الكويت في زمن كورونا!

يوسف عوض العازمي **

  alzmi1969@

"لأطمئنكم بأن الكويت قد تجاوزت منذ نشأتها العديد من الأزمات والتحديات والأطماع والمخاطر الجسام وقد سجل التاريخ للكويتيين مواقف عظيمة وأمثلة رائعة في التضحية والبذل والعطاء و التكاتف والتعاون حتى كتب الله لهم الغلبة و الفوز "..  صباح الأحمد الجابر الصباح

تعرضت الكويت كغيرها من بلاد العالم لأزمة كوفيد 19 المعروفة بكورونا، وكان التعامل الرسمي مع مجريات ظروف الجائحة مناسبا للحدث، وقامت الحكومة الكويتية بإجراءات سريعة للتعامل مع الظرف الطارئ، وقامت بإصدار قرارات تاريخية غير مسبوقة تصب في مكافحة ومواجهة الوباء القاتل. وكانت توجيهات سمو الأمير-  حفظه الله ورعاه- واضحة وحازمة إذ وضع المصلحة العليا للبلاد فوق أي اعتبار، وكان ملفتا توجيهه كلمة متلفزة للشعب الكويتي طمأن خلالها الشعب بأن الحكومة ستقوم بعمل كل ما يلزم لتحقيق الأمان المنشود للمواطن، حيث تم وقف الصلاة بالمساجد (الكويت أول دولة توقف الصلاة بالمساجد لأسباب وقائية) وأيضا وقف الدوامات في الحكومة وأصبح الدوام فقط للوظائف  الضرورية، وتم تعطيل الدراسة بكافة مراحلها حتى الآن،  وفي بادرة مشكورة وعد بأن يتم إجلاء جميع المواطنين الكويتيين بالخارج لبلدهم حتى يقضوا شهر رمضان المبارك مع أهلهم، كذلك وجه سمو الأمير باتخاذ إجراءات لمواجهة الأزمة الإقتصادية المتوقعة جراء تبعات كورونا؛ حيث قامت الحكومة بتأجيل سداد الاقساط للمواطنين على البنوك وبنك الائتمان والتأمينات لمدة ستة أشهر قادمة، كذلك تم لاحقا فتح المجال للعودة من المنافذ البرية للمواطنين الموجودين في المملكة العربية السعودية الشقيقة  وقرر كذلك وزير الداخلية إعفاء المخالفين لقانون الإقامة من دفع الغرامات علاوة على السماح لهم للعودة مرة أخرى بحسب اللوائح بجانب تذكرة طيران مجانية للعودة لبلادهم، ونالت هذه البادرة استحسان الكثير من المقيمين حيث استفاد منها أكثر من 30 ألف مخالف من جنسيات متنوعة.

ثمة ملاحظات أخرى على بعض الأمور لكنها بصراحة لم تؤثر على الرضا العام، وكان الحظر الجزئي بالأول ثم زيادته بشكل طفيف، ثم قررت الحكومة إلى فرض الحظر الكلي (قبل الحظر الكلي كانت هناك منطقتان يطبق عليهما الحظر الكلي وهما المهبولة وجليب الشيوخ بسبب النسبة الكبيرة للعمالة الوافدة وصعوبة السيطرة) ولازال الحظر الكلي مستمرا حتى تاريخ الثلاثين من مايو.

ويبدو أن الأمور ستفتح بعد ذلك وإن كانت التوقعات تشير إلى أن فتح البلاد لن يكون شاملا، بل سيكون بشروط معينة. 

بالطبع المقال لا يكفي لذكر أمور كثيرة حدثت مثل مشكلة الكمامات التي وعدت الحكومة بتوفيرها مجانا عبر مراكز التموين ثم تراجعت وقررت بيعها عبر التموين أيضا وبسعر أثار الكثير من التساؤلات، ومن ثم أيضا تم إلغاء توفير الكمامات حكوميا لا مجانا ولا بيعا!

ربما هذه من السلبيات القليلة، ولكن لن نغفل عن جهود وزارات الدولة الجبارة خاصة ببداية الازمة؛ حيث ولأول مرة منذ زمن يتفق جل الكويتيين في الرضا على عمل الحكومة. 

الآن هناك تساؤلات حول مابعد كورونا ، وهناك أيضا حيرة من وضع العام الدراسي، صحيح هناك قرار باستكماله في أوائل أغسطس، لكن الكثيرون يرون بأن إنهاءه هو الأفضل عطفا على الظروف الإستثنائية (دولتان خليجيتان أنهتا العام الدراسي هما السعودية وعمان) وبالإمكان إيجاد حل معقول، والتعامل بطريقة مجدية تنفع ولاتضر العملية التعليمية وأطرافها الأستاذ / الطالب، كذلك الوضع في جامعة الكويت؛ حيث وبعد انتظار قرر مدير الجامعة تشكيل لجنة مختصة للنظر في التعليم عن بعد، والمشكلة في هذا الموضوع باعتقادي هو الجانب القانوني لأن التعليم عن بعد في الكويت يبدو أنه يحتاج تشريعا أو قرارا يقننه ليكون متاحا ومعترفا به.

فهناك جامعات خاصة ومدارس خاصة بالكويت طبقت التعليم عن بعد وحسب ماعلمت بأن التجربة لم تكن بالشكل المأمول. 

كثيرة هي الأمور بخصوص كورونا بالكويت، لاشك أن التعامل الحكومي كان على مستوى الحدث، فالمواد الطبية والغذائية وغيرها لم يشعر بنقصها المواطن، وقامت الجمعيات التعاونية (مراكز سوبر ماركت شعبية) وغيرها من الأسواق بتوفير كل الحاجيات وبالأسعار المعتادة، وكذلك كانت جهود الأمن ممتازة، ولن ننسى المتطوعين من الشباب والشابات من الكويتيين الذين واجهوا وتقدموا لخدمة البلد وأهله والكثير منهم أصيب بالوباء بسبب ذلك، نسأل الله الشفاء للجميع  كورونا.

كانت ملحمة كويتية بقيادة سمو الأمير والحكومة المميزة والشعب الوفي والمقيمين الشرفاء، اعادت هذه الازمة الثقة الشعب بمؤسسات الدولة ، وقدرتها على تحمل الضغوط، وأعطت المواطن ثقة متجددة في بلده، صحيح هناك أخطاء لكن الإيجابيات غطت على الكثير، لقد قدمت الكويت مثالا للدولة الحديثة المعطاءة القادرة على مواجهة أعتى الظروف وبثقة. 

حفظ الله الكويت وأهلها والإنسانية جمعاء من كل وباء وضر وشر.

** كاتب كويتي