها لبنانيون من خارج طرابلس، إلى بعض المحتاجين.

وسعت لبنان حتى الآن للحصول على مساعدة دولية لحوالي مليوني لاجئ سوري وفلسطيني، وتجد الآن أنّ 75% من سكانها بحاجة إلى المساعدة، وكان معظمهم من الطبقة الوسطى. إنهم لديهم ما يكفي لشراء الطعام، على عكس فئات الدخل التي تحتها، لكنهم يفتقرون إلى المال الكافي لدفع فواتير الهاتف وشراء الوقود وصابون المنظفات وغيرها من الضروريات اليومية.

وقال روي بدارو الاقتصادي اللبناني، إنّ 65% من سكان لبنان ينتمون إلى الطبقات الوسطى حتى وقت قريب، لكن البنية الطبقية في لبنان كانت تنهار بسرعة. وأضاف بدارو "لقد فقدت الطبقة الوسطى ما يقرب من ثلثي قوتها الشرائية وانتقلت إلى الطرف الأدنى من الطيف. وعندما تميل الطبقة الوسطى إلى الاختفاء تقريبًا في أي بلد، ّفإنها تجلب اختلالًا تامًا في النظام بأكمله وتعطلًا اجتماعيًا".

ومرّ لبنان بأزمة قبل فترة طويلة من الاضطراب الناجم عن جائحة فيروس كورونا، تعود نشأتها إلى التسعينيات، عندما كان لا بد من إعادة بناء البلاد بعد حربها الأهلية. لكن بعد ذلك، كما هو الحال الآن، لم تفلح الدولة في عملية التصدير لكنها استوردت الكثير، مما جعل الخزائن العامة فارغة.

والآن لبنان في وضع صعب. وبحسب تحذير للبنك الدولي في نوفمبر الماضي، كان من المتوقع أن يرتفع معدل الفقر في لبنان من 30 إلى 50%. ومن المتوقع أن يرتفع هذا الرقم إلى ما بعد نقطة المنتصف بمجرد الأخذ في الاعتبار تأثير تخفيض قيمة العملة والبطالة الناتجة عن الوباء.

وبينما من المتوقع أن تتقلص الاقتصادات في جميع أنحاء العالم هذا العام، توقع صندوق النقد الدولي حدوث انكماش بنسبة 12% للاقتصاد اللبناني. وللمرة الأولى، تخلف لبنان عن سداد ديونه لسندات اليورو بقيمة 1.2 مليار دولار كوسيلة للاحتفاظ بالمال داخل البلاد لدفع تكاليف الخدمات الأساسية. ومع ذلك، يُخشى أن يؤدي ذلك إلى زيادة تقليل مصداقيتها بين الدائنين. وفي الوقت نفسه، لا تزال ديون الدولة هي ثالث أعلى نسبة في العالم، بما يعادل 170% من ناتجها المحلي الإجمالي.

علاوة على ذلك، يقول الخبراء إنّ أي صفقة مع صندوق النقد الدولي ستكون مرتبطة بإجراءات التقشف التي قد لا تتناسب مع المحتجين.

تعليق عبر الفيس بوك